المشروع الديمقراطي في سوريا والتحديات
الدار خليل
يعتبر تأسيس مشروع الإدارة الذاتية قفزة نوعية على الصعيد الإداري في سوريا والمنطقة بعد أن كان نظام الحكم المركزي والتسلطي هو القابع والجاثم على صدور الشعب. الظروف والأوضاع التي انطلقت منها الإدارة والتي كانت صعبة جداً ساهمت في تحقيق بناء الإدارة والقرار لعموم الشعوب في شمال وشرق سوريا، لهذه الأسباب وكونها، أي الإدارة الذاتية، تمثل مشروعاً نابعاً من إرادة وحاجة الشعب، وتصر على بناء إرادتهم وقرارهم الحر وتطوير فلسفة الحماية الذاتية والدفاع الذاتي وإحياء كل ما تم مصادرته من ثقافة ولغة وهوية وتاريخ وفن؛ فإن هذه الإدارة كانت ولا تزال مستهدفة من طرف من لا يريد لهذه الأمور أن تتحقق.
تتعرض الإدارة الذاتية لهجمات قوية منذ تأسيسها بهدف منع الشعوب من أن تكون واحدة في عيشها وقرارها وإرادتها؛ هذه المحاولات تكشف وبشكل جلي الهدف الرئيسي لهذه القوى والأطراف بعد أن فشلت في منع تطور تجربة الإدارة الذاتية، فحولوا الثقل برمته إلى استهداف حالة التجانس المجتمعي وشكل العيش المشترك والأخوّة بين شعوب الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا؛ بهدف إفشال المشروع، كما حاولوا سابقاً، لكن هذه المرة عبر استهداف الشعوب في وحدتها من خلال خلق الفتن، حيث باتت هذه ورقتهم الأخيرة ضد الإدارة فقط؛ لأن الإدارة تحافظ على هوية ووجود الشعوب وتشكل خطراً على جميع مشاريع الإبادة والتصفية والإنكار التي يريد أعداء شعبنا تطبيقها عليه.
وإضافة لكل الممارسات والانتهاكات التي تتم في المناطق التي تحتلها تركيا ورغبة في إشباع دوافعهم بإبادة شعبنا، فإنهم يجهدون اليوم في ضرب مشروع الإدارة في المناطق التي أثبتت فيها الإدارة نفسها كمشروع ريادي في سوريا ووفرت الأمان ومنعت إجراءات تطور الإرهاب والتطرف والتآمر على الشعب السوري.
ما يحدث في منبج وقبلها في مناطق أخرى هو بشكل واضح استغلال للمطالب الشعبية وحق الاحتجاج السلمي والديمقراطي الذي تقره الإدارة الذاتية؛ من خلال هذا الاستغلال تحاول تركيا تمرير مخططاتها عبر مرتزقتها في تلك المناطق، ويتناغم معها النظام السوري في المسلك من أجل تقاسم النتائج الناجمة عن تلك التدخلات والفتن على حساب استقرار أهلنا وتضحياتهم التي قدموها في سبيل تحرير منبج وباقي المناطق من هيمنة وعنهجية البعث كذلك من تركيا ووكلائها، سواء داعش أم المرتزقة.
الإدارة الذاتية تمثل اليوم مشروعاً هو طموح لكل السوريين، وتقف أمام محاولات تفتيت سوريا وشعبها وتطور ما يمكن من خلاله الحفاظ على الهوية من الإبادة؛ لذا حينما يتم استهدافها، فإن إرادة كل السوريين مستهدفة، وإن أي بديل لمشروع الإدارة سيكون مثالاً حياً من مشروع الإخوان والمرتزقة المدعوم تركياً ومشروع الهيمنة والتسلط الذي يتبناه النظام السوري ويسعى لفرضه على السوريين