خمس توصيات للقائمين على مؤتمر بروكسل السادس 2022
من المقرر أن تستضيف بروكسل في شهر أيار/مايو 2022، مؤتمر بروكسل السنوي السادس، بتنظيم من الاتحاد الأوروبي. ويهدف المؤتمر إلى جمع التبرعات وتكريسها في مشاريع الدعم الإنساني للسوريين/ات، كما يوفر منتدىً قيماً للحوار الدولي بشأن مستقبل سوريا والمنطقة، ويحدّد مسار وشكل الانخراط الدولي في الأزمة السورية للعام المقبل.
من المؤسف أنَّ الأزمة الإنسانية في سوريا التي سيتناولها المؤتمر هذا العام ليست أقلّ بؤساً من تلك التي تناولها في أول انعقاد له قبل ست سنوات. فاليوم وبعد 11 عاماً من الصراع، هناك 14.6 مليون سوري يعتمدون على المساعدات الإنسانية لتلبية احتياجاتهم اليومية، وما نسبته 97% من السوريين/ات يعيشون تحت خط الفقر.
ومع وجود هذه الأعداد الكبيرة من السوريين/ات المعوزين، لا بدَّ للمشاركين في المؤتمر أن يحرصوا على أن تكون عملية توزيع المساعدات بعيدة كل البعد عن التسييس والاستغلال من قبل أي جهة، كما ينبغي أن يكون هذا المؤتمر فرصة تتيح للمشاركين طرح مبادرات تسعى لتمكين السوريين/ات ودعمهم للوصول للحقيقة والعدالة والسلام. وفي هذا الصدد يودّ الشركاء الموقعين على هذه الرسالة التوجه للقائمين على المؤتمر بالتوصيات التالية:
حماية المساعدات الإنسانية من الاستغلال والتسييس:
ينبغي على الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، باعتبارهما المسؤولين عن إدارة المساعدات المقدمة من قبل المانحين وعن النظر في المشاريع التي سيتم تمويلها، أن يحرصوا أشدَّ الحرص على أن لا يسمحوا لأولئك المتهمين بارتكاب انتهاكات ضد حقوق الإنسان – أفراداً وجماعات – باستغلال الوضع الإنساني الصعب للمدنيين. حيث أنَّه سبق للعديد من أطراف النزاع أن استخدموا توزيع المساعدات لأغراض سياسية ومنهم من امتنع عن توزيعها لأغراض انتقامية.
من غير المقبول تسييس المساعدات الإنسانية أو توزيعها على أساس تمييزي، إذ أنه يحق لجميع المدنيين/ات في الداخل السوري الحصول على الدعم الإنساني المنقذ للحياة بغض النظر عن أماكن إقامتهم، وخلفياتهم.
وتزامناً مع ما يعمل عليه المجتمع الدولي لخلق بيئة آمنة للعيش في سوريا تمهيداً لعودة النازحين الذين بلغ عددهم 13.5 مليون نازح ولاجئ، يجب أن يحرص المانحين على أن لا تذهب مساعداتهم إلى المشاريع التي تهدف إلى إحداث تغييرات ديموغرافية في البلاد، بل أن توضع في مشاريع تحترم حقوق السكان الأصليين وتدعم جهودهم لإعادة بناء مجتمعاتهم وتقويتها. وإلى ذلك، نقترح إنشاء آلية مستقلة للنظر في المشاريع المراد تمويلها والتأكد بأنها لا تهدف بأي شكل من الأشكال إلى إحداث تغييرات ديموغرافية من قبل أي طرف كان.
صون حقوق اللاجئين/ات وطالبي اللجوء ومنع الإعادة القسرية:
على الرغم من حقيقة أنَّ سوريا لا تزال مكاناً غير آمناً للعيش، تواصل بعض الدول ترحيلها للاجئين السوريين وإعادتهم قسراً إلى سوريا، حيث قد يتعرضون للإيذاء و/أو الاحتجاز و/أو الإخفاء القسري أو التعذيب. إنَّ من حق جميع اللاجئين/ات وطالبي اللجوء، بغض النظر عن جنسياتهم أو دياناتهم أو خلفياتهم الاثنية أو القومية، أن يَلقوا تعاطفاً من الدول المضيفة وأن يُعامَلوا معاملة إنسانية تصون كرامتهم. وعليه، من الضروري أن يعيد المشاركون في مؤتمر بروكسل هذا العام تأكيد التزامهم تجاه حماية اللاجئين السوريين وإدانة المبادرات التي تدعوا إلى ترحيلهم، سواء في دول الجوار أو في بلدن أخرى.
وفضلاً عن ذلك، يجب دعم البلدان التي تستضيف اللاجئين وطالبي اللجوء السوريين، وذلك لمساعدتها على توفير الحماية والرعاية لهم. كما ينبغي على المانحين أن يشترطوا وضع مساعداتهم في مشاريع تدعم اللاجئين وطالبي اللجوء السوريين بشكل مباشر، وليس في المبادرات التي تسعى لإعادتهم قسراً إلى سوريا، كما يجب ضمان أنّ تلك المساعدات لا يتم التلاعب بها.
النهوض بعملية سلام شاملة لكل السوريين/ات:
يجب على الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي أن يعملوا إلى جانب المشاركين في “مؤتمر بروكسل السادس” على المضي قدماً نحو إيجاد حلّ سياسي يشمل جميع مكونات المجتمع السوري، حتى لو تطلّب ذلك تعديل القرار الأممي رقم 2254 لعام 2015.
لا يمكن لأي مشروع سلام في سوريا أن يكون طويل الأمد وناجع، دون أن يكون جامعاً لكل أطياف الشعب السوري.
وتحقيقاً لهذا الغرض أيضاً، ينبغي على الأمم المتحدة اعتماد شكل أوسع من التعددية في عملية اختيار أعضاء اللجنة الدستورية السورية الحالية، والحرص بشكل خاص على توفير مقاعد لمندوبين عن مجتمعات شمال شرق سوريا التي تعاني من نقص التمثيل الفادح في اللجنة حالياً؛ مع مجتمعات أخرى. إذ لا يمكن لنا أن نأمل بأن يكون الدستور خطوة مثمرة على الطريق نحو عملية سلام شاملة مالم يتم إشراك جميع مكونات الشعب السوري في صياغته.
التعامل بشكل دقيق مع العقوبات وضمان المراجعة الدورية لها:
إنَّ النضال من أجل مكافحة الإفلات من العقاب وتحقيق المساءلة هو من أولى أولويات العدالة الانتقالية، وعلى ضوء ذلك ينبغي على الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والدول المشاركة في المؤتمر دعم مبادرات تحقيق المساءلة التي يرعاها المجتمع المدني السوري والمجتمع الدولي لمحاسبة كافة المنتهكين ووضعهم على قوائم العقوبات.
مع ضمان أن لا تصبح العقوبات المفروضة على سوريا أداة لمفاقمة الوضع الاقتصادي للسوريين/ات. وعليه، ولضمان تجنب تضرر المجتمعات السورية، ينبغي إنشاء آلية مستقلة تشرف عليها الأمم المتحدة، لإجراء تقييم نزيه لمدى فعالية العقوبات ودراسة تأثيرها على السكان المدنيين بشكل دوري.
إيلاء اهتمام خاص بالأمن الغذائي والمائي:
منذ بداية الصراع السوري، بدأت أزمة القمح والغذاء والمياه في سوريا بالتفاقم يوماً بعد آخر، وقد مُنعت مجتمعات كاملة من حقّها بالحصول على مياه صالحة للشرب، بشكل متعمّد وتمييزي، وأحرقت المحاصيل نتيجة النزاع وأحياناً كنوع من الانتقام في مناطق أخرى، وعانت معظم المحافظات السورية في السنوات الأخيرة شحّاً في المياه بسبب أزمّة الجفاف التي ضربت سوريا والمنطقة مؤخراً، وأدّت إلى وصول الأمن الغذائي والمائي إلى مراحل حرجة للغاية.
وعليه، يجب على المجتمعين في بروكسل وضع الأمن الغذائي والمائي على قائمة الأولويات، والضغط من أجل حصول جميع السوريين/ات على مياه صالحة للشرب والاستخدام، وتحييد الموارد المائية من التجاذبات السياسية. كما ينبغي دعم الأنشطة التي من شأنها أن تساعد على إصلاح مرافق الانتاج الزراعي وتأمين الحاجات الأساسيات لزراعة المحاصيل الاستراتيجية مثل القمح، وتأمين أنظمة ري حديثة لكافة المناطق.