تعتبر عمليات التغيير الديمغرافي جريمة بحسب كل من اتفاقيات جنيف، ونظام روما الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية، والقانون الإنساني الدولي، والشرائع السماوية؛ كونها تهجر قسرا سكانا عن مواطنهم وممتلكاتهم بدون مبرر، وذلك بشكل مباشر أو غير مباشر، وقد تعمد عملية التغيير الديمغرافي إلى جلب اثنيات أخرى إلى منطقة ما بغرض إحداث تخلخل ديمغرافي لأغراض أيديولوجية وسياسية تؤدي في النهاية إلى إهلاك أو صهر السكان الأصليين؛ وهذا ما يجري تماما في شمال غربي سوريا، خاصة في عفرين وحلب وريفها، حيث يتسابق كل من النظامين التركي والإيراني على بناء المستوطنات وترويع السكان الأصليين لصالح جماعات موالية لكل نظام؛ ففي عفرين تستمر عملية بناء المستوطنات وتغيير معالم المنطقة الكردية وسرقة آثارها بغطاء من جيش الاحتلال التركي ومرتزقته وبتمويل إخواني- قطري، والعمل على الأسلمة المتطرفة للمجتمعات التي تقبع تحت سيطرتهم. من طرفها يعمل النظام الإيراني على تحقيق هيمنة أيديولوجية ومذهبية على حلب وريفها لما تمثله هذه المنطقة من مكانة في التاريخ السياسي للشيعة ( الدولة الحمدانية)، ففي حلب تم تهجير الآلاف من سكانها ويتم شراء العقارات بشكل ممنهج لصالح أتباعها، ويتم فرض حصار خانق على الأحياء الكردية في المدينة تمهيدا لاقتحامها وتهجير سكانها؛ وقد أعلن مؤخرا عن البدء بتشييد مجمع ” ابو مهدي المهندس” الاستيطاني شرق حلب ب٥٠٠ وحدة سكنية.
هذه السياسات تنذر بحرب طائفية طاحنة في المستقبل لا علاقة لسكان المنطقة بها؛ وهذا ما سيحولها إلى بؤرة توتر خطرة في الشرق الأوسط.