استقالات بالجملة في بسبب تدني الأجور والحكومة السورية تعرقل
الأوضاع الاقتصادية والسياسية التي تعيشها سوريا ساهمت بشكلٍ كبيرٍ في ارتفاع حِدّة هذه الظاهرة، إذ أدّى التضخم غيرُ المسبوق ونقص السلع الأساسية، إلى خلق فجوةٍ واسعةٍ بين الدخل والإنفاق بالنسبة للموظفين.
وبحسب تقاريرَ مُطّلعة، فقد تجاوز متوسط تكلفة المعيشة لأسرةٍ مكوّنةٍ من خمسة أفرادٍ ضمن مناطق سيطرة الحكومة مليونين وثمانمئة ألف ليرةٍ سوريةٍ في مارس آذار الماضي، أي ما يقارب ثمانية وعشرين ضعفاً لمتوسط الرواتب الحكومية، الأمر الذي دفع بالكثير من موظفي الحكومة إلى البحث عن فرص عملٍ أفضل.
ولا تصدر الحكومة أرقاماً دقيقةً حول موجة الاستقالات، ممّا يُصعّب معرفة عدد العاملين في القطاع العام، الذين تركوا وظائفهم، لكن تقاريرَ إعلاميةً تشير إلى استقالة المئات من وظائفهم منذ بداية هذا العام.
وعلى مدى العقد الماضي ترك عشرات الآلاف من موظفي الخدمة المدنية في سوريا وظائفَهم، بحسب تقريرٍ صادرٍ عن دائرة الهجرة الدنماركية في أبريل ألفين وواحدٍ وعشرين، إذ أشار إلى رفع نحو مئةٍ وثمانيةٍ وثلاثين ألف قضيةٍ تتعلّق بموظفين تركوا منصباً عاماً دون سابق إنذار إلى المحاكم بين عامي ألفين وأحد عشر وألفين وسبعة عشر.
وفي محاولةٍ لمواجهة هذا التدفّق غيرِ المسبوق في طلبات الاستقالة، أصدرت الحكومة السورية توجيهاً للوزارات، للتعامل بصرامةٍ عند مُراجعة طلبات الاستقالة، وألّا تتمّ الموافقة على الطلب إلّا إذا لم تكن الإدارات المعنية بحاجةٍ إلى الموظّف، وحتى في هذه الحالة، يجب أن تأتي الموافقة من الاستخبارات.
هذا وتُرفض طلبات استقالة العديد من الموظفين تلقائياً بسبب هذه التعقيدات البيروقراطية، ويواجه أولئك الذين لا تُرفض مطالبهم منذ البداية استجوابَ أجهزة الأمن، كأحد أساليب التخويف للبقاء بالمنصب.
كما عمدت الحكومة السورية إلى فرض عقوباتٍ بحقّ من يتقدّم بطلب الاستقالة كالغرامات المالية والاتهام بالإرهاب وغير ذلك، حيث يُعتبر التخلّي عن منصبٍ في القطاع العام بنظر الحكومة عملاً سياسياً أو نشاطاً مناهِضاً لها.
الجدير ذكره أن الوظائف الحكومية في سوريا كانت مطلوبةً كثيراً في الماضي، حيث كانت توفّر الأمن الوظيفي، إذ كانت الرواتب تساوي ما يقارب أربعمئة دولارٍ أمريكيٍّ شهرياً لمُعظم الوظائف، وهو مبلغٌ كافٍ نسبياً لتغطية نفقات الموظفين.