“إعادة حول دعوات التفاهم بين قوى المعارضة”
رياض درار
لم تتوقف رسائل مجلس سوريا الديمقراطية للعمل المشترك مع الفعاليات السياسية بتنوعها، ولم نجد من يتقدم ويمد اليد ولو لمحاولة التفهم، أو وضع ملامح للتفاهم، وكل ما نسمعه هو اتهامات منزوعة الدليل مثل أن قوات قسد ومجلس مسد هي تمدد لحزب الاتحاد الديمقراطي بأسماء جديدة. وأن هذا الحزب هو الذي يحكم، وهو يتلقى أوامره من الخارج. والمنضوين لأجندات تركية يقولون: قنديل؛ ومن ثم حزب العمال الكردستاني؛ الذي تتهمه تركيا بالارهاب!
الحقيقة كل هذا هروب من المواجهة مع الذات، فالمعارضة التي تتهم هي مرتبطة بأجندات خارجية، وتتمول منها؛ وتعيش عليها؛ ولاتتحرك إلا بأوامرها. وبالتالي لايحق لها توجيه تهم الارتباط بالخارج وهي التي لاعلاقة لها بالداخل! ولاتمون على شيء فيه، وبقاؤها هو نتيجة الدفعة الشعبية الأولى التي صدقت أن لديها معارضة، وأنها تنتج ثورة .
ثم إن تهمة الارهاب لحزب العمال مردودة بصفتين : الأولى أنها تهمة سياسية لتنظيم سعى للتغيير في ظل الحرب الباردة بوسائل تلك الحرب، وكان كل تنظيم يساري أو وطني ليس مع الصف الأمريكي والغربي من منظمة التحرير الفلسطينية إلى عشرات غيرها توصف بالارهاب ! والثانية أن النظام التركي قد انفتح على هذا الحزب وحاوره لأكثر من سنتين وأقام الهدنة معه، وبدأت رسائل الغرام تنتقل بين الطرفين، حتى تمكن حزب العدالة من مفاصل الدولة، وبدأت معالم السيطرة الشمولية تظهر على قياداته وزعيمه، فانقلب على الانفتاح الذي كان .
لسنا في معرض استطراد حول مسألة تركية، فهي من التاريخ ولسنا طرفا فيها وهي ورقة سياسية تستخدم بغايات توسعية.
ولكن رسائل مجلس سوريا الديمقراطية استمرت تدعو المعارضة للمشاركة بجسم سياسي موحد بوجه النظام المستبد وليس من مجيب، وكجماعة موحدة لمواجهة الارهاب فلم يتحرك أحد، سوى محاولة خجولة لفصيل في معارك كوباني بقيادة العكيدي الذي أصبح خصما لدودا بعد أن تغيرت رياح الولاء والدعم الذي قدم له. ومشاركة خجولة لقوات النخبة في بداية معارك الرقة وتم الاستغناء عنها بسبب الخذلان الذي حصل منها بخسارة موقع كانت مسؤولة عنه بعد أن حررته قوات سوريا الديمقراطية. واستمرت الفصائل الاسلامية تحارب التنظيمات الكردية المقاتلة دون مبرر، من بدايات الجيش الحر، في رأس العين، إلى آخر فصيل المعتصم، الذي ناب عن الفصائل لتبادل مناطق استولى عليها الطرفان في ظروف اعتداءات قامت ضد المقاتلين الكرد في حلب شرقا وغربا. ورغم تنسيق هذه الفصائل ومن ورائها ممثلوها السياسيون مع قوات تركية في احتلال عفرين، لم تتوقف رسائل الدعوة الى تفاهم حول مستقبل المنطقة، وموقف المعارضة الذي يجب أن يتوحد لمنع احتلال الأراضي السورية من أية قوة محتلة، ولرسم سياسات المواجهة السياسية للنظام المستبد. وكان الشعور بالتفوق والثقة الواهمة بقوة الداعمين للفصائل وللسياسيين تجعلهم لايعيرون انتباها للموقف الكردي خاصة ولحلفائهم في مسد وقسد بشكل عام، ويكيلون التهم بالتقسيم والانفصال جزافا ويسعون من طرف آخر للاتفاق مع النظام بتنازلات مستمرة عن ثوابت الثورة تنتهي بالمشاركة في ادارة البلاد، وهم يغضون النظر عن تنازلاتهم وتنازلات داعميهم الذين استولوا على أرض يحتلونها لأنفسهم،، وسلموا أراض للنظام، وباعوا الثورة واستثمروا أموالها في مشاريع لدى الدولة الداعمة.
ومع ذلك من بقي لديه مسحة من ثورة، ومن يريد بعضا من تغيير، ومن يسعى لمواجهة المستبد، ومن مازال ينتظر دورا للسوريين، فإن الباب مفتوح لبدء حوار لتغيير شامل، وحل وطني ديمقراطي، ومستقبل مشترك لشعب سوريا الواحد وأرضه الموحدة. والرسائل لن تنقطع حتى يسمع من به صمم.
إن السياسيين الذين ينتظرون حلا سحريا من الدول الداعمة أو الدول الضامنة هم واهمون، وهم في سباتهم يتركون لهذه الدول تقاسم النفوذ، وإدارة المصالح. والنظام راض عن النتائج لأنه الرابح الوحيد ببقائه في السلطة، وهو غير مهتم كم يربح كل طرف مادام قد رضي البيع مقدما. إن سوريا تضيع وأول مسؤول عن ضياعها هم أبناؤها الثوار الذين لم يعرفوا كيف يدافعون عن ثورتهم، فلا نامت أعين المتخاذلين.
“