اللجنة الدستوريّة: من له المصلحة في خلق المعوقات..؟
فاروق حجّي مصطفى
من يراقب سير اللجنة الدستوريّة يعرف بإنّه ثمّة يدٌ خفيّةٌ تعيقُ عمل اللجنة من خلال أمرين:
-طرح نقاط خلافيّة قبل نقاط التلاقي!
-عدم قبول انعقاد اللجنة على نحوٍ مفتوحٍ، أو بقائها أطول مما تجري حاليّاً.
فقط للذكر إننا نفرّق بين العملية واللجنة الدستوريّة، فالعملية هي أشمل ولا يقتصر العمل فقط بمائة وخمسون عضواً، إنما يشمل كل من يتناول الدستور من حيث تقديم الأفكار أوالتوصيات أو كل من يشارك في المشاورات العامة المخصصة لمحتوى أو الإجراءات الدستوريّة.
ولا نستغرب إنّ لسان الحال العام يقول بأنّ من يعيق عمل اللجنة هو وفد الحكومة السوريّة، وبالتالي ما بين السطور يعزز أيد خفيّة أو أوامر رسمية من جانب القوى الدوليّة ذات الشأن، ولعل السبب هو إنّ الحكومة السوريّة ليست لها مصلحة في الإصلاح الدستوري، فهي قبلت أن تكون جزءاً من العملية على مضض وتماشياً مع الضغط الروسي، أو استجابةً لمخرجات “سوتشي”!
إستطراداً.. إنّ مسائل تتعلق بالسلام أو القبول بالحل السياسي لا تتأجل، وذلك لسببين:
-الأول: إنّ ترك الأوضاع النزاعية مفتوحة ودون إيجاد الحدود لها لا تعرّض مستقبل الدولة إلى الخطر فحسب انّما يعرّض الأمن والسلم العالميين للخطر.
-الثاني: ترك الناس تحت رحمة الفوضى لا يعرّض الأمن الإجتماعي إلى الخطر فحسب إنّما يفتح الباب على مصراعيه لتغلغل العامل الإقليمي من جهة، واتساع الهوة بين المكونات، وتاليّاً يصعّب التئام الجراح، ويصعّب إقناع الناس للعودة إلى التماسك، وقد يعرّض مستقبل الدولة إلى الإنهيار وتاليّاً يحقق مصلحة الطرف على حساب العامة، وهذا الامر أخطر مما نتصوره إذ يؤسس لحروبٍ مفتوحةٍ مع فقدان الناس لقدرة الدولة والقوانين وتتجه نحو التبعية للجهات خارج الحدود.
والحال، إنّ الطرف الذي لا يرى من مصلحته الإسراع في مسألة تحقيق السلام، والحل السياسي، هو الطرف الذي يقلّد “جحا” عندما رفض سماع المارة وأصرّ على قطع جذع الشجرة وهو متسلق بها، بمعنى آخر، إنّ الطرف الذي لا يريد إنجاز عملية السلام هو الطرف الذي لا يريد أن يكون جزءاً من الدولة السيّدة، بل يرغب المكوث في حالة من الطرف النزاعي.
بالعموم إنّ منطق الاستبداد هو منطقٌ لا يمكنه القبول بالمشاركة، والدستورهوعملُ تشاركي من حيث الصياغة أوعند التطبيق، فلا يمكن فرض الدستور بالسوط، إذ إنّ قوة الدستور تكمن بإيمان الناس به، ويؤمن الناس عادةً بالدستور الذي يؤمّن كرامتهم من خلال تأمين حقوقهم وينظّم مصالحهم على مستوى الأفراد أو المؤسسات.
ثمّة صراعُ يجري الآن بين اتجاهين، اتجاه يؤمن بالدستور ويرى مصلحته في الإصلاح الدستوري بعد سنواتٍ من الحرب، وطرفٌ لا يرى مصلحته في دستورٍ جديد، اذ يراهن على الزمن حتى يستنفذ الأموال المخصصة للعملية الدستورية أو تتغير اتجاهات واهتمامات الدول، ولذلك يخلق معوقات من خلال طرح مواضيع اشكالية أو نقاط خلافية في وقت إن أطراف الخلاف بالأصل غائبة عن اللجنة ونقاشاتها!
بقي القول إنّ مصلحة الناس تكمن في الإصلاح الدستوري، وذلك لأن الدستور لا يدون بنود تنظّم السلطات ويعزز الحريّات فحسب، إنما يحقق العدالة، ويرسم دولةً مختلفةً لدولةٍ كان نظام حكمه سبباً لحروبٍ أهليةٍ داميةٍ.