عن ممارسة السياسة و أثمانها الباهظة في سورية
فراس قصاص
تحجم غالبية ساحقة من المجتمع الالماني عن العمل المباشر في سياسة بلدهم و لا يجدون في تحولهم الى شخصيات عامة اي اغراء يمكنه أن يخفف من انتهاك حدود حياتهم الخاصة ومن وضعهم دوما محل شك وتجريح و تعريض ، يحصل ذلك رغم أن السياسي المحترف في مثل هذه المجتمعات لديه ما يعوضه عن وضع شخصه في الحقل العام و تبعات ذلك عليه…لديه دخل مالي مناسب هذا ان لم يكن دخلا عاليا بمعايير المجتمع الذي يعيش فيه ،و لديه كثر من مجتمعه و محيطه ممن يحترمونه و يقرون بدوره و يقدرون جهده ، ولديه القدرة علي أن يحدد بشكل دقيق او عام نجاحه و دوره في نشاط حزبه و سياسات بلده سواء في مؤسسات السلطة او المعارضة التي يعمل بها و ان يحس بأنه عمل و قدم و ساهم ،
أما نحن من اولئك السوريين ، الذين قرروا أن دخولهم النشاط في الحقل العام و في السياسة بشكل مباشر هو موضوع ذو أثر جذري و ربما وجودي للدفاع عن حقوقهم و حقوق مجتمعهم ، فضحى غالبيتهم بالكثير من جماليات الحياة الآمنة و الهادئة و بالعديد من ابعادها الشخصية و حرموا انفسهم من تحقيق مواقع مهنية و مادية متقدمة هذا ان لم يجري اعتقالهم او ملاحقتهم و تصفيتهم او نفيهم لسنوات طويلة ، وليس فقط دون وجود اي أجر او تعويض مادي ، بل غالبا ما تلازمهم الاتهامات ويلاحقهم التشكيك في أخلاقهم و نزاهتهم و التعريض بهم وتجنب العلاقات معهم بل و حتى السخرية منهم ، و الانكى أن كل ذلك يحصل و ليس أمامهم الا ان يكونوا جزءا من الفشل السياسي العام الذي يحيط بهم ،و تكاد تأثيراتهم تكون معدومة في تغييره و الحد منه .
مأساة من اختار ممارسة السياسة في سورية تحت ضغط الوعي المبكر و الاخلاق التي تحصل عليها بسببه ، ولم يحصل نتيجة لذلك على اي تكريم مادي او معنوي بل لم يحز الا على لعنات أهله وعائلته و خذلانهم له و قذف و تشكيك مجتمعه و النظر اليه كدوغمائي مقيد من قبل نخبته ، مأساة لا يعرف وجعها و ثقلها الكريه الا من عاشها و دفع أثمانها الباهظة ،
لعلكم بتم تعرفون معي الان الاجابة على السؤال التالي : لماذا يقلع السوريون عن التنظيم و العمل السياسي المحترف في شؤون بلادهم و يهجرونه الي الاهتمام بشؤونهم الشخصية و
الى البحث عن خلاصهم الذاتي فقط ؟! .
أما عني فلا(و هي الكلمة التي احبها ) … لا ..رغم كل ما سبق و خبرته من الحيثيات أعلاه ، فلن أتخلى عن محاولة التأثير في هذا العالم من خلال تماسات الهوية و الجغرافيا و الثقافة التي تخصني ، حتى آخر نفس . سأبقى أحارب “طواحين الهواء” و ليكن ما يكون .
ADARPRESS #