سميرة مبيض بعد تعليق مشاركتها في “الدستورية”: رفعت مسؤوليتي عن أي نتائج كارثية
تواصل “اللجنة الدستورية” فشلها بالرغم من عقد ثماني جلسات لها، إذ حذرت الدكتورة سميرة مبيض، التي علقت مشاركتها في هذه الجلسات، من أن هذه اللجنة ستنتج عنها نتائج كارثية أبرزها تصنيع مناطق متشابهة أيديولوجياً أو قومياً أو مذهبياً على عكس بنية المجتمع السوري، وأكدت أن أطراف اللجنة غير قادرة على بناء دستور سوري حديث ومؤسس لدولة المواطنة
واستأنفت ما تسمى اللجنة الدستورية، أعمال جولتها الثامنة، الثلاثاء الماضي، في مدينة جنيف، من دون تحقيق أي اختراق يُذكر، حيث ما زالت المباحثات تدور في حلقة مفرغة منذ أواخر 2019.
وتستمر اجتماعات ما تسمى اللجنة الدستورية التي انطلقت برعاية روسيا وتركيا وإيران، وسط خلافات بين المشاركين وغياب ممثلي الشعب الحقيقيين، على الرغم من فشل سبع جلسات سابقة.
وخلال الجولة الثامنة، ناقشت ما تسمى اللجنة الدستورية، مبدأ “سمو الدستور وتراتبية الاتفاقات والمعاهدات الدولية” الذي قدمه وفد ما تسمى بالمعارضة في اللجنة، وذلك بعد يومين من مناقشة مبدأي “الإجراءات القسرية أحادية الجانب من منطلق دستوري” والذي قدمه وفد ما يسمى بالمجتمع المدني و”الحفاظ على مؤسسات الدولة وتعزيزها” الذي قدم من وفد حكومة دمشق.
واشتعلت الخلافات يوم الثلاثاء، بين وفد ما تسمى بالمعارضة ووفد حكومة دمشق خلال اليوم الثاني من الجولة الثامنة من اجتماعات ما تسمى باللجنة الدستورية.
وأكد مصدر لصحيفة المدن، يوم الأربعاء، أن الجولة الثامنة محكومة بالفشل على غرار سابقاتها، مضيفاً أنها لم تقدم شيئاً جديداً سوى المزيد من الخلاف والمشاحنات بين الوفدين.
مقاطعة لاجتماعات “الدستورية”: رفع مسؤوليتي عن نتائج كارثية
وفي هذا السياق، أعلنت الدكتورة سميرة مبيض، وهي عضو اللجنة من جانب “المجتمع المدني”، الإثنين، مقاطعتها اجتماعات ما تسمى باللجنة الدستورية في جولتها الثامنة.
سميرة مبيض، وخلال تصريح خاص لوكالتنا، أكدت أن أسباب مقاطعتها لاجتماعات هذه اللجنة تعود إلى “رفع مسؤوليتي عن أي نتائج كارثية قد تفضي لها محاولات كلًا من النظام والمعارضة لإعادة تدوير المنظومة السابقة وتقاسم السلطة بينهما على نفس الركائز القمعية والشمولية على الأخص مع تصاعد التهديدات بالتصعيدات العسكرية وبتهجير المجموعات البشرية بالتزامن مع انعقاد هذه الجولة دون وجود مواقف واضحة تجاهها”.
وأضافت سميرة مبيض دوافع أخرى لقرارها هذا وهي “الهيمنة على الصوت المدني من قبل أطراف الصراع وتجنيده لخدمة طروحاتهم بعيداً عن الدفع نحو مصالح السوريين وتحقيقها، والفشل المتتالي لثماني جلسات دستورية وعدم تقييم المسار السابق وعدم الاستجابة لمطالب تقويم الآليات والهدف والعمل المطلوب من اللجنة”.
نقاشات عبثية على مدار أكثر من عامين
ولا تزال الوفود تناقش منذ عام 2019 “مبادئ دستورية” لم تقر أي منها وكانت نتيجة الجولات السابقة في جنيف وتحت إشراف الأمم المتحدة الفشل المتكرر.
سميرة مبيض، أوضحت في هذا السياق أنه “بعد عامين ونصف لم تحقق هذه اللجنة أي تقدم. يتعامل كلًا من النظام والمعارضة مع عمل اللجنة الدستورية من منطلق تمترس كل طرف لتحقيق مصالحه وما يعتبره مكتسبات الصراع العسكري وسعي للاستمرار في السلطة وفي حال عدم تحقيق ذلك تقوم الأطراف المعنية بالتعطيل والتسويف، لذلك لا يمكن التعويل على أن تكون هذه الأطراف قادرة على بناء دستور سوري حديث ومؤسس لدولة المواطنة”.
وأكدت سميرة مبيض أن هذه الاجتماعات “تنجم عنها نقاشات عبثية لا تؤدي لأي هدف ولا يمكن أن تجد حلاً للسوريين، فهي ذهنية تقاسم السلطة وفق أطر المنظومة الشمولية ذاتها وليست ذهنية التغيير. الحل التي تسعى له هذه الأطراف هو حل يضمن بقاءها وليس حل للسوريين”.
دمشق والائتلاف.. طرفان لا يمكنهما تبني طروحات دستورية
وخلال الجولات السابقة، كانت وفود حكومة دمشق وما تسمى بالمعارضة تطرح مبادئ حول سيادة القانون والعدالة وحقوق الإنسان وسيادة الدولة، إلا أن هذين الطرفين يتهمان بالقيام بممارسات تنافي هذه المبادئ الذين يتحدثون عنها.
سميرة مبيض، أشارت في هذا السياق إلى أن “هذه الأطراف تناقش مبادئ حقوق الإنسان وضرورة إدراجها من عدمه في الدستور، بينما تعتبر المناطق الخاضعة لسيطرة كلا الطرفين نموذج واحد في انتهاكات حقوق الانسان، وذلك ينقض قدرة الطرفين على بناء دستور سوري يضمن الحقوق الأساسية من عدم التمييز وعدم التعرض للاضطهاد على أسس ثقافية، دينية أو قومية أو غيرها. كلا الطرفين قاما بانتهاكات جسيمة ولا يمكن لهما تبني هذه الطروحات”.
سيناريو كارثي.. تصنيع مناطق متشابهة إيديولوجياً وقومياً ومذهبياً
بالإضافة إلى ذلك، فإن طروحات وفود حكومة دمشق وما تسمى المعارضة خلال الجولة السابعة بشكل خاص عبر الحديث عن “هوية الدولة ورموزها” أثارت ردود فعل منددة وتحذيرات من أنها تدعو لتكريس عروبة سوريا على حساب المكونات الأخرى.
سميرة مبيض أضافت أن “ما يظهر لغاية اليوم هو مساعي الطرفين لإجراء تعديلات طفيفة على الدستور الحالي بما يؤدي إلى إدراج المعارضة ضمن السلطة وذلك في المناطق التي تسيطر عليها، وهذا السيناريو كارثي للسوريين؛ كونه سيؤدي إلى استمرارية خضوع السوريين لحكم قمعي وشمولي متعدد الأطر، بالإضافة إلى ما يتطلبه تحقيق هذا السيناريو من تهجير للمجموعات البشرية السورية بناء على محاولات تصنيع مناطق متشابهة أيديولوجياً، قومياً أو مذهبياً، على عكس بنية وطبيعة المجتمع السوري وتكون مناطق صراع بيني مستمر يستنزف موارد سوريا ويقود أبناءها إلى الموت وقوداً لهذه الحروب”.
“المنطقة الآمنة”.. رسم حدود تقسيم سوريا
وفي إطار هذه التحذيرات من قبل سميرة مبيض، وبالتزامن مع انعقاد ما تسمى اللجنة الدستورية، بدأت تركيا بترحيل اللاجئين السوريين تحت عنوان “العودة الطوعية” وتوطينهم في المناطق السورية التي تحتلها بهدف إنشاء ما أسمتها المنطقة الآمنة.
سميرة مبيض علقت على هذه التطورات، قائلة: “تعتبر عملية ترحيل اللاجئين السوريين جزء من سيناريو تصنيع مناطق متشابهة أيديولوجياً والمشار لها أعلاه، وهي دليل على مقاومة نظم الحكم المتشبثة في السلطة في المنطقة للتغيير الإيجابي نحو الاعتراف بتعددية الشعب السوري وبواقعه وبوضع رؤى سياسية لمستقبل سوريا تتواءم مع هذا الواقع وتحمي وتحفظ التنوع ضمنها”.
وأضافت الدكتورة سميرة مبيض، في هذا السياق “الأجدى بدول الجوار التي تستضيف اللاجئين السوريين أن تؤمن لهم شروط المواطنة والاستقرار المستدام في مناطق وجودهم عوضاً عن المطالبة بمناطق تسمى آمنة؛ بهدف رسم حدود تقسيم سوريا وتقاسمها على حساب الشعب السوري في تكرار لسيناريو تم تطبيقه منذ قرن مضى، ولا زلنا ندفع ثمن حصاده المر لغاية اليوم وعلينا رفضه بوضوح كامل”.
ADARPRESS #