إن قيام حكومة اردوغان بحبس حصة سوريا من مياه نهر الفرات منذ عام تقريبا، تصنف تحت بند حرب سياسية اقتصادية بيئية، ولتحقيق غايات قومية لصالح الدولة التركية والتخطيط لاستراتيجية مستدامة طويلة الأمد لصالحها فقط، دون مكترث لمصير دول الجوار ولا للاتفاقيات الدولية المبرمة منذ عقود مضت.
ولمعرفة المزيد حول خلفية هذه الحرب الممنهجة، تحدث لموقع”اداربرس”الناشط البيئي، زيور شيخو، قائلا:” كانت هناك اتفاقية سورية_ تركيا تم التوقيع عليها عام 1987، وهي اتفاقية مؤقتة لتقاسم مياه نهر الفرات بين سوريا وتركيا خلال فترة ملء حوض سد أتاتورك، والتي تمتد إلى 5 سنوات. ونصت الاتفاقية على أن بتعهد الجانب التركي بأن يوفر معدالً سنوياً يزيد عن 500 متر مكعب الثانية،
إلى الحدود التركية السورية بشكل مؤقت إلى حين الاتفاق على التوزيع النهائي لمياه نهر الفرات بين البلدان الثالثة الواقعة على ضفتيه”.
تابع:” وقد قامت سوريا في 17 أبريل 1989 بتوقيع اتفاقية مع العراق تنص بأن تكون حصة العراق الممررة له على الحدود السورية_العراقية قدرها 58 % من مياه الفرات في حين تكون حصة سوريا 42 %من مياه نهر الفرات. وبذلك تكون حصة سوريا من مياه نهر الفرت 627.6 مليار متر مكعب وحصة العراق 106.9 مليار متر مكعب وحصة تركيا 700.15 مليار متر مكعب في السنة.
وقد قامت سوريا في عام 1994 بتسجيل الاتفاقية المعقودة مع تركيا لدى الأمم المتحدة لضمان الحد الأدنى من حق سورية والعراق في مياه نهر الفرات”.
أشار:” ومن الأهداف الحقيقية من وراء حبس حصة سوريا من نهر الفرات، لتحقيق مشروع جنوب شرق الأناضول وبالتركية، يعرف اختصار باسم GAP هو مشروع تنموي اقتصادي لمنطقة جنوب شرق الأناضول في تركيا، حيث يهدف المشروع إلى توسيع الرقعة الزراعية وتوليد الكهرباء عبر بناء 21 سد ونفق على مجريي نهري الفرات ودجلة، وكان من المفترض أن يكتمل اتمام المشروع بحلول عام 2010 وبتكلفة 32 مليار دولار أمريكي. كما يضم المشروع 17 محطة توليد طاقة كهربائية من الماء، ومن المتوقع أن تلبي تلك المحطات 22 %من احتياجات تركيا للطاقة عام 2010 .بتوليد 900,8 جيجاواط ساعة يكون المشروع من أكبر المشاريع لتوليد الطاقة في العالم”.
أردف:”يتم التخطيط لهذا المشروع منذ جاءت فكرة ولادة الدولة القوموية في تركية منذ عهد مصطفى كمال اتاتورك، ومن الأهداف الحقيقية لذلك، هي أولا: للاستفادة من مياه نهري دجلة والفرات هي الحاجة إلى الكهرباء والتي تحظى بالأولوية في العشرينات الثلاثينات من القرن العشرين ولذا أنشأت إدارة الدراسات الكهربائية عام 1936
لدراسة مدى إمكانية االستفادة من مياه الأنهار داخل الدولة في توليد الكهرباء. وبدأت الإدارة دراساتها مع “مشروع سد (كيبان)وقامت ببناء محطة رصد لمراقبة مدى قوة تدفق مياه نهر الفرات ودراسة خصائص النهر.
وقد بدأ في بناء سد كيبان في منتصف (الستينيات).
أكد:” تكمن المشكلة في العقلية التركية حيث تعد تركيا نهري دجلة والفرات نهرين وطنيين ولا تعدهما نهريين دوليين، لذا تؤكد بأن لها حق السيادة المطلقة على مواردهما المائية، بحيث لا ينبغي أن تخلق السدود التي تبنيها على النهرين مشكلات دولية، وبدراسة كل المعاهدات والقواعد الدولية في هذا المجال نجد إنها تدافع عن حق جميع الدول المتشاطئة في استخدام مياهها الدولية دون أي أعتبار لنظرية الحق الإقليمي المطلق. وقد شرعت تركيا خلال الثمانينيات من القرن الماضي في تنفيذ مشاريعها المائية ُمبتدئة بمشروع جنوب شرق الأناضول (الغابGAP) في العالم وفي تركيا، الذي ُيعد أحد أكبر المشاريع طموحا وهو في الأساس من أفكار سليمان ديميريل رئيس الوزراء التركي ً
ورئيس الجمهورية الأسبق، أن نضوج فكرة المشروع كانت في نهاية السبعينيات من القرن الماضي، رغم إن خطة إنشاء سد (كيبان) على الفرات في تركيا كانت قبل ذلك بكثير، ويتضمن مشروع (الغاب) 13مشروعاً رئيساً، منها 7 مشاريع ضمن حوض الفرات، و6
مشاريع ضمن حوض نهر دجلة، ويتضمن المشروع انشاء 22 سداُ مع 19 محطة كهرومائية. ثم أتبعت تركيا مشروع (الغاب) بمشروع مياه (أنابيب السلام)، الذي بدأ التخطيط له وإعداد الدراسات الأولية له عام 1986، وُيعد المشروع المذكور أحد المواضيع الحساسة والمؤثرة في العلاقات العربية-التركية بوجه عام، وسيساهم هذا المشروع في حالة تنفيذه كما تزعم تركيا في أزالة الكثير من المشاكل المائية والزراعية والتنموية لدول المنطقة. يعمل مشروع (أنابيب السالم) على توجيه جزء من مياه تركيا إلى دول الشرق االوسط والخليج العربي عبر خطين من الأنابيب، الأول خط غربي يصل طوله إلى 2700 كيلو متر، والثاني ) وخط شرقي و خط الخليج ويصل طوله إلى 3900 كيلو متر.
وتواجه هذا المشروع الكثير من الصعوبات والعقبات التي حالت دون تنفيذ المشروع”.
قال:” مشروعها المائي (الغابGAP ) وأنابيب السلام إلى تحقيق جملة أهداف: اقتصادية وسياسية وأمنية واستراتيجية، ومن طبيعة وأهداف مشاريع تركيا المائية يتضح بأنها تسعى ألى أن تكون قوة اقتصادية وسياسية على حساب مصلحة الدول المتشاطئة معها في نهري دجلة والفرات، وتصر على نهجها في تنفيذ برامجها المائية، بالرغم من الاعتراضات عليها من قبل العراق وسوريا بصفتهما دولتين متضررتين”.
آداربرس/ خاص