يبدو أن غيوم حرب روسية أمريكية قد بدأت تتشكل في سماء سوريا.
طالبت روسيا في مجلس الأمن الدولي يوم أمس، الخميس 27 يناير، بالانسحاب الفوري من الأراضي السورية لجميع القوات الأجنبية المتواجدة بشكل غير شرعي.
بعد رفض الولايات المتحدة الأمريكية للإنذار الروسي بشأن الضمانات الأمنية، يبدو أن الصراع العسكري بين الولايات المتحدة وروسيا قد أصبح حتمياً.
والآن أصبح هناك صراع بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية حول السيناريو الذي ستتطور بموجبه هذه الأزمة. تكمن خصوصية الموقف في حقيقة أن ميزان القوى الآن أقل أهمية بكثير من هذا السيناريو. حيث سيكون النصر مضموناً للطرف القادر على فرض السيناريو الخاص به للصراع.
تحاول الولايات المتحدة فرض “حرب بالوكالة” على روسيا، بمعنى إثارة نزاع عسكري بين روسيا وأوكرانيا، تحاول توريط أوروبا كذلك فيه. في الوقت نفسه، فإن واشنطن بذلك تضعف روسيا وأوروبا، وتضمن ولاء أوروبا، وتطلق العنان للحصار أو أي إجراءات أخرى ضد الصين.
روسيا، وعلى العكس من ذلك، تسعى بكل ما أوتيت من قوة لتجنّب الصراع في أوكرانيا، ويبدو لي أنها ستحاول فرض صراع مباشر بين القوتين العظميين، بينها وبين الولايات المتحدة الأمريكية، وهو أمر غير موات بالمرة للأخيرة عشية أزمتها مع الصين. بهذه الطريقة تضع روسيا الولايات المتحدة بين خيارين إما إنفاق موارد ضخمة على حربها المباشرة مع روسيا، ما سيجعل خسارة الولايات المتحدة للصين أمراً لا مفر منه، أو الاستسلام لروسيا في أوروبا.
وليس هناك مكان أفضل من سوريا لهذا السيناريو.
وكما أشرت سابقاً في إحدى مقالاتي، أنني أنتظر قيام روسيا بعمل عسكري ضد القوات الأمريكية الموجودة بشكل غير شرعي على الأراضي السورية، وهو ما سيجعل “كردستان السورية” تحت سيطرة دمشق.
في هذا الصراع، من المرجح أن تضمن روسيا حياد أوروبا. وإذا لم تتأثر المناطق التي تسيطر عليها تركيا، فمن غير المرجح أن تعارض هي الأخرى مثل هذا الأمر. ستجد الولايات المتحدة حينها نفسها في عزلة نسبية، أو على الأقل ستنكشف كمعتدية ومحتلة في نظر المجتمع الدولي.
لا يزال خطر العدوان الأوكراني على إقليم الدونباس، وحرب روسيا على جبهتين قائماً، لكن سيتعين حينها على روسيا تحمّل هذه المخاطرة. وبالمناسبة، فإنه لهذا السبب بالتحديد تتعجل الأطراف حتى لا يكون هناك وقت للعدو في فرض السيناريو الخاص به.
تجدر الإشارة هنا إلى أنه في هذه الحالة، سيظهر خطر على منشآت النفط والغاز في الخليج، وإمكانية انجرار قطر إلى خطر محتمل جراء الحرب الروسية الأمريكية، كما أشرت في مقالي السابق.
بطبيعة الحال، كل ما تم وصفه أعلاه ليس سوى سيناريو محتمل، فلا أحد يعرف خطط الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين سواه شخصياً. إلا أنني أرى المزيد والمزيد من الأدلة لصالح السيناريو المذكور.
ADARPRESS#