تحدث الكاتب والباحث السياسي ريان حدو في حديث له مع صحيفة فيتشرني ليست: حول العملية العسكرية المحتملة على مناطق شمال شرق سوريا، والسياسة التركية في المنطقة اقليما ودوليا، قائلا:”
1- الموافقة التركية على انضمام فنلندا و السويد للناتو ليست مفاجئة ولا أعتقد أن أي قارئ و متابع حصيف كان لديه أدنى شك في أن تركية ستوافق بالنهاية على انضمام فنلندا و السويد للناتو و كل تصريحات الرئيس التركي أردوغان و خطوطه الحمراء و تعهده بعدم تكرار خطأ الموافقة التركية على انضمام دول تدعم الإرهاب ( في إشارة للموافقة التركية على عودة اليونان للناتو 1980 ) ماهي إلا مماطلة شعبوية و بهدف ترجمتها في الداخل التركي على أنه انتصار للرئيس التركي و هذا ما عملت عليه الماكينة الاعلامية لحزب العدالة و التنمية منذ لحظة توقيع الاتفاق الثلاثي التركي الفنلندي السويدي .
و لكن إن شرحنا الاتفاق الثلاثي بالشكل و المضمون بالاستناد إلى المحددات أو المعايير التي وضعها الرئيس التركي في تصريحاته لوجدنا :
1- في تصريح للرئيس التركي أردوغان عقب عودته من زيارته لأذربيجان أواخر أيار مايو الماضي (( لا يمكننا الموافقة إطلاقاً على انضمام الدول الداعمة للإرهاب إلى حلف الناتو ما دمت أنا رئيساً لتركيا )) طبعاً الإرهاب الذي يقصده الرئيس التركي هو كل كردي غير خاضع لسياسة حزب العدالة و التنمية إن كان كردياً سورياً أو كردياً تركياً ، عسكرياً أو مدنياً حتى و لو كان عضواً بالبرلمان التركي و مرشحاً سابقاً للانتخابات الرئاسبة التركية و أقصد هنا صلاح الدين ديميرتاش الرئيس المشترك السابق لحزب الشعوب الديمقراطي التركي الذي اعتقلته السلطات التركية في 4 أكتوبر/تشرين الأول عام 2016 مع الرئيسة المشتركة السابقة للحزب فيغن يوكسكداغ برفقة ثلاثة عشر برلمانياً من أعضاء الحزب ،
فإن كان الرئيس التركي مبدئياً و منسجماً مع تصريحاته كان عليه بدل الاعتراض ( المؤقت ) ثم الموافقة لاحقاً على انضمام فنلندا و السويد بحجة علاقتهما مع الكرد و هي علاقة رمزية و محدودة تتناسب مع إمكانات البلدين و دورها و موقعهما و تأثيرهما على خارطة السياسة العالمية ، كان عليه أقلّه التهديد و التلويح بالانسحاب من حلف الناتو إن لم تقطع واشنطن و باريس اللتان تقيمان علاقات واسعة مع الكرد على أعلى المستويات تشمل تدريب و تسليح لقوات سورية الديمقراطية في سوريا و البيشمركة في كردستان العراق .
2- بنود الاتفاق الثلاثي التركي الفنلندي السويدي جلها كُتبت بلغة عامة و غير حاسمة تحتمل أن يقوم كل طرف بتأويلها بما يناسبه ، ربما النقطة الوحيدة الواضحة في الاتفاق هي موضوع رفع الحظر عن استيراد و تصدير السلاح إن كان من جهة فنلندا و السويد أو حتى لجهة الولايات المتحدة الأمريكية و قد تكون أولى الخطوات تسهيل واشنطن بيع طائرات اف 16 لأنقرة ،
مع الأخذ بعين الاعتبار على أننا نتحدث هنا عما تم إعلانه من بنود الاتفاق و لكن دائماً السياسة تخفي أكثر مما تعلن ، و لربما الأيام القادمة ستكشف لنا جزءاً مما تم إخفاؤه .
3- على المستوى الشعبي هناك تفهم كردي لموقف السويد فنلندا فهما دولتان غير مؤثرتين بالسياسة العالمية لكن شاءت الأقدار أن يكونا على تخوم ساحة اشتباك عالمي كبير إثر الحرب في أوكرانيا وهذا استوجب عليهما أن يختار طرف يحتميان به ( للمفارقة أن فنلندا كانت جزءا من السويد و كانت مسرحاً للحرب الروسية السويدية في القرن الثامن عشر إلى أن تمكنت روسيا من ضمها في إطار حكم ذاتي 1809 حتى عام 1917 الإعلان عن استقلال فنلندا ) .
4- إن كان موقف السويد و فنلندا مفهوم لكن موقف الغرب عموما و أخص الدول الكبرى و المؤثرة غير مبرر و غير مفهوم ، فإذا كان الغرب يتفهم الموقف التركي و مخاوفه الأمنية فكان عليه أن يتفهم الموقف الروسي لكن الازدواجية الغربية اتجاه ملفات متشابهة الفرق الوحيد بينها الموقع الجغرافي ، ففي الوقت الذي دعم فيه الغرب الأوكران في مواجهة روسيا و تباكت جل وسائل الاعلام على الشعب الأوكراني لأنه شعب أوروبي كان الغرب و مايزال يتفهم الاحتلال التركي للأراضي السورية و تهجير الأهالي الأصليين من تلك المناطق ووصفهم جميعاً بالارهابيين ،
و من هنا نرى أن الغرب يتخفى خلف الشعارات الانسانية الزائفة حيث يميز بين الانسان الأوروبي و الانسان الشرق أوسطي و كأنه يخبرنا أنه لا وجود للأخلاق في السياسة .
يبقى السؤال ما هو الحل للاحتلال التركي و الأطماع التركية في احتلال المزيد من الأراضي السورية لتحويلها إلى مناطق آمنة للإرهابيين :
الحل هو ذاته الذي تحدتث معكم عنه في حوار لصحيفتكم قبل أكثر من ثلاث سنوات :
حوار سوري – سوري جاد في دمشق ، يكون نقطة انطلاق لوضع حدٍّ للتدخلات الخارجية، و تحرير الأرض السورية، و التمهيد لتغيير في المشهد السياسي الداخلي، ولإعادة الإعمار.( من حوار مع صحيفة فيتشرني ليست الكرواتية نُشر قبل أسبوع.
ADARPRESS#