ماذا تريد دمشق؟
محمد أمين عليكو
الإدارة الذاتية ومؤسساتها في شمال وشرق سوريا على استعداد للدخول في الحوار على كافة المستويات مع دمشق ولكن مع ضرورة مراعاة خصوصية مناطق الإدارة الذاتية والتضحيات التي ما زالت تقدمها الإدارة الذاتية ومؤسساتها ضد الإرهاب الأسود المنظم من قبل الدولة التركية ومرتزقتها لأجل حماية سوريا ووحدة أراضيها وشعبها.
لقد دعا وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال مؤتمر صحفي في العاصمة الروسية موسكو “بتاريخ ٢ / ٧/ ٢٠٢١ ” كُرد سوريا إلى إبداء اهتمام بالحوار مع دمشق، مشدداً على أن موسكو شجعتهم منذ بداية النزاع السوري على إجراء اتصالات مباشرة مع الحكومة السورية بهدف التوصل إلى اتفاقات بشأن كيفية التعايش معاً في دولة واحدة. وقد جاء الرد على الدعوة الروسية من الدكتور عبد الكريم عمر رئيس دائرة العلاقات الخارجية لدى الإدارة الذاتية: “نرحب بدعوة لافروف. كنا وما زلنا منفتحين على الحوار مع النظام ومع كل أطر المعارضة الوطنية، منذ البداية لم نراهن على التدخل الخارجي ونحن على يقين بأن الحل سيكون باتفاق وتوافق بين السوريين”.
ولكن كيف تقرأ دمشق هذه التصريحات؟
على ما يبدو ما زالت الدوائر الأمنية مسيطرة على القرار السياسي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي في دمشق لأنه حتى هذه اللحظة لا يوجد بوادر استجابة أو على الأقل تقدير احترام دعوة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، ويبدو أن العقلية التي تتحكم في القرار السوري “العقلية الشوفينية العنصرية الطائفية المذهبية” لا تقبل بأي شكل من الأشكال بوجود مكونات شمال وشرق سوريا وخاصة الشعب الكردي.
اليوم قضية كُرد سوريا والإدارة الذاتية أصبحت مفتاح الحل في سوريا ويتم تداولها على مستوى العالم أجمع، وما زالت دمشق تتعاطى مع هذه القضية على أنها ملف أمني لا أكثر، وتتوقع أو تحلم أن تعود الأوضاع إلى ما قبل ٢٠١١، وتحاول تشويه صورة تاريخ الشعب الكردي في سوريا والتعامل مع الكرد بطرق ووسائل لا تمت إلى المواطنة قيد أنملة إذ أنه وحتى كتابة هذه السطور تمارس حكومة دمشق سياسة خبيثة وقذرة جداً تجاه مناطق الشهباء حيث المهجرين قسراً من أرضهم وكذلك تجاه مهجري عفرين وسكان المنطقة الأصليين، فتمنع دخول الأدوية والمواد الأساسية و المستلزمات الطبية إلى هذه المناطق في ظل ظروف الحياة الصعبة نتيجة ارتفاع درجات الحرارة وغياب أبسط مقومات الحياة، أضف إلى ذلك، ما زال الكردي مهدد “يتم اعتقاله على الهوية، يُمنع من السفر بين المحافظات السورية، لا يُسمح للاعبين الكُرد في صفوف المنتخب السوري بالتحدث بلغتهم الأم. إضافة إلى الدور السلبي للإعلام الرسمي في دمشق والذي يكمن في دس السموم بين الشعب السوري.
نأمل أن تقرأ دمشق الدعوة الروسية بكل مسؤولية وطنية إذا كانت تعتبر نفسها العاصمة السورية لكل السوريين، وأن لا تضع العصي في العجلات، وألَّا تكون في صف الاحتلال التركي العدو الحقيقي للشعب السوري وشعوب المنطقة والداعم الأول للإرهاب الذي يحتل الأراضي السورية.
ويبقى السؤال: هل الأيام القليلة المقبلة ستحمل معها انفراجاً في ذهنية السلطة السورية لقراءة الدعوات الروسية والإدارة الذاتية في شمال و شرق سوريا للحوار؟؟