استهداف القوات الامريكية في العراق وسوريا
تصاعدت مؤخرا وتيرة الهجمات التي تستهدف قوات التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، أو المناطق التي تتمركز فيها في العراق وسوريا، وكان أحدثها هجوم استهدف قوات تابعة للتحالف الدولي في شرق سوريا، بينما تتعدد آراء المحللين عن أسباب التصعيد في الأيام القليلة الماضية.
وبحسب ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان، الأحد، عن “سقوط صاروخ محلي الصنع (..) في قاعدة حقل العمر النفطي”، أكبر قاعدة للتحالف الدولي في سوريا، وأتى ذلك بعد سقوط قذيفة صاروخية، ليل أمس السبت، في حقل “كونيكو” للغاز في ريف دير الزور الشرقي، قرب قاعدة للتحالف، الأمر الذي يربطه المحلل السياسي السوري، درويش خليفة، في حديث له بالمفاوضات غير المباشرة في فيينا.
وقال خليفة: “منذ وصول الرئيس الأميركي جو بايدن إلى البيت الأبيض ومطالبته فريقه العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران، هدأت المناوشات الإيرانية عبر حلفائها في العراق ضد المصالح الأميركية والخطابات العدائية تجاه الولايات المتحدة”.
لكن “تعثر المفاوضات ومطالبة إيران بالعودة إلى اتفاق 2015 بصيغته القديمة دون أي مساس به” أسفرت عن عودة العمليات العسكرية ضد المواقع التي تتمركز فيها قوات أميركية وانقسام المفاوضات إلى سياسية في فيينا وعسكرية في العراق وسوريا، على حد قوله.
وكان من المفترض أن تنطلق الجولة السابعة من محادثات فيينا مطلع يوليو، إلا أن بعض الخلافات حول مسائل أساسية عالقة عرقلت تحديد موعد الجولة حتى الآن.
ولم تحرز المحادثات في فيينا لإحياء الاتفاق النووي سوى تقدم طفيف في الأسابيع الأخيرة، بل أنها توقفت هذا الأسبوع.
وتهدف هذه المفاوضات إلى إعادة الولايات المتحدة إلى الاتفاق، بعد انسحابها منه عام 2018 وإعادة فرضها عقوبات على طهران. وردا على ذلك تخلت إيران عن معظم التزاماتها.
ويتفق المحلل السياسي العراقي، أحمد الأبيض، مع طرح خليفة إلا أنه أضاف سببا آخر يتعلق بما أسماه بـ “عدم انضباط الميليشيات التابعة لإيران”.
وقال الأبيض إنه قد يكون هناك نوعا من “عدم الانصياع التام لأوامر الحرس الثوري الإيراني، من قبل بعض الفصائل التي تعتقد أن طهران تخلت عنها، فتذهب نحو التصعيد لتقول نحن القوة على الأرض”.
وكان الهجوم الأعنف ضد المصالح الأميركية وقع، الأربعاء الماضي، عندما استهدف 14 صاروخا قاعدة عين الأسد الجوية العراقية في الأنبار، غربي العراق، وتسبب في إصابة جنديين أميركيين.
وبعد يوم على هجوم قاعدة عين الأسد، استهدفت ثلاثة صواريخ السفارة الأميركية في العراق، فضلا عن محاولة لهجوم بطائرة مسيرة في سوريا المجاورة.
وإجمالا، استهدف 49 هجوما المصالح الأميركية منذ بداية 2021 في العراق، حيث ينتشر 2500 جندي أميركي في إطار التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب.
وفي نفس السياق، تقول كارولين روز، كبيرة المحللين في معهد “نيو لاينز” للاستراتيجيات والسياسات بواشنطن، في حديث لها “إيران تريد استخدام الهجمات بالوكالة كوسيلة للضغط في فيينا”، إلا أنها وفي نفس الوقت “تسعى أيضا إلى ضمان تخفيف العقوبات”.
وتواجه إيران تحديات اقتصادية ملحة في عهد الرئيس المنتخب، إبراهيم رئيسي، على خلفية العقوبات الأميركية المفروضة على البلاد.
تنتظر الرئيس الإيراني الجديد الذي سيفوز في الانتخابات التي تجرى دورتها الأولى في 18 يونيو، سلسلة تحديات أساسية، من الاقتصاد إلى العلاقات الخارجية والأزمة الصحية.
فقد انكمش الاقتصاد الإيراني نحو 4.99 في المئة عام 2020. بعدما تمتع بنمو حاد بنسبة 12.5 في المئة عام 2016 بعد توقيع الاتفاق النووي.
وبالنسبة للمحللة الأميركية، فإن الهجمات المكثفة الأخيرة مرتبطة بتوجه إيران “لإضعاف الوجود الأميركي في الشرق الأوسط”، في إطار “استراتيجية طهران لتوسيع نفوذها في بلاد الشام والبحر المتوسط”.
وأضافت روز: “طهران تنظر إلى الوجود العسكري الأميركي في العراق وسوريا على أنه تهديد مباشر لنفوذها، ويبدو أنها لمست بوادر انسحاب لواشنطن من العراق، فقامت بتكثيف هجماتها لتحقيق الانسحاب الكامل”.
ويؤكد الأبيض على هذه النقطة، قائلا إن “الجماعات المسلحة ستستمر بتكثيف هجماتها حتى تنسحب الولايات المتحدة من العراق، كما فعلت في أفغانستان”، إلا “إذا قررت واشنطن مواجهة هذه الميليشيات”، على حد قوله.