نبذة في بنية جرائم الشرف
زهرة سمعو
تداولت وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي أمس قضية تعتبر احدا القضايا الاشكالية الهامة في مجتمعانا قضية “جرائم الشرف”.
هذه القضية التي لم تختفي من حياة مجتمعات الشرق الأوسط بالرغم من الأزمات الكبرى التي تعيشها هذه المجتمعات هي نتيجة تراكمية للحالة السلطوية الذكورية الممتدة لألاف السنين
ظاهرة القتل المتعمد “بدافع الشرف” يعني قتل نفس بشرية ” امرأة ” من قبل أقرب المقربين إليها، هذا النوع من القتل هو أشد درجات العنف الممارس ضد المرأة ، وهذه الظاهرة هي الأكثر انتشاراً في المجتمعات المنغلقة.
وفقا للأمم المتحدة يتم قتل ما لا يقل عن 5000 امرأة في العالم تحت عنوان جرائم الشرف كل عام وهذا رقم مخيف في القرن الواحد والعشرون وقريب جداً من احصائيات الأزمات البنيوية التي يعيشها العالم والناجمة عن التسلط والعنف المفرط بحق الانسانية والطبيعة على حدٍ سواء.
حقيقة لا يمكن تصور الحالة التي يقوم فيها الأب أو الأخ بقتل احد افراد الاسرة أو يكون سببا في قتلها عمداَ وعن سابق اصرار وتصميم ؟ لنتساءل ما هي الحالة النفسية والعقلية التي يعيشها القاتل وهل هو سوي وكيف يتعايش مع محيطه ؟.
تبقى جرائم القتل المتعمد بحق المرأة اسلوباً سلطوياً عنيفاً وجريمة تستهدف المرأة وكسر ارادتها وانهاء حياتها من على الوجود إن خرجت على السلطة الذكورية، فالقوى المهيمنة التي تعتبر المرأة سلعة عرضة للبيع والشراء هي ذاتها من تحارب الطبيعية والانسانية والفكر الانساني بكل اساليب الحرب الخاصة .
جرائم الشرف والتي لم تصنف في العديد من الدول كجريمة قتل نفس انسانية أمر مؤسف ، في سوريا لا تزال هذه الجريمة مباحة دون أي رادع انساني أو اخلاقي أو قانوني، بالرغم من إن الاديان والقوانين والدساتير يرفضون بشكلٍ قاطع قتل نفس بشرية.
الأسباب الكامنة وراء انتشار ما يسمى بـ ”جرائم الشرف” هي عدم وجود فكر ووعي كافِ يرتقي بالمجتمع، لازالت العادات والاعراف الذكورية هي السائدة قانون الغاب والبقاء للأقوى هو السائد في ظل نظام كالنظام السوري, فالأقوى هو الذي يفرض وجوده على الأخرين وعلى اعتبار الاسرة صورة مصغرة عن النظام الدولتي السلطوي فأن الذكر هو الاقوى ويمتلك الحق في القضاء على الجميع ليحافظ على بقاء سلطته وهيمنته.
لذا تبقى هذه القضية قائمة في ظل وجود سلطة الهيمنة الذكورية، جريمة المغدورة “عيدة ” التي قتلت بطريقة وحشية بأطلاق الرصاص عليها الى أن فارقت الحياة أمام أعين العشرات من اهاليها واقربائها ومن ثم تصوير هذا الفعل اللاإنساني جريمة قتل وانتهاك بكل المعايير الانسانية.
تعتبر هذه القضية ظاهرة خطيرة تهدد المجتمع برمته لذا يتطلب منا جميعاً الوقوف أمام هذه الظاهرة والنضال من أجل القضاء عليها فالمرأة هي الأم والاخت والأبنة.
يجب عدم النظر إلى هذه الجريمة بانها من ضمن العادات والتقاليد الانسانية التي ارتقت بالفكر الانساني بل هي جزء من سياسة الحرب السلطوية على المجتمع ومورثة رأسمالية قائمة على استعباد المرأة .
في شمال شرق سوريا حيث ثورة المرأة قائمة بكل مستوياتها ضد كل اشكال الاستعباد والتسلط والهيمنة، هنا حيث المرأة المناضلة والتي تحمل معاني الرقي والقيم الانسانية، وتدافع عن وجودها وكيانها الانساني، أنها تناضل من أجل الدفاع عن ارادتها وعن حقوقها بعيدة عن نظريات الهيمنة وتعاليمها واعرافها الفاسدة.