في وقتٍ تأمل فيه الكثير من العراقيين أن يكون اتفاق الإطار التنسيقي على مرشح لرئاسة الوزراء بداية لنهاية الأزمة السياسية في بلادهم، قلب زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الطاولة على الإطار ونقل الأزمة إلى الشارع وسط تخوف من تحولها إلى اقتتال شيعي – شيعي.
شهد الأسبوع الماضي وفي يوم الأربعاء تحديداً تظاهرات من قبل أنصار التيار الصدري رفضاً لمرشح الإطار التنسيقي لرئاسة الوزراء محمد شياع السوداني، فيما تحولت يوم السبت هذه التظاهرات إلى اعتصام مفتوح وسط البرلمان.
واقتحم المئات من أعضاء “التيار الصدري”، يوم الأربعاء الماضي، المنطقة الخضراء وسط بغداد، ذات التحصين الأمني، والتي تضم المقرات الحكومية الرسمية، والبعثات الدبلوماسية، ودخلوا مبنى البرلمان ومكثوا فيه أكثر من 3 ساعات، ورفعوا شعارات وهتافات ترفض تشكيل الحكومة الجديدة من قبل “الإطار التنسيقي” ومرشحه محمد شياع السوداني، قبل أن يوعز الصدر إليهم بالانسحاب منها.
كما تجددت التظاهرات يوم السبت أمام بوابة المنطقة الخضراء في العاصمة العراقية بغداد، وسط دخول تعزيزات كبيرة من قوات الجيش إلى المنطقة.
ويعيش العراق جموداً سياسياً بعد عشرة أشهر على الانتخابات التشريعية المبكرة التي جرت في تشرين الأول/ أكتوبر 2021، لا يزال من دون رئيس جديد للجمهورية، ولم يكلّف رئيساً جديداً لتشكيل الحكومة بعد.
ومن شأن التطورات الأخيرة أن تزيد من تعقيد المشهد السياسي، خصوصاً إذا ما أصر خصوم الصدر في “الإطار التنسيقي” على عقد جلسة برلمانية لانتخاب رئيس الجمهورية، ومن ثمّ تكليف مرشحهم، محمد السوداني، لتشكيل الحكومة.
إلى ذلك، تجمع أنصار “الإطار التنسيقي” يوم الاثنين بالقرب من الجسر المعلق عند مدخل المنطقة الخضراء في العاصمة العراقية بغداد، في وقت دخل فيه اعتصام أنصار التيار الصدري يومه الثالث.
حل الأزمة الحالية بالحوار وتقديم التنازلات
يرى مراقبون بأنه كان واضحاً منذ مرحلة ما قبل الانتخابات أن مقتدى الصدر بعيد جداً عن التفاهم مع قوى الإطار التنسيقي، وكان واضحاً من خلال التغريدات والتصريحات التي سبقت الانتخابات هذا الموضوع، إذ أن هناك مشاكل شخصية بين الطرفين تعود إلى فترة حكم المالكي الأولى.
وتولى المالكي منصب رئيس الوزراء لفترتين متتاليتين امتدتا لثماني سنوات بين 2006 و2014 وكانت ولايته الثانية حافلة بالأزمات الأمنية والسياسية والاقتصادية وانتهت باستيلاء “داعش” على مساحات واسعة من الأراضي العراقية.
في هذا الصدد يقول العلي: “هناك خلاف بين الكتلة الصدرية وكتل سياسية داخل الإطار التنسيقي يجب أن تحل هذه التصفيات ويجب أن تصفر وأن يكون هناك مبدأ الحوار والتفاهم والتنازلات المتبادلة بين كل الأطراف السياسية هي كفيلة بحل الأزمة الحالية.
وأضاف المحلل السياسي العراقي مؤيد العلي في ختام حديثه: “يجب أن تكون هناك آفاق للحل بعيدا عن دماء أبناء الشعب العراقي وبعيدا عن التصادم بين أبناء الشعب الواحد ناهيك عن المذهب الواحد”.
ووجه رئيس تحالف الفتح هادي العامري، يوم الاثنين، دعوة جديدة إلى الإطار التنسيقي والتيار الصدري، فيما أشار الى ان الدماء العراقية عزيزة على الجميع.
وقال العامري في بيان إنه “في أجواء التصعيد الإعلامي من خلال البيانات والبيانات المضادة، والتي تدعو الى الحشد الجماهيري، وقد تخرج عن السيطرة وتفضي إلى العنف”.
وتابع، “أكرر ندائي مخلصاً إلى الإخوة في التيار الصدري وإلى الإخوة في الإطار التنسيقي أن يغلبوا منطق العقل والحكمة وضبط النفس والتأني وتقديم مصلحة البلاد والعباد من خلال الحوار الجاد والبناء، للتوصل إلى حلول لنقاط الاختلافات فيما بينهما، فالدماء العراقية عزيزة على الجميع”.
إلى جانب ذلك كان قد دعا الاتحاد الأوروبي في بيان القوى السياسية في العراق إلى “الالتزام بضبط النفس، ونبذ العنف، وحلّ أزمة الانسداد السياسي بالبلاد عبر الحوار”.
ADARPRESS#