عندما أعلن التحالف العالمي وقوات سوريا الديمقراطية هزيمة داعش على الأرض عام ٢٠١٩، تنفس العالم الصعداء.، فقد انتهت الجماعة الإرهابية التي كانت تسيطر على مساحات كبيرة من العراق وسوريا تقدر بمساحة بريطانيا العظمى، ونفذت هجمات متطورة في الخارج، وارتكبت فظائع لا توصف ضد شعوب المنطقة.
ويقول باري إبراهيم الرئيس المؤسس والمدير التنفيذي لمنظمة «الحرية للإيزيديين»، والصحفية الأمريكية ميجان بوديت مديرة الأبحاث في معهد السلام الكردي في تقرير نشرته مجلة ناشونال إنتريست الأمريكية، إن تلك الهزيمة كان ينبغي أن توفر للإيزيديين- الذين سعت داعش للقضاء عليهم في حملة إبادة جماعية بدأت قبل ثمانية أعوام وتحديدا في الثالث من أغسطس عام ٢٠١٤ ـ فرصة للتعافي وإعادة البناء.
وكان الإيزيديون يأملون في إعادة النساء والأطفال الذين تم خطفهم إلى عائلاتهم، وأن يتم إعادة بناء سنجار، وعودة النازحين إلى ديارهم، ومثول أفراد داعش أمام العدالة لمحاكمتهم على الجرائم التي اقترفوها، وأن يخطوا نحو مستقبل لا يمكن أن يشهد مطلقا حدوث مثل هذه الوحشية مرة أخرى.
ومع ذلك، بعد قرابة عقد من بدء المذبحة الجماعية وأكثر من ثلاثة أعوام من فقدان داعش لما يسمى بخلافتها، لم تتحقق تلك الأهداف الأساسية. والمسؤولة عن ذلك جزئيا نفس الحكومات التي قالت إنها لن تعترف مطلقا مرة أخرى بأن جرائم داعش مذبحة جماعية، والتي تطلق تصريحات منمقة دعما للإيزيديين.
ويقول إبراهيم وبوديت إن الرد العسكري الدولي الذي أدى إلى هزيمة داعش جدير بالإشادة.
ولو لم تقم الولايات المتحدة وحلفاؤها بإجراء لوقف داعش في العراق وسوريا عام ٢٠١٤، لكان الإيزيديين عرضة للدمار بصورة دائمة.
ومع ذلك، فشلت الجهود السياسية، ويرجع ذلك إلى حد كبير لعدم اعترافها بالعوامل الهيكلية والأسباب الرئيسة وراء فظائع داعش، أو معالجتها. ويوضح التاريخ مرارا وتكرارا أن الإبادة الجماعية لا تبدأ مطلقا بالقتل الجماعي- فمثل هذا العنف هو دائما عملية يسبقها تهميش، واضطهاد، وتجريد من الإنسانية.
ويرى إبراهيم وبوديت أن التهميش، والاضطهاد، والتجريد من الإنسانية بالنسبة للإيزيديين في أوطان أجدادهم في الشرق الأوسط بدأت قبل عام ٢٠١٤ بوقت طويل، فهم لم يعاملوا مطلقا كمواطنين على قدم المساواة مع الآخرين في الدول التي يعيشون فيها، و لم يتم الاعتراف بالهوية الإيزيدية، وكان جيرانهم يعاملونهم بمشاعر تنم عن الشكوك والازدراء، وحتى اليوم، يرفض الكثيرون شراء أي مواد غذائية من الإيزيديين، اعتقادا منهم بـأنها غير نظيفة. وتلك المواقف أسفرت عن عنف جماعي قبل ٢٠١٤ أيضا.
ففي المثال الذي يعد صارخا، قتلت القوات العثمانية حوالي ٣٠٠ ألف من الإيزيديين إلى جانب ١،٥ مليون من الأرمن في أثناء الإبادة الجماعية للأرمن، وقبل سبع سنوات من مهاجمة داعش لسنجار، أسفرت تفجيرات المتطرفين في المنطقة عن قتل حوالي ٨٠٠ شخص وإصابة أكثر من ١٥٠٠.
وفي أي عالم مثالي، كان ينبغي النظر إلى الإبادة الجماعية للإيزيديين في ضوء هذا التاريخ والسعي لتصحيح تلك الأخطاء. وبدلا من ذلك، أطال العالم دون قصد أمد عدم المساواة الخطيرة.
وأشار إبراهيم وبوديت إلى أن اتفاق سنجار يعد دليلا على هذا النهج الخاطئ، فالهدف المعلن للاتفاق وهو تعزيز السلام والاستقرار في سنجار ما بعد داعش أمر جدير بالثناء، كما أن بعض جوانب الاتفاق مفيدة.
ومع ذلك، فإنه بعد عامين تقريبا من عقد الاتفاق، يبدو أنه زاد ولم يقلص عدم الاستقرار، وهذه نتيجة مباشرة لحقيقة أن الاتفاق يعطي الأولوية لمصالح الحكومتين في بغداد وأربيل- واستبعد المجتمع المدني الإيزيدي من مفاوضات الاتفاق.
وقال إبراهيم وبوديت «إن ثمانية أعوام من الفشل السياسي تعد أيضا سنوات كثيرة بالنسبة للناجين من الإبادة الجماعية الذين لديهم أمل في إعادة البناء والتحرك إلى الأمام».
جرائم ارتكبت في حق الإيزيديين:
٣٠٠ ألف من الإيزيديين قتلتهم القوات العثمانية
١،٥ مليون من الأرمن قتلهم الأتراك
٨٠٠ إيزيدي قتلهم المتطرفون
١٥٠٠ إيزيدي مصاب من قبل المتطرفين
كيف ينصف العالم الإيزيديين؟
• تمكين الإيزيديين ابتداء بالمجتمع المدني لبناء مستقبل آمن ومستدام.
• جهد دولي لإنهاء كل الهجمات الداخلية والخارجية على سنجار.
• غلق المجال الجوي للمنطقة أمام الطيران الأجنبي، مع استثناءات خاصة لمهام محاربة داعش.
• إعادة التفاوض بشأن اتفاق سنجار مع وساطة دولية محايدة وبمشاركة الإيزيديين من جميع الأطياف.
• ينبغي ألا يخدم الاتفاق الجديد أجندات سياسية خارجية، وألا يتغاضى عن أي عمل مخطط ضد الإيزيديين.
• جهد مركز في كل من بغداد وأربيل لتعزيز المشاركة السياسية المتساوية والعادلة بالنسبة للأقليات.
• تقديم المساعدات الإنسانية وتعزيز إعادة البناء على أساس احتياجات المجتمع المدني.
ADARPRESS#