الثورة تعني النهوض بالثقافة والفن
حينما نتحدث عن الثورة فنحن نتحدث عن التغيير والتطوير في جميع المجالات، والأمر غير محصور بالتحول السياسي فقط؛ الثورة إحياء للديمقراطية، وهذا الإحياء خاصة في ظل القمع الذي تمارسه ومارسته الأنظمة الدكتاتورية المتسلطة يحدث تغييرات كبيرة في عموم المجالات. الكرد يشاركون اليوم في ثورة نوعية في المنطقة تمثل هذا الإحياء في ظل ما تعرضوا له من إبادة وإنكار وقمع على مدار آلاف السنوات التي مضت؛ حيث يناضل الكرد من أجل إعادة تصحيح المسارات التي شوهت تاريخهم ولغتهم وهويتهم؛ لذا ما يتم اليوم من نضال وتطور في مجالات اللغة، الثقافة، التاريخ، الفن، الجغرافيا؛ فهو بالرغم من أهميته لكن في مفهوم الثورة وحقيقتها غير كافٍ.
حيث في ظل الثورة الديمقراطية ومحاولات الإبادة التي تتم ممارستها بحق شعبنا بالتزامن مع الحصار الخانق ومحاولات العزل السياسي وفرض ضغوطات اقتصادية على المجتمع وكل ما يتم من نضال؛ لا بد من زيادة وتيرة العمل والتطوير في مجال الثقافة والفن، حيث هذا المجال الذي بات يشهد تقدماً ملحوظاً بات يميز ثورتنا من كافة النواحي، رغم أنه هناك الكثير من العراقيل والعوامل المعيقة لكن بتنا نرى تطوراً في الفن بمختلف مجالاته من مهرجانات وأعمال سينما وغناء بالإضافة للمعارض وتطور الفن اليدوي وبروز الدور الريادي للمرأة في هذا المجال. كذلك تنظيم المنتديات الأدبية والشعر والطباعة والترجمة. كل هذا بحد ذاته يعتبر ثورة ضمن الثورة العامة، كذلك ميراث هام للسنوات القادمة الذي سيستند عليه كل من يعيش على هذه الأرض وسيفتخر بها كونها، أي هذه الأعمال، تم إنتاجها في ظروف صعبة وقاهرة، حيث أن محاولات الإبادة بمختلف صنوفها كانت موجودة في كل مكان.
لا بد من دعم مجال الثقافة والفن وتشجيع ذلك بحيث يواكب حقيقة الثورة ويعززها في الجوانب التي توضح حقيقتها مستقبلاً؛ مع ضرورة أن تكون كل الأعمال الفنية والثقافية خدمة للثورة وانعكاس حقيقي لروحها. بمعنى التجرد من المصالح الفردية والمساهمة فيما يظهر نوعية الثورة التي نعيشها، الثورة الحقيقية التي تمثلها هوية وإرادة وتاريخ شعبنا ومستقبله الديمقراطي بعيداً عن أي تحزب سياسي. لا بد للجميع أن يناضل في هذا المجال بشكل ثوري. وهنا الأهمية هي للفنانين والمثقفين، حيث بالإضافة لمهامهم المجتمعية والسياسية فهم يمثلون دوراً هاماً في ترجمة الثورة عبر الأعمال والنتاجات التي يمكن استخلاص الكثير منها لما تحتويه ثورتنا من أهمية وضرورة وتميز.
في شكل الاستهداف الأكثر خطراً هو ما يتم من أجل تشويه الثورة التي تطيح بالمفاهيم والأشكال المصادرة لحرية الشعوب والتي تحيي هويتها ولغتها وثقافتها؛ كل ما يتم اليوم ضد ثورة شعبنا نابع من الخوف الكبير من النتائج التي ستنجم عنها؛ لذا تقتضي الضرورة في أن تكون كل الهمم مستنفرة لمنع تشويه ما تم من مكاسب وأداء المطلوب لضمان دوامها وتطورها.