مقالات رأي
العملية الدستوريّة: تغيير قواعد اللعبة..
فاروق حجّي مصطفى/ برجاف
لا يمكن أن تتقدم العملية الدستوريّة بشكلها الحالي أية خطوة، فمثل هذا الشكل ولكي تتقدم تحتاج إلى عوامل الدفع نحو الأمام، ولعلها تتلخص بـ :
-لجنة دستوريّة حيادية من التجاذبات السياسيّة، وظيفتها قراءة الحال السوريّة والتمعّن في سوريا على المدى البعيد وتضع دستورًا يساهم في ترميم الحال، وجبر الضرر، ويؤسس لدولة ترعى مصالح سكانها، وتحقق تطلعاته على مستوى الأفراد والجماعات من جهة وتحقيق شرط الحياة الكريمة من جهةٍ أخرى.
- تُخَوَّل الأمم المتحدة لرعاية العمليّة، وتحقق شروط النجاح من خلال إصلاح المسار بدءاً من وقت انطلاق اللجنة وانتهاءاً باللوائح الداخلية مرورًا بتوظيف الخبرات الدستوريّة لدول في حالة النزاع، والخبرات الأممية في مسألة مصادر الدستور وشروط حقوق الانسان..
-إعادة النظر في الطرفين المشاركين في العملية، وأهلية إدارة الحيّز السوري معارضةً ونظاماً.
-عامل دولي فاعل لإحداث الإختراق في إستعصاء المسار بعد هيمنة طرف على آخر، وغياب التوازن في العاملين ذو الشأن وعلى المستويين الإقليمي والدولي.
دون شك، إنّنا بعد ٧ سنوات من صدور القرار ٢٢٥٤، وإن أشياءاً كثيرةً تغيّرت، بما في ذلك أداء النظام والمعارضة، فهناك منظومات من المعارضة قاب قوسين أو أدنى من أفلاسها، والنظام عاجزٌ عن تدبير الحد الأدنى من المعيشة ليس لكل السكان إنما في المناطق التي تحت سيطرته، فضلاً عن تزايد مصادر الأزمة وتفاقمها، مثل هجرة الشباب والعقول، والرأسمال بعد نزوح/ولجوء نصف السكان من منازلها، ومصير المعتقلين، والمعتقلات، والمختطفين والمختطفات؛ وكل هذا عدم وجود قواعد قانونية لحل مشكلات مزمنة سوريّة كمسألة حوار النظام مع الطرف الكُردي..
هي مسألة شائكة دون شك، وتحتاج إلى العصا السحرية، إلّا إنّ الخوض في أم المسائل والخروج بدستور مع وجود آليات الإصلاح تنقل البلاد من كونها تئنُّ تحت ركامٍ من المشاكل إلى كونها باتت على سكة التعافي.
ولا نستغرب إنّ الأزمة في العملية الدستوريّة لا تقف في حدود عقد الجلسات، ومن الصعوبة بمكان الإتفاق على الأجندات الدستوريّة؛
على كل حال إنّ الإقتصار على رئيسي اللجنة في اختيار الأجندة أحد أهم عوامل الفشل، في كل العمليات الدستوريّة المقارنة يحدث الاتفاق على الأجندة العامة قبل انطلاق العملية، ويكون دور الناس في عملية بناء الأجندة فاعلاً وذلك تحقيقاً لشرط المشاركة.
بقي القول، إنّ العملية الدستوريّة، وهي الوحيدة جاريّة سورياً، لا يمكن أن تنير نفق الإستعصاء دون العودة إلى المجتمع المدني، وسد الثغرات التي رافقت العملية منذ الحديث عنها!