أعلنت الأردن عن إطلاق مبادرة عربية جديدة تحت مسمى “إنهاء الحرب في سوريا”، مبادرة استبعد الرئيس المشترك لمجلس سوريا الديمقراطية رياض درار، أن تكون حلاً سياسياً كاملاً للأزمة في ظل صراع القوى الخارجية ووجود الاحتلال التركي والإرهاب على الأراضي السورية، مؤكداً أن الحل مرهون بإشراك كافة القوى السياسية الفاعلة لحل الأزمة.
بعد مرور عام على فشل مبادرة “اللا ورقة” الأردنية الخاصة بالملف السوري، والتي ركزت بشكل أساسي على “عدم جدوى تغيير النظام السوري”، جددت الأردن محاولاتها عبر طرح مبادرة عربية تحت مسمى “إنهاء الحرب في سوريا”.
وصرح وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، خلال لقاء مع صحيفة ذا ناشيونال الإماراتية أثناء تواجده في نيويورك وذلك على هامش اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة، بأن عمّان “تحشد الدعم الدولي لعملية سياسية يقودها العرب لإنهاء الحرب في سوريا”، داعياً الدول العربية إلى اتباع “نهج تدريجي” وتولي قيادة حل الصراع في سوريا، مضيفاً “علينا كعرب أن نتولى دورنا في الجهود المبذولة لإنهاء الكارثة السورية”.
كما قال وزير الخارجية الأردني أن “العملية السياسية التي يحشد لها الأردن تستند إلى قراري الأمم المتحدة 2254 و2642، اللذين يضعان خريطة طريق لتسوية تفاوضية، بالإضافة إلى تصاريح المراقبة وتسليم المساعدات الإنسانية إلى سوريا”، مشيراً إلى أن المبادرة الأردنية ستشمل المملكة العربية السعودية ودولاً أخرى.
ويشير المراقبون إلى أن المبادرة الأردنية الحالية ستفشل كما فشلت المبادرة السابقة، وخاصة في ظل الصراع المحتدم على النفوذ والهيمنة على سوريا والعقلية السلطوية الموجودة لدى حكومة دمشق الرافضة لأي حل سياسي.
وفي تصريح لوكالتنا، قال الرئيس المشترك لمجلس سوريا الديمقراطية، رياض درار: “هذه المبادرة أولاً لم يكشف عنها كخطة، هي مجرد تلميح بأن هناك مبادرة ولا أعتقد أن هدفها إيجاد حل سياسي كامل، لأنها تخرج وسط أزمة للمنطقة وللأردن خاصة الذي خسر المحاولة الأولى في مسألة اللاورقة عندما اكتشف أن النظام لم يؤدي ما عليه ولن يستجيب لما طلب منه، بعد هذه المبادرة الأولى التي أطلقها الملك الأردني منذ أكثر من عام، على العكس بعد تلك المحاولة زاد التهديد بالمخدرات ودخول المخربين والسلاح والخشية من الإرهاب الذي يأتي عبر الحصار الإيراني بعد أن تم تحييد جبهة الجنوب”.
وتابع “جبهة الجنوب كانت تحاصر دمشق، والأردن هو الذي سبب الأزمة على حدوده حين ترك الأمر دون تدخل إيجابي في هذه الجبهة، فتح المجال للإيراني وحزب الله في التوغل وكذلك في الدخول إلى المنطقة بشكل واسع، الآن الحرس الثوري على حدود الأردن وبالتالي مثل هذه المبادرة ضرورية جداً لمصلحة الأردن، ولا أعتقد أنها تسعى لإيجاد حل سلمي كامل وان استندت إلى قرارات الأمم المتحدة، القرار 2254 وقرار الإنعاش المبكر 2642 بالتالي ربما يكون هدف من الأهداف هو حلحلة أو اختراق من جديد عبر حاجات المنطقة والتي أيضاً ظهرت بعد التدخل الروسي في أوكرانيا وضعف الدور الروسي في سوريا”.
صراع النفوذ
ويرى مراقبون أن المبادرة الأردنية الحالية، وبدعم عربي وأميركي، تأتي، أولاً، رداً على “قمة طهران” التي جمعت ثلاثي الصفقات (أنقرة وطهران وموسكو)، لقطع الطريق على الدول الثلاث في التفرد بسوريا، وثانياً، تأتي قبل شهر من موعد القمة العربية التي ستعقد في الجزائر، وذلك ظناً منهم بأنهم قادرين على إبعاد حكومة دمشق عن الحضنين الإيراني والروسي.
وفي هذا الصدد، يقول درار: “بالنسبة لمسألة أنها رد على حلف آستانا أو بديل عنه يتعهد به العرب من خلال ذكر السيد الصفدي لدور السعودية في هذا الأمر ومعروف أن السعودية وقطر قد ساهمتا في منع النظام السوري من المشاركة في اجتماعات الجامعة العربية، وما زالتا، وبالتالي فإن إدخال السعودية هو أمر يستحق الوقوف عنده، إن كان هناك تفاهمات بين الأردن والسعودية على هذه المسألة ثم أن التصريح الذي قام به الصفدي كان قد جاء بعد لقاء مع وزير الخارجية الروسي لافروف ومع وزير الخارجية الإيراني عبد اللهيان، في الأمم المتحدة”.
وأوضح “إذاً هناك سعي أردني لحلحلة الموقف ربما يكون على حساب الأزمة التي يعاني منها الروسي بالإضافة لعدم إمكانية استمرار الحوارات والتفاوض في جنيف بعد منع الوفد الروسي من الدخول إلى جنيف كما قيل، عندها لابد من أن يكون هناك أرض بديلة لاستمرار الحوار فإذا سعت الأردن إلى هذا الدور وتطبيق الحل عبر تدخل عربي يمكن أن ينتقل التفاوض إلى منطقة قد تكون في قطر أو عمان كما هو مطروح، وبالتالي عندها يمكن للأردن أن يستفيد من هذه الحركة التي ستؤدي إلى شيء من حماية حدوده وعدم التدخل، بسبب أن للأردن دور في استمرار التفاوض من أجل حل سياسي باعتقاد الأردن أنه يرضي الجميع”.
مصيرها الفشل كسابقاتها
ويرى المراقبون أن مصير المبادرة الأردنية العربية سيكون مشابهاً لمصير سابقاتها، وبأنها لا تسعى إلى حل حقيقي جذري للأزمة السورية، مبررين ذلك بأن الأردن كغيرها من الدول التي تسعى إلى إيجاد موطئ قدم لها في سوريا، بغية تحقيق مصالحها، أو لتجنيب نفسها من انتقال عدوى هذه الأزمة إلى داخل حدودها، حيث قال الصفدي: “نحن قلقون للغاية من الوضع في الجنوب السوري”، وبحاجة للاستقرار هناك”، مشيراً إلى أن “خطر تهريب المخدرات يشكل تهديداً كبيراً لنا”.
وحول ذلك، قال درار: “إذا كانت المبادرات السابقة فشلت بما فيها مبادرة اللاورقة التي طرحتها الأردن، هذا يجعل السؤال قائماً بأنه هل يمكن الوثوق بالنظام، الأردن جرب خلال مبادرة اللاورقة ولكن أيضاً السعي لإدارة أزمة ما هو أمر طبيعي والأردن يسعى إلى دور كما أنه مثل لبنان والسعودية يبحث عن مصالحه في الأزمة وفي الحل في سوريا، سوريا أصبحت مكاناً لأمراض سياسية كبيرة تهدد المحيط وبالتالي من خشية انتقال هذه الأمراض إلى الجوار تأتي هذه المحاولات خاصة أيضاً العبء الكبير للاجئين على دول الجوار، هناك من يرى أنه يمكن الاختراق والوصول إلى حل ما يؤدي إلى إعادة تأهيل النظام على أمل أنه قابل للإصلاح، مع أن التجارب تقول غير ذلك، هذا خطأ لكن هو نوع من حركة الضرورة والسعي للاختراق عبر التطبيق”.
وبعد اندلاع الأزمة في سوريا منتصف آذار 2011، كثرت المبادرات والاجتماعات الدولية والإقليمية لبحث ملف الأزمة السورية، منها قمة سوتشي وطهران واجتماعات ما تسمى باللجنة الدستورية وغيرها، والتي لم تفلح بشيء حيال الأزمة السورية بل على العكس عمقتها أكثر من خلال حكم القوى الخارجية هيمنتها على الأراضي السورية بغية تحقيق مصالحها وسد الطريق أمام دمقرطة سوريا والشرق الأوسط.
لا حل بوجود الاحتلال التركي
واستبعد درار نجاح أي مبادرة تطلق من أجل حل الأزمة السورية مع استمرار صراع القوى الخارجية على فرض هيمنتها على الأراضي السورية، ووجود الاحتلال التركي وأتباعه من الجماعات الإرهابية، وقال: “الحقيقة أنه لا يمكن الحديث أن هذه المبادرات التي تطلق يمكن أن تحل الأزمة، فصراع القوى الخارجية على الهيمنة سواء كان على سوريا أو استخدام سوريا أرضاً لإدارة الصراع مثل الصراع بين إسرائيل وإيران، وبين روسيا وأميركا، وهناك تركيا التي لها أطماع في سوريا لا تتوقف وقد استفادت من قضم جزء من أرض سوريا، في الشمال السوري، وبالتالي هي أيضاً تفاوض على مكاسب لها في هذه الأزمة”.
وأضاف: “رغم الاستدارة التركية التي تبحث الآن عن دور جديد عبر المصالحة مع النظام وهذا الالتفاف خطير جداً على كل المسار لأن المعارضة التي تقيم في تركيا هي الآن تحت التهديد التركي بتسليمها للنظام أو أن تسلم بالتفاوض المباشر معه، كما تسعى تركيا إلى تعزيز هذا التقارب من أجل مصالح انتخابية للحزب الحاكم ولرئيس البلاد أردوغان”.
واستدرك درار، بالقول: “إذاً لا يمكن أن نفكر بأن المبادرات التي تقوم الآن تخدم سوريا، قد تعيد الأزمة من جديد بأشكال أخرى لأن الاحتلال الموجود يجب أن يخرج ولأن الإرهاب يجب أن ينتهي ولأن السوريين عليهم أن يؤمنوا بالحل وبأن التقارب السياسي هو مصلحة للجميع، لا النظام يقبل ولا المعارضة تستطيع والتقسيم الحاصل في البلاد يمكن أن يكون هو الحل الوحيد الظاهر على السطح الذي يمكن أن يجعل البلاد إلى حد ما تقيم إداراتها الذاتية التي تتفاوض لاحقاً على وحدة البلاد بعد انتهاء الأزمة أو وجود تدخل كبير من أجل حل هذه الأزمة”.
مشاركة الأطراف السورية ضروري لحل الأزمة
ويرى رياض درار، بأن الحل الأمثل لإنهاء الأزمة السورية هو إنهاء الصراعات الدولية ومشاركة كافة الأطراف السياسية السورية في الحل السياسي للأزمة السورية، وقال: “يجب أن تنتهي الصراعات الدولية لأنه بوجود هذه الصراعات والأزمات لن يكون هناك أولوية لسوريا، ولذلك على السوريين أن يجدوا حلولاً ذاتية بأنفسهم لأنفسهم وإلا فأن النزيف مستمر، لكن الواقع الحالي يقول أن سوريا قسمت إلى ثلاث مناطق إدارية يمكن أن تقوم فيها إدارات ذاتية وأي إدارتين تلتقيان من هذه الإدارات الثلاث سوف تشكل نصراً على الطرف الثالث، من هنا فإن فكرة التلاقي يجب أن تحسن من أجل مواجهة الحل، عندها نستطيع أن نقول أن الأزمة بدأت تتفكك”.
ونوه رياض درار إلى أن سوريا تدار الآن بأساليب مختلفة في الإدارات الثلاثة، ومضى في حديثه: “إدارة مرتهنة بتركيا في شمال الغرب ولكنها تحمل طابع إسلامي وفيها أيضاً جانب محكوم عليه أنه متهم بالإرهاب يحكم مدينة إدلب، هذا مصيره أيضاً يتقرر ضمن سياق الأحداث، وهناك جانب ديمقراطي وطني سوري يحمل هم المكونات في سوريا وكيف يمكن أن يكون لهم تواجد طبيعي وحقيقي يعترف به دون إقصاء أو إبعاد كما كان يحصل سابقاً، وأن تكون سوريا دولة للجميع وأن يديروا أنفسهم بأنفسهم في مناطقهم ضمن وحدة الأراضي السورية وسيطرة الوزارات السيادية في المركز، وهناك النظام على ما هو عليه لا يمكن أن يتغير ولديه من يدعمه ويقف إلى جانبه ويأتي به إلى الساحات الدولية لينتصر عبر هذا الدعم، شكل الانتصار الذي يقع للنظام هو نوع من القهر للأطراف الأخرى وهذا لا يسمى حلاً”.
وتابع “إذاً علينا أن نفكر بإيجابية بمن نلتقي ومع من نشكل العلاقات حتى نصل إلى تغيير هذا النظام بشكل صحيح كاف لكي تعود سوريا إلى وجهها المشرق الذي بدأ قبل حكم السيطرة للحزب الواحد وللعائلة وللشخص الواحد، سوريا وأبناء سوريا يحتاجون أن تتحقق لهم الآمال والانفراج بعد هذه الأزمة التي شتت أبناء سوريا في العالم كله، وأيضاً هناك معتقلون كثر كما أن هناك شهداء وقتلى كثر هؤلاء كلهم قدموا تضحيات من أجل أن تعود سوريا إلى ما هو أفضل لأن هذه الدماء التي ضحت لا يمكن أن تكون بعد ذلك في مجال الضياع يجب أن نعطي حق الدماء نوع من الازدهار للأبناء والأجيال القادمة”.
نشكل منصة للسوريين الديمقراطيين
واختتم الرئيس المشترك لمجلس سوريا الديمقراطية رياض درار، حديثه بالقول: “بالنسبة لنا في مناطق شمال شرق سوريا نحن أبعدنا عن الحل السياسي وهذا بتعنت من الطرفين النظام لا يريد والمعارضة لا تريد، وهناك تركيا تسيطر على المعارضة وتدفعهم إلى الامتناع عن التفاوض والحوار معنا كمجلس سوريا الديمقراطية أو كإدارة ذاتية، لكن نحن نحاول دائماً إشراك الجميع في الحل السياسي ونعمل على ذلك عبر الدعوة لمؤتمر القوى الديمقراطية لنشكل منصة للسوريين الديمقراطيين ليكونوا جزءاً من حركة التفاوض على الحل السياسي، هذه وسيلة من الوسائل التي نقوم بها في الوقت الحالي ونعتمدها سياسياً، مع أن هناك عمل مستمر للبناء والإعمار والاستقرار في مناطق شمال شرق سوريا لتكون تجربة للإدارة الذاتية في كل سوريا كما أنها تكون نقطة جذب للسوريين لتمثيل حياتهم في مناطقهم بمثل هذه التجربة”.
ADARPRESS #