أعلن المستشار الألماني، أولاف شولتس، أنه يجب على حلف شمال الأطلسي تجنب أي مواجهة عسكرية مباشرة مع روسيا، والتي قد تؤدّي إلى نشوب حرب عالمية ثالثة.
وهذا التحفظ الألماني يدلل على مدى الاحراج الذي تواجهه برلين في مواقفها حيال الحرب الروسية ضد أوكرانيا ، وتتركز الانتقادات الداخلية والخارجية على رفض برلين فرض الحظر على الغاز الروسي ، والاحجام عن تسليم أسلحة ثقيلة، مثل الدبابات ومدافع «الهاوتزر»، إلى أوكرانيا لمساعدتها في صدّ الهجمات الروسية، في وقت تتزايد فيه المساعدات العسكرية المقدمة من الحلفاء الغربيين لكييف.
وحصل أبرز تطور دراماتيكي في التاسع عشر من إبريل عندما رفض الرئيس فلوديمير زيلينسكي استقبال الرئيس الالماني فرانك فالتر شتاينماير. وبدا الموقف الأوكراني على أنه محاولة للضغط على برلين للحصول على مزيد من الدعم وتشديد العقوبات على موسكو، وجرى تبرير عدم الترحيب بشتاينماير في كييف ، بتاريخه الدبلوماسي وعلاقاته الوثيقة السابقة مع روسيا.
لكن هذه العلاقات لم تكن محصورة بالرئيس الالماني الحالي ( وزير الخارجية السابق) والحزب الاشتراكي الديمقراطي بل شملت ايضا شخصيات من احزاب اليمين وأبرزها المستشارة السابقة أنجيلا ميركل. المسألة اذا ليست شخصية أو حزبية ، بل هي مسألة المقاربة الالمانية من روسيا ما بعد الحرب .
يتصل الامر بالتاريخ الصعب والمعقد بين موسكو وبرلين اللتين تتنافسان على نفس المدى الجيوسياسي واللتين خاضتا حروبا شرسة . والمانيا الموحدة بعد سقوط جدار برلين لم تتماثل للشفاء من عقد الحرب العالمية الثانية . ولذا بقيت المانيا المتمسكة بالخيار الاطلسي حريصة في الوقت نفسه على علاقات طيبة مع روسيا واستثمرت فيها وأصبحت في تبعية لها من ناحية امداد الطاقة بعد تخليها عن الطاقة النووية المدنية .
ومع الدورة الجديدة من التاريخ الاوروبي مع حرب اوكرانيا ، نشهد على تحول الماني كبير تمثل بالخروج من قيود تاريخ القرن العشرين والانتقال للعسكرة وامتلاك كل خصائص القوة اقتصاديا وسياسيا وعسكريا
بالرغم من الضغوط الاوكرانية والاميركية وبعض الضغوط من دول الجوار الروسي ومن داخل المانيا، تتمسك الحكومة الالمانية بعدم الوصول للقطيعة النهائية مع موسكو ، من اجل مستقبل اوروبي سلمي كما تقول . أما بالنسبة لمسألة استيراد الغاز الروسي فترفض المانيا التضحية بمصالحها الاقتصادية لانها تعتمد على ٦٠٪ من الغاز الروسي وليس من الممكن قبل نهاية ٢٠٢٣ التخلي عن استيراده.
ADARPRESS