وراء الابتسامات والصور المشتركة والوعود بالتعاون، تبقى الخلافات قوية بين روسيا وتركيا وإيران التي اجتمع قادتها في طهران في قمة ثلاثية أراد كل واحد منهم شد البساط إلى جانبه والعودة ببعض المكاسب الخاصة.
من الأكيد أن لدى القوى الثلاث بعض المصالح المشتركة لكن هذا لا يشكل ضماناً لصداقة دائمة، بحسب هيئة الإذاعة البريطانية. من الواجب عدم نسيان أن تركيا وإيران خصمان إقليميان تتباين مواقفهما من ملفات عدة على رأسها النزاع في سوريا.
كذلك الأمر بالنسبة لتركيا وروسيا اللتان تربطهما علاقات مصلحة محضة رغم الخصومة الكبرى في سوريا وليبيا وكذلك في مناطق جنوب القوقاز، عدا عن العلاقات الممتازة التي تربط أنقرة بكييف وتسليم الأسلحة والمسيرات التي تحارب بها أوكرانيا غزو الجيش الروسي.
أما العلاقة الإيرانية الروسية فتتلخص اليوم بالشراكة بين دولتين تصدران بكثافة منتجات الطاقة وتقعان تحت كمية هائلة من العقوبات الغربية المشددة. رغم الخلاف السياسي وحتى الإيديولوجي والتنافس بين البلدين خاصة في سوريا وحول أسواق النفط والغاز العالمية، فإنهما مضطران للتقارب الذي لن يفضي بحال إلى تحالف فعلي.
رغم دبلوماسية البيان الختامي الذي أصدرته القمة، فإن مواقف الدول الثلاث من الملف السوري بعيدة كل البعد عن التوافق. وكان الرئيس التركي الذي أعلن قبل عدة أشهر نيته شن هجوم جديد على الأكراد يأمل في الحصول على ضوء أخضر من طهران وموسكو لكنه غادر خالي الوفاض.
خامنئي حذر ضيفه التركي علناً من ارتكاب هجوم في سوريا، لكن إردوغان رد من طهران بـ”شكر” من وصفهم بـ”أصدقائه الأعزاء” مضيفاً أن “الكلمات لا تشفي الجراح” ومكرراً عزمه على شن هجوم جديد في مناطق أكراد سوريا.
ربما لم يكن فلاديمير بوتين نفسه يتوقع الكثير من لقاء إيران فيما عدا اللقطات الدبلوماسية لرئيس معزول دولياً بسبب حربه في أوكرانيا. لم ينس خامنئي أن يهنئ بوتين بحرارة على الغزو بالقول إن “الحرب طريقة مؤلمة لحل النزاعات”، ولكن في حالة أوكرانيا “إذا لم تأخذ الأمر بيدك، فإن الطرف الآخر، بمبادراته، كان سيبدأ الحرب”.
بحسب علي واعظ المتخصص بالشأن الإيراني في صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية: “لا تزال روسيا وإيران حذرتين من بعضهما، لكن كل منهما يحتاج إلى الآخر اليوم أكثر من أي وقت مضى (…) لم تعد شراكة مختارة، بل تحالف ضروري”.
لا يبدو أن شيئاً فعلياً خرج من اجتماع قادة الدول الثلاث في إيران لكن كل واحد منهم أعاد التوكيد على وجهة نظره في القضية المحددة والخاصة التي جاء من أجلها: الهجوم في سوريا بالنسبة لأنقرة، كسر العزلة الدولية بالنسبة لموسكو وتحريك المياه الدبلوماسية الراكدة بالنسبة لطهران.
ADARPRESS#