يبدو الانتظار في تركيا ثقيلاً قبل الانتخابات الرئاسية والتشريعية في الرابع عشر من أيار/ مايو القادم. وبالرغم من استطلاعات للرأي في غير صالح الرئيس رجب طيب اردوغان، يتضح ان المنافسة محتدمة وان الصورة ضبابية بسبب امكانية اتخاذ الناخبين لخياراتهم في اللحظة الاخيرة، مع خشية البعض من حصول خروقات تمس نزاهة العملية الانتخابية.
شهدت الايام الاخيرة تطورات متتالية يمكن ان تؤثر على المسار الانتخابي أولها الاعلان المفاجيء لمرشح المعارضة الرئيسي كمال كيليتشدار أوغلو، في مقطع مصوّر عن كونه علوياً، وهذه سابقة في الحملات الانتخابية. وثاني التطورات الوعكة التي اصابت اردوغان وعودة الشائعات عن وضعه الصحي.
اما التطور الابرز فكان في 28 ابريل، وتمثل بدعوة حزب الشعوب الديموقراطي اليساري والمؤيد للأكراد، إلى التصويت لصالح زعيم المعارضة التركية كمال كيليتشدار اوغلو. وكان موقف هذا الحزب الذي يعد الثالث على الساحة التركية، مثار الاهتمام لانه بنظر الكثيرين يمكن ان يكون صانع الملوك في سباق دقيق.
لكن هذه التطورات لن تكون بالضرورة ضد اردوغان اذ ان الاصول الكردية المحتملة لزعيم المعارضة كمال كليتشيدار اوغلو وموقف حزب الشعوب الديمقراطي، سيدفعان بالمحافظين والاسلاميين والقوميين الاتراك للالتفاف حول اردوغان.
تبقى التوقعات والاستطلاعات تتعادل مع التكهنات نظرا لتعقيدات المشهد، وقبل كل شيء بسبب تداعيات زلـ ـزال فبراير الماضي الذي خلف أكثر من 50000 قتيل وعشرات الآلاف في عداد المفقودين وتشريد الملايين. واحتمال تغييره الميزان الانتخابي بسبب انتقادات معارضة وشعبية للاستجابة الفوضوية من قبل السلطة. من ناحية اخرى فإن تربع اردوغان وحزبه على سدة الحكم منذ اكثر من عقدين من الزمن، يقلل من الكاريزمية التي ميزت بداياته .
بالرغم من حصاد داخلي متباين ومثير للجدل، نجح الرئيس التركي الحالي في تأهيل بلاده لتكون لاعبا اقليميا ودوليا يحسب له حساب، وبرز الانخراط التركي في نزاعات كثيرة ، او في تموضع حذر ازاء حرب اوكرانيا، وكل ذلك يزيد من الاهتمام العالمي بالاستحقاق الانتخابي اذ ان واشنطن والاتحاد الاوروبي تميلان للمعارضة، بينما لم يتردد الرئيس فلاديمير بوتين في الاعراب عن دعمه لاردوغان.
حسب المراقبين الاوروبيين، تعتبر هذه الانتخابات مفصلية اذ ان استمرار الرئيس اردوغان ، سيدخل البلاد في منحى سلطوي مع ابتعاد عن الغرب. وفي المقابل إذا فاز تحالف المعارضة ، فإن التحول سيكون كبيرا وعلاقات انقرة ستصبح وثيقة مع اوروبا والولايات المتحدة. الا أن كلمة الفصل ستكون لشعب تركيا بكل مكوناته ولا يزال المشهد مفتوحا على كل الاحتمالات.
ADARPRESS #