لا يكاد يمر يوم إلا ويتعرض إنسان أو نبات أو حجر لانتهاك في عفرين المحتلة من قبل كل من جيش الاحتلال التركي ومرتزقته مما يسمى فصائل الجيش الوطني وهيئة تحرير الشام، الذين يستمرون في ترويع من تبقى من السكان الأصليين، وإضعاف أمل المهجرين بالعودة إلى ديارهم، والعمل على سلخ عفرين وإلحاقها بالدولة التركية.
وتشير معظم الوقائع على الأرض منذ احتلال الإقليم في آذار عام ٢٠١٨م إلى وجود مخطط ممنهج هدفه إبادة الكرد في هذه المنطقةالتي تعد جزء من الوطن التاريخي لاسلافهم منذ آلاف السنين؛ وبالاستناد إلى التقارير الحقوقية الصادرة عن المرصد السوري لحقوق الإنسان ومركز توثيق الانتهاكات في الشمال السوري والناشطين الحقوقيين المحليين والمهجرين الذين يترددون إلى رابطة عفرين الاجتماعية يمكن تحديد ثلاثة وسائل رئيسية تعتمدها عمليات الإبادة التي تجري في عفرين، ويتشعب عن كل وسيلة مجموعة من العمليات الممنهجة؛ والوسائل الثلاثة هي:
١. التغيير الديمغرافي.
٢. صهر الثقافة المحلية الكردية في ثقافة المستوطنين والمستعمرين.
٣. تغيير المعالم الجغرافية للمنطقة.
▪ بالنسبة للتغيير الديمغرافي فيتم عبر العمليات التالية:
أولا- التهجير القسري المتواصل منذ احتلال الإقليم عن طريق كل من الترويع والمضايقات الأمنية والخطف والتعذيب والمعاملة المهينة والتهديد ومصادرة الممتلكات. وتشجيع الهجرة إلى أوروبا عبر المهربين الأتراك.
ثانيا- بناء المستوطنات، حيث تم بناء عشرات المستوطنات لعائلات المرتزقة بتمويل من جمعيات إخوانية وقطرية وتركية تحت مسميات خادعة.
ثالثا- تشجيع أتباع جماعات المعارضة الذين هجرهم النظام السوري بموجب صفقاته مع النظام التركي على التمركز في بلدات وقرى عفرين ومنحهم امتيازات اقتصادية وحصانة.
▪ بالنسبة للصهر الثقافي؛ فيتم عبر عمليات:
أولا- التتريك، من خلال فرض المناهج التركية على المدارس، وفرض اللغة التركية إلى جانب العربية في العديد من المؤسسات، وتقديم التسهيلات للدراسة في الجامعات التركية، ومنع أي نشاطات ثقافية كردية.
ثانيا- فرض العقيدة الاقتصادية التركية، من خلال التعامل بالليرة التركية وربط النشاطات التجارية بالمراكز التجارية التركية في عنتاب وهاتاي وغيرها.
ثالثا- ترسيخ الأسلمة المتطرفة بنزعة تركية، عبر الجوامع ومسابقات تحفيظ القرآن الكريم والإلزام بقوانين الفصائل المرتزقة، والترويج للعثمانية كخلافة إسلامية، والنشاط الدعوي المركز من قبل جماعة الإخوان المسلمين وهيئة تحرير الشام، وممارسة الوصاية الدينية على المجتمع المحلي، وتكفير الثقافة الكردية والحركة السياسية الكردية، وقمع الرموز والشعائر الدينية للكرد الإيزديين والعلويين.
▪ بالنسبة لتغيير المعالم الجغرافية، فتتم عبر عمليات قطع أشجار الزيتون وبناء القواعد العسكرية والمستوطنات، وجرف القبور والمزارع، وفرض النمط العمراني المعتمد في الدولة التركية، واستبدال اسامي المناطق، ونهب المواقع الأثرية وغير ذلك.
على الرغم من كل هذه العمليات الفظيعة لا يزال أبناء وبنات وشيوخ عفرين متمسكين بمقاومة عمليات الإبادة، حيث يعمل الناشطون على توثيق مختلف الانتهاكات ورفعها إلى المؤسسات الحقوقية الدولية، ويتشبث من تبقى بأمل العودة إلى الديار وإبقاء الذكريات حية وتوريثها إلى الجيل القادم. بالمقابل لا تزال المنظمات الحقوقية الدولية تقف مكتوفة اليدين أمام هذه الانتهاكات وتتحمل مسؤولية أخلاقية وقانونية كبيرة بعدم استجابتها لمناشدات المقهورين من سكان عفرين ومساعدتهم لإنصافهم وتجاوز محنتهم استنادا إلى المواثيق الحقوقية التي تعتمدها هذه المنظمات في أعمالها وأهدافها.
خاص/آدار برس
#ADARPRESS
