تقوم العلاقات الإيرانية-السورية التي بدأت بعد سقوط نظام الشاه عام ١٩٧٩م على مبدأ مواجهة العدو المشترك المتمثل بإسرائيل وحلفائها؛ حيث أبدى البلدان الكثير من الدعم لبعضهما في الكثير من المراحل المختلفة. مع الضعف الذي أصاب النظام السوري جراء الأزمة التي ساهم في اندلاعها؛ تجاوزت طبيعة العلاقات بين الطرفين مستوى العلاقات التوافقية إلى مستوى تحقيق هيمنة إيرانية على سوريا، وجعلها ساحة متقدمة لصراعها الإيديولوجي مع كل من إسرائيل والدول العربية والحركة السياسية الكردية؛ قد يكون هذا الأمر تفسيرا لحجم الدعم العسكري والسياسي والاقتصادي والاعلامي الذي قدمته إيران للنظام السوري؛ وتأتي زيارة وزير الخارجية الإيراني أمير عبداللهيان إلى سوريا اليوم الخميس بعد زيارته البارحة لإنقرة في إطار جهود إيران للحفاظ على مصالحها في أية عمليات تسوية محتملة لأزمة هذا البلد، أو محاولة لفرض الرؤية الإيرانية لحل خذه الأزمة على غرار محاولة روسيا لفرض رؤيتها في هذا الأمر. وتحمل هذه الزيارة الكثير التساؤلات عن حقيقة ما تم نقاشه بين وزيري خارجية كل من تركيا وإيران يوم الأربعاء بخصوص الأزمة السورية، خاصة أن الوزير الإيراني سيلتقي بكل من الرئيس السوري ووزير خارجيته.
ما يميز هذه الزيارة أيضا هبوط طائرة الوفد الإيراني في اللاذقية ومن ثم زيارة أمير عبداللهيان قبر الرئيس الراحل حافظ الأسد ووضع إكليلا من الزهور عليه؛ ومن ثم الاطلاع على الأضرار الذي تسبب بها الزلزال في المنطقة، حيث أعرب عن تضامنه وتعاطفه مع النظام السوري في محنته. لذلك تبدو الزيارة ذات رمزية خاصة بالعلاقات بين الطرفين قد تكون محاولة لتحييد جهود بعض الدول العربية لاستمالة النظام السوري إلى طرفها والتطبيع معها؛ أو مواجهة محاولات تركيا وروسيا وإسرائيل إضعاف نفوذ إيران في سوريا؛ أو زيادة وتيرة العمليات التي تستهدف الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا والسيطرة على المناطق الكردية في حلب والشهباء.