العراق.. ائتلاف جديد يضم القوى المتخاصمة وترقب حذر لما قد يفعله الصدر
أعلنت مجموعة من الكتل السياسية العراقية تشكيل تحالف سياسي واسع، يضم غالبية الكتل المتخاصمة، باستثناء التيار الصدري، حيث استبعد المحللون أن يعيد الصدر كرة التظاهرات مرة أخرى.
تسارعت الأحداث السياسية في العراق خلال الساعات الماضية، وكان أبرزها إصدار رئاسة البرلمان، وثيقة تظهر قراراً باستئناف جلسات مجلس النواب الأربعاء، بعد توقيف دام لنحو شهرين، وذلك على وقع هجوم أنصار الصدر على البرلمان.
وعلى رأس جدول أعمال الجلسة كان التصويت على استقالة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي من منصبه، في خطوة تبدو مدروسة، وبأنه، بحسب نائب رئيس البرلمان العراقي شاخوان عبد الله، إعادة تأكيد لشرعيته، وهو ما حصل فعلاً في مجلس النواب، حيث رفض المجلس استقالة الحلبوسي.
وتأتي خطوة استئناف عمل البرلمان على عكس ما يُنادي به مقتدى الصدر، الذي يطالب بحل هذه المؤسسة والذهاب لانتخابات مبكرة، إلا أن موقف التيار الصدري ضعف كثيراً، خلال الأيام الماضية حيث تم تشكيل ائتلاف تحت اسم “إدارة الدولة”، يضم “الإطار التنسيقي” والاتحاد الوطني الكردستاني، وتحالف “عزم” برئاسة مثنى السامرائي وكتلة بابليون المسيحية وحلفاء الصدر السابقين (الحزب الديمقراطي الكردستاني، وتحالف السيادة برئاسة خميس الخنجر)، والذي يراه المراقبون بأنه بوابة لتسمية مرشح رئاسة الجمهورية وتشكيل الحكومة العراقية.
فيما يبدو أن هذا الائتلاف هو نوع من أنواع “زواج مصلحة” حيث ضم غالبية الكتل، إلا أن مراقبين للشأن العراقي يرون في هذا الإعلان بأنه “مستعجل”، حيث هناك خلافات كبيرة وعميقة بين الكتل المنضوية تحت هذا الائتلاف، من ضمنها ملف رئاسة الجمهورية والحكومة وملف النفط وقرار المحكمة الاتحادية القاضي بتسليم النفط إلى بغداد.
“نتاج سياسي استطاع أن يجمع كافة القوى السياسية”
رئيس المركز العراقي للتنمية الإعلامية، الدكتور عدنان سراج، وفي حديث خاص لوكالتنا تحدث عن تبعات تشكيل ائتلاف “إدارة الدولة” قائلاً: بأنه “هو الحل السياسي الحالي الذي توصلت إليه القوى السياسية بعد فترة طويلة من الانسداد السياسي واللا دولة، وهو نتاج سياسي استطاع أن يجمع كافة القوى السياسية ويخرج بهذا المشروع الذي سيكون أمام مسؤولية اختيار الحكومة العراقية القادمة، وأن تكون حكومة ناجحة وخدمية بالدرجة الأولى”.
كما يتفق نسبياً الكاتب والباحث السياسي، واثق الجابري، مع الدكتور عدنان سراج بخصوص الدور المنوط للائتلاف الجديد، قائلاً: “نجح الائتلاف بكسب وإقناع الشركاء الآخرين في العملية السياسية والمضي قدماً في تشكيل الحكومة العراقية، سيما وإن هنالك مطالب من تلك القوى بضرورة تشكيل الحكومة كاملة الصلاحيات، وضرورة عودة البرلمان إلى عمله”.
وأوضح الجابري “جرت مفاوضات وحديث مطول وتم عرض البرنامج الحكومي للسيد السوداني وجرت تفاهمات على مستوى الداخلي والإقليمي والدولي، فهنالك تفهم لخطورة المرحلة الحالية”.
واستدرك قائلاً: “القوى السياسية تتعامل مع الإطار كواقع حال كونها الكتلة الأكبر، ولذلك هي من ستشكل الحكومة، لذلك ستمضي بتشكيل الحكومة ولا يوجد أي اعتراض على السوداني، وحتى التيار الصدري لم يعترض بشكل مباشر على السوداني، ولكن مع ذلك هناك نوع من المفاوضات بين التيار والإطار ويبدو أن الوفد المفاوض من التيار هو وفد مرن وربما سيحصل على مكاسب أو على حصة في الحكومة بشكل مباشر أو غير مباشر، وبالتالي الأمور ذاهبة إلى عقد جلسات برلمان وحكومة وتحديد موعد الانتخابات المبكرة”.
ومن جهته استبعد سراج بأن تكون هناك حالياً خلافات سياسية، قائلاً: إن “الائتلافات تذيب هذه الخلافات وتجعلها أمام واقع سياسي جديد، وهذا الذي عملته القوى السياسية، باستثناء التيار الصدري، والذي أعتقد بأنه سيمضي قدماً في تشكيل الحكومة، وعلى الأقل تقدير تكليف رئيس الوزراء القادم”.
“أبواب الحوار ما زالت مفتوحة لانضمام الصدر إلى هذا الائتلاف”
وأضاف “لا زال التيار الصدري لم يعلن عن رأيه بهذا الموضوع، ولكن بحسب تقديري بأن التيار الصدري على علم بما يجري في التداول، لأن لديه حلفاء سابقون (الحلبوسي والبرزاني) في هذا الائتلاف، كما أن أبواب الحوار ما زالت مفتوحة لانضمام الصدر إلى هذا الائتلاف”.
وأوضح “قد تكون للمناسبات الدينية دور في تأخير وجهة نظر الصدر، لكن أعتقد أن الجميع يرغب في الانفتاح السياسي وعدم الركون أمام أي تطور يؤدي إلى إراقة الدماء بين الأطراف السياسية ومنع العنف”.
وتابع “التيار أمام استحقاق وموقف سياسي يتعلق بنظرته السياسية أمام المرحلة القادمة، وأعتقد أن الائتلاف أصبح أكثر انفتاحاً من ذي قبل، وهناك مجال للتفاهم مع التيار الصدري، لوجود أطراف ضمن الائتلاف قريبة من التيار الصدري، وستكون المفاوضات أسهل، وأقل صعوبة من قبل”.
أما الكاتب والباحث السياسي واثق الجابري، فتحدث عما سيفعله الصدر في قابل الأيام، وقال: “التيار الصدري حتى الآن لم يعلن كيف سيتصرف مع الحكومة القادمة، التيار الصدري ليس لديه رؤية واضحة للمرحلة المقبلة، ولكن من الواضح بأنه لن يعيد كرّة التظاهر والتصادم مرة أخرى كما حدث في المنطقة الخضراء”.
“استقالة الحلبوسي كانت مدروسة ولكسب الشرعية”
وأرجاً الكاتب استقالة الحلبوسي إلى أن الأخير يريد أن يكسب شرعيته وثقته من القوى السياسية الجديدة، وبأن الواقع السياسي الجديد وبعد تشكيل هذا الائتلاف الكبير يحتاج إلى أن يعيد انتخاب من يريده مناسباً لرئاسة مجلس النواب.
كما تحدث الجابري عن استقالة الحلبوسي قائلاً: “الحلبوسي لم يُنتخب من قبل أعضاء الإطار في جلسة انتخابه هم قاطعوا الجلسة، وربما هو سيستغل هذه الاستقالة، هو يريد من القوى السياسية أن تأتي إليه وتعطيه ضمانات كون الإطار لم يعطيه هذه الضمانات في بقاءه في منصبه، ويريد أيضاً أن ترفض القوى السياسية استقالته، لأن الاستقالة ستربك المشهد السياسي وستحرج بقية الأطراف السياسية بسبب وجود منافسين كثر”.
ADARPRESS#