عصر اليوم الجمعة، انطلقت قمة “مجلس جامعة الدول العربية” تحت شعار “لم الشمل” في دورتها الـ32 في مدينة جدة السعودية، بمشاركة الرئيس السوري بشار الأسد، للمرة الأولى بعد 12 عاما، إثر استبعاد مقعد دمشق جرّاء الحرب الدامية في البلد الممزق لأكثر من عقد.
قرار عودة سوريا إلى “الجامعة العربية” يمكن اعتباره أو وصفه بـ “تتويج” للقاءات والتشاورات خلال الفترة الماضية بشأن الملف السوري. ويبدو أن الدول العربية وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية باتت تنتهج سياسة تخفيض الأزمات عبر الاستجابة لما تراه أولويات وضرورات المرحلة، وهو ما يتطلب إرساءً للأمن والاستقرار في المنطقة.
من هنا تُعتبر عودة سوريا للمحيط العربي، وخاصة حضور الأسد للقمة العربية اليوم، وسط ترحيب عربي، نقطة تحوّل بارزة في مستقبل العلاقات العربية والتي طاولتها أزمات جمّة خلال السنوات الماضية، وهو ما قد ينتج عنه في القادم من الأيام أسس أمنية إقليمية جديدة، حيث إن خطوة إعادة دمشق للمسار العربي تُعتبر أولى خطوات وقف حالة الاستعصاء السياسي والتوترات الأمنية بدول الإقليم.
من المبكر بلورة نتائج ملموسة لخطوة التقارب العربي هذه، بيد أنه لا يمكن الإغفال عن أهميته خلال الفترة القادمة، خاصة لما تلعبه السعودية اليوم من دور لتقديم نفسها كلاعب إقليمي فاعل ولها ثقلها في إحياء الأمن والاستقرار بالمنطقة وتوقف الحروب المحيطة بها، بالنظر إلى أن تغيير سلوك الأسد لن يكون عبر عودته للجامعة العربية واستئناف بعض العلاقات الدبلوماسية، وبالتالي هذه الخطوة تحمل في طياتها جهود معقدة وصعبة وطويلة لتحقيق ما ترنو إليه من الحد من تداعيات استمرار الأزمة السورية على المنطقة ككل.
بهذا المعنى تبرز عدة تساؤلات حول ما الذي سيحصل في سوريا بعد انتهاء القمة العربية، وإذا ما كان سيعني تغييباً للدور الأممي ويتسلم العرب الملف السوري، وبالتالي ذلك يعني تمييع الحل السياسي في سوريا ويصبح التواصل العربي السوري من أجل خدمة مصالح الطرفين بغض النظر عن القضية الرئيسية التي ولّدت الأزمات في سوريا. فضلا عن تساؤلات تتصل بمدى إمكانية حدوث انفتاح اقتصادي عربي على سوريا وماذا عن الرفض الغربي لذلك حتى الآن.
سياسة “تصفير المشاكل”
يبدو جليا أن الدول العربية رأت أن عزل دمشق هو إجراءٌ لا طائل منه، بل على العكس، فهو يفاقم الأوضاع في المنطقة ويضيف تعقيدات كثيرة إلى الملفات الإقليمية، بما في ذلك الملف السوري نفسه، حيث ارتمى الأسد في أحضان إيران ثم روسيا وسلم البلاد إليهما، وبالتالي ربما كان خيار الاحتضان هو الطريق الأفضل بالنسبة لهم في هذه المرحلة لما يحدث من التحولات الدولية، التي يتطلب فيها الاستقرار وإنهاء التوترات بالمنطقة أكثر من أي وقت مضى.
المصدر/الحل