سيناريو ألمانيا الغربية في سورية …هل يفعلها بايدن وأردوغان؟
د. أسامة قاضي
لم يكن يخطر ببال الألمان بعد خسارتهم في الحرب العالمية الثانية أن ألمانيا ستقوم لها قائمة, خاصة أن هناك من أعضاء الكونجرس الأمريكي من أوصى بجعل ألمانيا دولة زراعية خالية من الصناعة، لكن عبقرية لودفيغ ايرهارد أستاذ الاقتصاد الألماني، وذكاء الاستراتيجية الأمريكية زمن هاري ترومان هي التي قلبت الموازين وجعلت من ألمانيا الغربية كيانا اقتصادياً مرموقاً ينتصر على الاتحاد السوفيتي بقوة النموذج الاقتصادي.
ألمانيا الغربية لم تكن سوى توحيد منطقتي النفوذ الأمريكي والبريطاني ثم التحق الجزء الفرنسي لاحقا.
هناك واقع مشابه لأجواء الحرب العالمية قائم الآن في سورية خاصة بعد غزو روسيا لأوكرانيا فسورية الآن هي عبارة عن ثلاثة مناطق نفوذ روسي وأمريكي وتركي، ولو أن صانع القرار الأمريكي التقط هذه اللحظة التاريخية ليستعيد أيام المجد الأمريكي سياسياً واستراتيجياً عبر انتصاره بالنموذج في سورية بتوحيد منطقتي النفوذ الأمريكي والتركي في ما أسميته في كتابي الأخير حول سيناريوهات إعادة الإعمار في سورية “سيناريو ألمانيا الغربية ” بحيث تكون منطقة واحدة في الشمال السوري بأدوات ديمقراطية بعد عودة السوريين إلى مناطقهم وبإجراء انتخابات حرة نزيهة -كما حدث في ألمانيا الغربية- وبرئاسة حكومة تكنوقراط، بحيث يستعيد السوريون قواهم الاقتصادية وتكون منطقة جاذبة للاجئين والنازحين السوريين في دول الجوار ليعودوا ليبنوا بلدهم برعاية أمريكية تركية مشتركة، عندها سيقدم صانع القرار الأمريكي نموذج سورية الديمقراطية الحقيقية دون الاستعانة بالأدوات الحالية، واستبدال سلطات الأمر الواقع في الشمالين الشرقي والغربي بممثلين وطنيين منتخبين حقيقيين لمناطقهم، وبذلك ستنتصر منطقتا النفوذ بقوة النموذج الاقتصادي التنموي المدعوم دولياً والمتصالح مع العالم بإشراف أمريكي- تركي مشترك، بحيث نضمن ألا يكون هناك مطالب انفصالية وتغيير ديمغرافي مرفوض سوريا، وكذلك نضمن دولة مدنية ديمقراطية حرة بعيدة عن كل تشكيلات مصنفة إرهابياً.
لو تمت الاستعانة بشهر العسل الروسي التركي ربما تكون هناك إمكانية لضم كامل حلب لمنطقتي النفوذ خاصة أن النظام السوري عاجز عن إدارة مناطقه وهنالك فشل اقتصادي مخيف، والناس تعاني من نقص الماء والكهرباء والغذاء، وبذلك تكفيه أمريكا وتركيا مؤونة رعاية المعذبين في مدينة حلب، إضافة إلى باقي مدن منطقتي النفوذ.
ترى هل يدخل الرئيس بايدن التاريخ كما فعل ترومان ويبني مع شريكه التركي نموذج ألمانيا الغربية الجديدة على الأرض السورية بعد “مشروع مارشال” أو ربما “مشروع بلينكن” سوري الذي يرحب بالشركات السورية والأمريكية والأوربية والتركية والعربية ويضمن أمن جيران سوريا لأجيال قادمة حيث تنتهج سوريا الحرة الديمقراطية في الشمال سياسة “صفر مشاكل” مع العالم وتسعى لتوحيد باقي الأراضي السورية كما فعل الألمان الغربيون حيث تحقق حلم وحدتهم بعد أربعين عاما بعد سقوط الاتحاد السوفييتي.
سيناريو ألمانيا العربية هو سيناريو توحيد سورية على مرحلتين على الطريقة الألمانية، وهاهي اليوم ألمانيا موحدة ولم يمنعها وجود أكثر من أربعين نقطة وقاعدة عسكرية أمريكية و ٣٨ ألف جندي أمريكي على الأرض الألمانية من أن تكون ثالث أكبر اقتصاد في العالم بناتج دخل قومي يفوق ٣.٥ تريليون دولار ، فهل يفعلها بايدن وأردوغان كما فعلها قبلهما ترومان وتشرشل؟
ADARPRESS #