الاتفاق ” الميثاق الملي ” يشرعن نهب أحفاد أتاتورك للشمالين السورى والعراقي.. وتحركات النظام التركى تهدف لإحياء تاريخ العثمانيين قبيل الإحتفال بالذكرى المئوية لتوقيع معاهدة لوزان.
حيث يحاول “أردوغان” استعادة أمجاد الدولة العثمانية التى تقلدت هزيمة قاسية فى الحرب العالمية الأولى أجبرتها على توقيع هدنة “مودروس” مع الحلفاء فى عام 1918، ووقع الأتراك اتفاق يسمى”الميثاق الملي”، وهو الاتفاق الموقع فى 28 فبراير عام 1920، إثر هزيمة السلطة العثمانية فى الحرب العالمية الأولى وسقوط معظم أراضيها فى يد الحلفاء.
هذا ووقع الاتفاق على الميثاق الملي مجلس المبعوثين العثماني والذى كان يشبه البرلمان حالياً، وكان بين المبعوثين أو النواب العثمانيين حينها قيادات تركية وكردية وبعض القيادات العرب.
اتفق النواب الأتراك حينها على أن الأمة العثمانية جزء لا يتجزأ، وتم وضع خارطة للأراضي التى سيتم العمل على استعادتها واحتوت تلك الخارطة، إضافة إلى حدود الجمهورية التركية الحالية، فى الناحية الشرقية إقليم كردستان العراق الحالي، والموصل، وأجزاء واسعة من المناطق ذات الغالبية العربية السنية، وفى سوريا تشتمل على محافظة حلب وأجزاء واسعة من شمال سوريا التى يقطنها خليط عربي _ كردي، كعزاز وجرابلس وأدلب ذات الغالبية العربية.
وتوضح الخلفية التاريخية السابقة أسباب التدخلات التركية فى الشأن الداخلي السوري، فضلاً عن الضغوطات التي تمارسها أنقرة على العراق بذريعة تواجد عناصر لحزب العمال الكردستاني فى شمال البلاد، بالإضافة لتصريحات أردوغان الاستفزازية حول دور أهمية أن يكون لبلاده دور فى مدينة الموصل، وهو ما يؤكد الأطماع التركية فى تلك المناطق التى يسعى أردوغان لضمها لحدود بلاده لإحياء اتفاق الميثاق الملي.
لا تنفصل التطورات الراهنة فى سوريا والعراق من التدخلات التركية عن الطموحات التى يتطلع أردوغان لتحقيقها بتنفيذ بنود الميثاق الملي الذى يستند عليه النظام التركي، وذلك لإيجاد مخرج للمشكلات التى تعانى منها تركيا بسبب سياسات أردوغان واستفزازاته بالتدخل فى الشؤون الداخلية للدول.
وتمكن النظام التركي من استعادة نفوذاً واسعاً فى هذه المناطق الموجودة فى خارطة “الميثاق الملي”، ليس عبر السيطرة المباشرة، لكن عبر حلفائها، إذ يبدو ذلك واضحاً فى كل من حلب وإقليم كردستان العراق وحتى فى أجزاء من الأراضى العراقية و السورية.
الواضح من التصريحات العنترية التى يطلقها أردوغان أنه يتطلع لأن تكون السنوات المقبلة حتى عام 2023 والذي سيشهد الذكرى المئوية لتوقيع معاهدة لوزان شبيهة بتلك التى تلت انتهاء الحرب العالمية الأولى، ولكن في صياغة معكوسة لا تصبح فيها تركيا الطرف الأضعف الذى يذعن للشروط وإنما الأقوى الذى يفرضها، وهذا مايحلم به أردوغان.
ويتحرك النظام التركى لتدشين القواعد العسكرية فى شمال العراق استعداداً للانقضاض على الموصل وكركوك، ويعقد المحادثات السرية والعلانية مع القوى الفاعلة فى الأزمة السورية، روسيا والولايات المتحدة وإيران، لإيجاد وجود تركى فى حلب وشمال سوريا عند إعادة رسم حدود البلاد، كما يرفض تهدئة الأوضاع بين الشمال والجنوب فى قبرص ويصر على نهجه العدائي، وفى اليونان يوجه التهديدات المستمرة تجاه أثينا حول ملكية الجزر فى بحر إيجة.
وحاول الأتراك من خلال الميثاق الملى الاستيلاء على الشمالين العراقي والسوري بسبب خلوهما من أغلبية عربية، وكامن المجتمعين فى لوزان على إدراك بسياسات التتريك الممنهجة التى اتبعتها الحكومة العثمانية تجاه تلك المناطق منذ أوائل القرن العشرين، خاصة فى الموصل التى حاول الأتراك الاستيلاء على الثروة النفطية فيها من خلال التأكيد على حق إثنى تركماني فيها، الأمر الذى رفض بطبيعة الحال فى لوزان.
ويهدد طموح أردوغان الطاغى باستدعاء جزء من التاريخ لتبرير تدخلاته فى الشؤون الداخلية للدول المجاورة، وذلك منذ صعوده إلى السلطة فى تركيا منذ عام 2002، وهو ما يفسر سبب التدخلات التركية المباشرة فى العراق وسوريا بعد أحداث عام 2011.
ADARPRESS #