أشارت العضو في منسقية مجلس المرأة بشمال وشرق سوريا ستير قاسم إلى أن الهدف من هجوم خلايا مرتزقة داعش على سجن الصناعة هو محاولة لإعادة إحياء التنظيم من جديد، معتبرةً أن هناك أيادي لها علاقة في هذا الهجوم منها الاحتلال التركي الذي زاد هجماته على المنطقة، بعد فشل مخطط داعش.
في آذار/مارس عام 2019، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية قضائها على تنظيم داعش الإرهابي، بعد سقوطه في آخر معاقله ببلدة الباغوز في إقليم دير الزور بشمال وشرق سوريا، وذلك على إثر هجوم كبير شنته على مناطق سيطرة داعش، حيث استطاعت قوات سوريا الديمقراطية أن تلقي القبض على نحو خمسة آلاف عنصر من مرتزقة داعش من ضمنهم عدد كبير من الأجانب، وتم نقلهم إلى سجن الصناعة بمدينة الحسكة بإقليم الجزيرة.
وفي 20 كانون الثاني/يناير الماضي شنت خلايا داعش هجوماً على السجن، وخلاله استطاع عدد كبير من مرتزقة داعش المحتجزين داخل السجن الفرار عن طريق إحداث استعصاء داخل السجن، قبل أن تتمكن قسد ومختلف القوات العسكرية في المنطقة من إفشال الهجوم بعد أيام من المعارك، وإلقاء القبض على الفارين، فيما قام بعضهم بتسليم أنفسهم.
العضو في منسقية مجلس المرأة في شمال وشرق سوريا ستير قاسم أوضحت أن الهدف من الهجوم الذي شنته خلايا داعش هو محاولة لإعادة إحياء التنظيم في العالم بأكمله ومناطق شمال وشرق سوريا خاصةً “من المؤكد أن هجوم بهذا الحجم ليس من تخطيط داعش فقط، إنما هناك دول إقليمية مشاركة في هذا المخطط، فبعد اجتماع أستانا الأخير الذي ضم تركيا وروسيا وإيران أعتقد بأن لهذه الدول ومخابراتها علاقة بما حدث من هجوم خلايا داعش على سجن الصناعة، والذي كان يستهدف مناطق شمال وشرق سوريا وتجربة الإدارة الذاتية، فلا يروق للدول الإقليمية المتدخلة بالشأن السوري وبعض الدول الغير إقليمية أيضاً حالة الأمان والاستقرار في مناطق شمال وشرق سوريا، وحتى في سوريا عامةً”.
وتابعت ستير قاسم “داعش كان أداة لإعادة الفوضى والاحتلال والإرهاب إلى مناطق شمال وشرق سوريا بعد هزيمته عسكرياً في الباغوز بريف دير الزور من قبل قوات سوريا الديمقراطية التي تتكون من جميع مكونات المنطقة، إذ كان الانتصار على داعش عسكرياً انتصاراً كبيراً، ونستطيع القول أنه كان انتصاراً للبشرية جمعاء، ولكن الدول الإقليمية المتدخلة بالشأن السوري والمستفيدة من استمرار الأزمة السورية أرادت إحياء هذا التنظيم؛ بهدف تثبيت مصالحها ونفوذها في سوريا التي تعيش صراعاً منذ عام 2011، ومنذ أن تحول الحراك السلمي الشعبي إلى صراع مسلح ودموي بتدخلات الدول الإقليمية وبعض الدول الكبرى، وحتى الآن لا يبدو أن هناك أفق لحل الأزمة السورية”.
وأكملت “حاول داعش وبكل قوته بهجومه على سجن الصناعة أن ينفذ خطة تهدف إلى إخراج قيادات التنظيم من السجن لإعادة إحياءه في سوريا والعراق ودول أخرى في العالم، ولكن استطاعت قوات سوريا الديمقراطية وبدعم من التحالف الدولي، وتكاتف شعوب المنطقة، إفشال خطة التنظيم، وقدمت العديد من التضحيات من شهداء وجرحى ولكنها أعلنت في النهاية السيطرة على السجن مع وجود عدد من مرتزقة داعش الهاربين وتتم ملاحقتهم من قبل قسد وقوى الأمن الداخلي، واستمرار عملية تمشيط المناطق المحيطة بسجن الصناعة في مدينة الحسكة”.
واعتبرت ستير قاسم أن صمت المجتمع الدولي حول الهجوم الذي شنه داعش على السجن رغم معرفته بخطر هذا التنظيم الإرهابي على العالم أجمع، مخزي ومعيب ويناقض القوانين والمواثيق الدولية التي وضعها عن حقوق الانسان “هناك بعض الدول التي تتحكم بالمجتمع الدولي، فالأزمة السورية هي أزمة معقدة جداً وليس هناك وضوح للحل في سوريا، وعدم وضوع الرؤية هو الذي يعطل المجتمع الدولي ويجعله ضعيفاً أمام القيام بواجبه، رغم مطالبات ومناشدات شعوب شمال وشرق سوريا وقواتها العسكرية بإنهاء وجود داعش ومحاكمة المرتزقة المعتقلين وإخراج عوائله من مخيم الهول الذي يعتبر قنبلة موقوتة يمكن أن تنفجر في أي لحظة، وإعادتهم إلى بلادهم، وهناك مطالبات كثيرة منها إما محاكمة المرتزقة في شمال وشرق سوريا أو أن يأخذوا إلى بلدانهم ويحاكموا فيها، إلا اننا كما نشاهد المجتمع الدولي لا يزال صامت وتتحكم به قوى إقليمية وهذا ما يؤسف له”.
وأشارت ستير قاسم إلى دور مجلس المرأة في التحرك السياسي لإنهاء وجود داعش في المنطقة “كمجلس المرأة في شمال وشرق سوريا كان لنا لقاءات ومطالبات عدة، للحديث عن خطر تنظيم داعش بعد أن شن هجوماً على سجن الحسكة، والذي ما زال قائماً بسبب تواجد عوائل التنظيم في مخيم الهول وخلاياه النائمة، لكن العالم لا يحرك ساكناً نظراً لأنه لا يملك الحل بعد في سوريا، رغم أن أحد بنود بيان جنيف 22ـ54 مكافحة الإرهاب، الذي يعد طريقاً لحل الأزمة السورية، ولكن ومع الأسف لا تتم مكافحة الإرهاب إلا من قبل قوات سوريا الديمقراطية ودعم التحالف الدولي في مناطق شمال وشرق سوريا، وكأن هذه المناطق هي المعنية بمكافحة الارهاب وتقديم التضحيات من قبل شبانها وشاباتها في صفوف قوات سوريا الديمقراطية والتي لا تزال تقدم التضحيات، ولكن على المجتمع الدولي أن يقوم بمسؤوليته وواجبه لأن خطر داعش يهدد العالم بأكمله وليس مناطق شمال وشرق سوريا وحسب”.
وحول إنشاء محكمة دولية لمحاكمة مرتزقة داعش بينت ستير قاسم أن “الإدارة الذاتية كيان غير معترف به سياسياً، وحسب القوانين الدولية يجب أن تقام المحكمة في بلدان ودول لها شرعية كالولايات المتحدة الأمريكية، إذ طالبت الإدارة الذاتية مراراً بإنشاء محاكم في شمال وشرق سوريا لمحاكمة المرتزقة، ولكن غالبية الدول تتهرب من هذه المسؤولية لأنه بمجرد إنشاء محاكم في هذه المناطق سيتم الاعتراف السياسي بالإدارة الذاتية الديمقراطية، وهذا ما لا تريده دول وبلدان كثيرة كإيران وتركيا والنظام السوري، ولا يرغبون بالاعتراف بالإدارة الذاتية لأنها نموذج ديمقراطي يهدد هذه الدول المستبدة، وبالتالي فإن نجاح هذا النموذج بنيل الاعتراف السياسي هو خطر يهدد هذه الدول”.
وتابعت “كان للإدارة الذاتية مطالب أخرى وهي أخذ مرتزقة داعش إلى بلدانهم في حال لم تتم محاكمتهم، وهناك بعض الدول التي تساعد في أخذ رعاياها من نساء وأطفال، ولكن العناصر الخطيرة من قيادات داعش ما تزال في سجون شمال وشرق سوريا والدول لا تحرك ساكناً، وكمجلس المرأة في شمال وشرق سوريا والإدارة الذاتية سنستمر بالمطالبة بإعادة المرتزقة إلى بلدانهم ومحاكمتهم هناك أو إنشاء محكمة دولية لهم في مناطقنا؛ لأن الشعب لم يعد يقبل بالصمت الدولي وخاصة بعد الأحداث الأخيرة التي جرت في سجن الصناعة بمدينة الحسكة”.
وأشارت ستير قاسم أن تركيا كانت من أحد الأطراف المشاركة في الهجوم الذي شنته خلايا داعش على سجن الصناعة، “زاد الاحتلال التركي من هجماته على مناطق شمال وشرق سوريا في ظل هجوم تنظيم داعش على السجن، بهدف تشتيت قوات سوريا الديمقراطية وقوات التحالف الدولي حتى يتسنى لمرتزقة داعش وخلاياه النائمة أن تسيطر على السجن، فعندما تتشتت القوات العسكرية بين عدة جبهات كجبهة عين عيسى وتل تمر ومنبج وغيرها، وبين المؤامرة الكبرى والمخطط الكبير في سجن الصناعة، فلا بد من أن يؤثر هذا بشكل سلبي على فعالية القوات العسكرية”.
وأضافت “مخطط الاحتلال التركي باء بالفشل، فقوات سوريا الديمقراطية بتجهيزها العسكري العالي المستوى استطاعت أن تفشل الخطة سواء كانت في سجن الصناعة أو استهداف المناطق المحاطة بالشريط الحدودي، وفي النهاية من حقنا أن ندافع عن أنفسنا وعن مناطقنا سواء كنا قوات أو مؤسسات مجتمعية ونسوية حتى نتمكن من الوصول إلى حل للأزمة السورية التي لا تتم إلا بإخراج قوات الاحتلال التركي من مناطق شمال وشرق سوريا، والمناطق السورية عامة”.
واختتمت ستير قاسم حديثها موضحةً أن كل ما يجري في مؤتمر جنيف والمفاوضات التي توقفت واللجنة الدستورية المعطلة هو دليل على أنه إذا لم يتم إخراج الاحتلال التركي والدول الأخرى المحتلة من سوريا، ولم يتم إشراك مناطق الإدارة الذاتية في مفاوضات السلام واللجنة الدستورية، لن يكون هناك حل للأزمة السورية “الحل معطل الآن لأن هناك إقصاء وإبعاد لمناطق الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا وبجميع مكوناتها، وكأنها غير موجودة، وهذا ما بدا واضحاً في إحاطة المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا “غير بيدرسون” عندما صرح أن قوات سوريا الديمقراطية غير ممثلة في المفاوضات، ويعتبر هذا موقف ضعيف، إقصائي وإنكاري لوجود مناطق شمال وشرق سوريا ومكوناتها والإدارة الذاتية، لذا سيبقى الوضع هكذا في حال تم إقصاء جزء كبير من الشعب السوري الممثل في مناطق شمال وشرق سوريا.