أعربت الإدارة الذاتية، مجدداً، عن موقفها من الأزمة السورية، مشيرة أنه لا يمكن حلُّ المشاكل التي تعيشها سوريا إلا في إطار وحدة البلاد، مؤكدة استعدادها للحوار مع حكومة دمشق ومع جميع الأطراف السورية.
أدلت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، ببيان للرأي العام عبر مؤتمر صحفي، أطلقت فيها مبادرة لحل الأزمة السورية تتكون من 9 بنود، داعية حكومة دمشق وبقية أطراف المعارضة للجلوس على طاولة الحوار.
قرئ البيان من قبل الرئيس المشترك للمجلس التنفيذي في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، عبد حامد المهباش، أمام مبنى المجلس التنفيذي للإدارة الذاتية، في مدينة الرقة.
وفيما يلي نص البيان:
“إن الأزمة السياسية التي أعقبت الحراك الشعبي الثوري الذي بدأ عام (2011) في سوريا نتيجة التراكمات والإقصاء والتهميش، ما تزال مستمرة بعد انقضاء أكثر من اثنتي عشر عاماً، ولم ينتج عنها أي حل عملي حتى الآن؛ ونحن في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا التي تتكون من مؤسسات وإدارات وأحزاب وقوى وتنظيمات ديمقراطية، وانطلاقاً من مسؤوليتنا تجاه الشعب السوري بكافة مكوناته وأطيافه، وعملاً بالمبادئ والرؤية السياسية لمجلس سوريا الديمقراطية الرامية إلى إيجاد حل سياسي، وتزامناً مع المساعي الحثيثة التي تبذل في هذا السياق؛ فإننا نتقدم بهذا المبادرة من أجل التوصل إلى حل سلمي وديمقراطي للأزمة التي تجتاح بلدنا سوريا، لإنهاء معاناة الملايين من أبناء شعبنا.
وعلى مرّ سنوات الأزمة التي تمثَّلت في الجوانب: (السياسية والاقتصادية والاجتماعية)، فقدَ مئات الآلاف من أبناء شعبنا أرواحهم، واُجبِرَ الملايين في (جرابلس- الباب- إعزار- إدلب- عفرين- رأس العين (سري كانيه) – تل أبيض (كري سبي) وأجزاء ومناطق أخرى من سوريا)، على النزوح داخل البلاد أو الهجرة خارجها.
كما تعرض – وما يزال – الملايين من أبناء شعبنا في دول المهجر إلى ممارسات لا إنسانية مستمرة، وقد جاء الزلزال المدمر الذي ضرب تركيا وسوريا بتاريخ السادس من شباط عام 2023م، ليعمِّق جروح النازحين والمهجرين من السوريين، إذ كان السوريون المهجرون إلى تركيا من أكثر الفئات المجتمعية التي عانت من ويلات الزلزال، حيث لاقَوا من الدولة التركية التي يتحكم بها تحالف حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية شتى أنواع الاضطهاد والتمييز والتعذيب، فاليوم وعلى طول الجغرافيا السورية، يعاني السوريون من مشاكل ومتاعب عديدة على كافة الصعد: (المعاشية، والصحية، والاجتماعية) ناهيك عن الجوع والفقر والبطالة والعنصرية وانعدام الأمن والاستقرار، التي زاد من مآسيها وقوع كارثة الزلزال.
إن أبناء الشعب السوري بكل مكوناته، لا ينبغي أن يبقوا عالقين في هذا الوضع الإنساني الكارثي، وإنهم ينتظرون حلاً سلمياً عاجلاً يضمنُ لهم الأمن والاستقرار ويحقق لهم مستقبلاً ديمقراطياً وحياةً كريمة حرة في بلادهم.
وعليه، فإن على جميع القوى السياسية المسؤولة العمل على اتخاذ الخطوات المطلوبة في سبيل إيجاد حل مشترك قائم على أسس الحوار والتعاون والتوافق.
وإدراكاً منّا، في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، لحجم المسؤولية الواقعة على عاتقنا تجاه الشعب السوري بكافة مكوناته؛ فإننا سنسعى جاهدين لاتخاذ الخطوات اللازمة لحلِّ الأزمة وإحلال السلام والاستقرار، لا سيمّا أنه حتى هذه اللحظة لم تسفر المنصات والمبادرات الدولية والإقليمية مثل (جنيف – أستانا – اللجنة الدستورية – وغيرها) عن أيّ نتائج تُذكر في سياق تقديم حلٍّ للأزمة السورية، وقد يعود ذلك للأسباب الرئيسية الآتية:
- غياب التحليل والتشخيص الصحيح للأزمة السورية.
- عدم الخروج ببرنامج حل سلمي وديمقراطي.
- عدم إشراك جميع القوى السورية الفاعلة في عملية الحوار، والإصرار على الحلول المطروحة من الخارج.
إضافة إلى أن السلطة السورية أخفقت في القيام بدور إيجابي فعال يفضي إلى حل سياسي للأزمة السورية، فكان ينبغي عليها منذ البداية البحث عن تسوية سلميّة للأزمة، ودعوة كلِّ الأطراف إلى إيجاد مخرج لها، ولكنها بقيت خارج هذه المعادلة وهو ما أخَّرَ الحل وأطال عمر الأزمة، وهذا ما زاد في تفاقم معاناة شعبنا.
وبناءً عليه؛ فإنه يجب البحث عن حلٍّ للأزمة السورية داخل البلاد، وعلى الحكومة السورية إظهار موقف مسؤول، واتخاذ إجراءات عاجلة تسهم في إنجاح
الحل.
ومن المهم جداً أن يكون لكلِّ القوى السياسية: (أحزاب- منظمات نسائية، وشبابية) ـ بغضِّ النظر عمّا إذا كانت كبيرة أو صغيرة ـ رأيٌ في رسم مستقبل إدارة البلاد وشكلها في سوريا، فإنَّ لهذا الموضوع أهميةً كبيرة في تحقيق السلام والاستقرار فيها.
فسوريا بلد جميع المكونات التي تعيش فيها، ولذلك؛ لا بديل من أن تؤدي هذه الجماعات دوراً فاعلاً في تحديد مستقبلها وحلِّ أزمة البلاد.
وفي سبيل تحقيق ذلك لا بد من توضيح الآتي:
- إننا في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا نؤكد على وحدة الأراضي السورية ونؤمن بأنه لا يمكن حلُّ المشاكل التي تعيشها سوريا إلا في إطار وحدة البلاد، وفي هذا السياق وبغية تحقيق الحل نؤكد على استعدادنا للقاء الحكومة السورية والحوار معها ومع جميع الأطراف السورية من أجل التشاور والتباحث لتقديم مبادرات وإيجاد حل للأزمة السورية.
- إن الافتقار إلى السياسة الديمقراطية والاجتماعية وفقدان الاعتراف بخصوصية سائر المكونات السورية وحقوقها هو أساس الأزمة السورية فكل فئة: (طائفة – مجموعة) لها خصوصياتها وحقها في المواطنة والمساواة، فثمّة مشتركات وطنية وخصوصيات ينبغي تقبّلها واحترامها، ويعدُّ ذلك إثراءً للنسيج الوطني الجامع، لذلك: ينبغي التوصل إلى حل ديمقراطي تشارك فيه جميع فئات المجتمع عبر الإيمان بالاعتراف بالحقوق المشروعة لسائر المكونات الإثنية (العرب- الكُرد- السريان الآشوريين..) والدينية التي تشكِّل المجتمع السوري، وحماية الحقوق الجماعية لهذه المكونات وتطوير القيم والآليات الديمقراطية، وتأسيس نظام إ
- إداري سياسي ديمقراطي تعددي لامركزي يحفظ حقوق الجميع دون استثناء.
- لقد أكدت التجربة عن طريق النظام الديمقراطي المعمول به في مناطق شمال وشرق سوريا، بأنه يمكن لكلِّ شعوب المنطقة أن تتمتع بالحقوق ذاتها، وأن تعيش بحرية، ضمن جوٍ من الأمن والاستقرار بشكل طبيعي، وأثبتت أيضاً بأنّه يمكن للشعوب أن تقوم بحلِّ مشكلاتها من خلال الإدارات الذاتية، التي تحقق إشراف المواطنين مباشرة على تسيير أمور مناطقهم لتذليل العقبات ومواجهة التحديات فيها.
- فقد ثبت بما لا يدع مجالاً للشك أن الانسجام الاجتماعي الديمقراطي والاستقرار قد تم تحقيقه من خلال مشاركة كافة الأطراف السياسية والثقافية والاجتماعية في الإدارات.
- ونحن نؤمن بأن هذا النموذج الاجتماعي الديمقراطي والبيئي المبني على حرية المرأة وحماية البيئة، والمطبق في مناطقنا، كفيل بأن يشكل مرتكزاً ولبنة أساسية للتوصل إلى حل للأزمة في سوريا، وهو يقدم الحلول الناجحة لكلّ القضايا التي يعاني منها المجتمع السوري.
- نؤكد على أن الثروات والموارد الاقتصادية الحالية يجب أن يتم توزيعها بشكل عادل بين كل المناطق السورية، فالموارد الموجودة في شمال وشرق سوريا مثل: (النفط، والغاز، والمحاصيل الزراعية) مثلها مثل غيرها من الموارد الموجودة في المناطق الأخرى في سوريا هي ملك لجميع أبناء الشعب السوري، ونحن نؤكد مرةً أخرى على ضرورة مشاركة هذه الموارد من خلال الاتفاق مع الحكومة السورية عبر الحوار والتفاوض.
- ومن أجل توفير الاحتياجات الأساسية للسكان والوصول بالمواد والمساعدات إلى جميع المناطق: لابد من إعادة فتح معبر اليعربية (تل كوجر) الجمركي وغيره من المعابر. وتقع المسؤولية الرئيسية في هذا الشأن على عاتق الحكومة السورية، حيث يمكن إيجاد حل معقول لهذه المشكلة يناسب الجميع ويصبّ في مصلحة الشعب السوري في كل مكان.
- إنهاء معاناة من هاجروا خارج البلاد
- بهدف التقليل والحدّ من المشاكل والمخاطر التي تواجه أبناء الشعب السوري من جميع المكونات من الذين نزحوا من مناطقهم أو هاجروا إلى خارج
- وإنهاء معاناتهم الإنسانية: تبدي الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا استعدادها لاحتضانهم واستقبالهم ضمن إمكانياتها المتاحة، كما استقبلت غيرهم من السوريين منذ بداية تأسيسها حتى الآن؛ وعليه فسوف تتخذ الإجراءات اللازمة بهذا الخصوص.
- نؤكد بأن نضالنا وجهودنا في سبيل مكافحة الإرهاب كانت وما تزال مستمرة لردع إرهاب تنظيمات داعش الإرهابية وأخواتها، والقضاء على تهديداتها لسوريا والمنطقة والعالم أجمع، ونحن تحمّلنا مسؤولية درء خطر هذه التنظيمات نيابة عن العالم عن طريق تقديم التضحيات الجمّة المتمثلة في الآلاف من الشهداء ومثلهم من الجرحى.
- لقد عمدت حكومة الاحتلال التركي إلى تعميق الأزمة في سوريا، وتفكيك أراضي البلاد ووحدتها، ودعمت وساندت المجموعات الإرهابية مثل داعش وأخواتها، وقد جاء تدخُّل حكومة الاحتلال التركي في سوريا لصرف الانتباه عن أزماتها الداخلية وتصدير مشاكلها إلى جيرانها عبر اعتداءاتها وهجماتها واستخدامها للمجموعات الإرهابية والمرتزقة في سبيل تحقيق أهدافها. وإن ممارسات الدولة التركية العدوانية تؤدي إلى وقوع مآسٍ إنسانية وانتهاكات للحقوق لا يمكن السكوت عنها بهدف تغيير التركيبة السكانية للمنطقة.
- نريد أن نعيش بسلامٍ مع تركيا وجميع دول الجوار وشعوبها
- هذا وتعود أسباب جميع المشاكل على الحدود السورية التركية إلى: السياسات والإجراءات العدوانية لحكومة تحالف حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية، التي تريد التأثير على سياسة سوريا الداخلية وإعادة تشكيل الأوضاع فيها بحسب مصالحها، وإن المبررات والحجج التي تسوقها حكومة العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية في معاداتها للإدارة الذاتية لـشمال وشرق سوريا بعيدة عن الحقيقة بشكل مطلق، وتُعدّ محاولة اغتيال القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية في السليمانية أوضح دليلٍ على ذلك؛ ومن المؤكد أنه ليست لدينا عداوة مع الشعب التركي، فعلى الدولة التركية إنهاء احتلالها للأراضي السورية، فنحن نريد أن نعيش بسلامٍ مع تركيا وجميع دول الجوار وشعوبها، لكننا نؤكِّد مرةً أخرى أننا سنمارس حقنا في الدفاع المشروع عن أنفسنا في حال شنّت تركيا هجمات عدوانية على شعبنا وأرضنا.
- بهدف تطوير حلٍّ ديمقراطي وسلمي في سوريا، نتوجه في المقدمة إلى الدول العربية، والأمم المتحدة وجميع القوى الدولية الفاعلة في الشأن السوري، ونطالبهم جميعاً بأن يؤدوا دوراً إيجابياً وفعالاً يسهم في البحث عن حل مشترك مع الحكومة السورية والإدارة الذاتية والقوى الوطنية الديمقراطية.
- وإننا نؤكِّد مرةً أخرى، ومن أجل حل الأزمة في إطار وحدة سوريا وسلامتها، وتطوير الحل السياسي وتنفيذه، من أجل مستقبل سوريا وحماية مصالح الشعب السوري؛ بأن لدينا نهجاً واضحاً لحل معقول نطرحه على كل الأطراف لبناء أساس للحوار والاتفاق المستقبلي، فنحن نطرح هذه المبادرة على قاعدة وطنية وندعو الجميع للمشاركة والإسهام فيها في المرحلة الحالية، من خلال تسريع الجهود والمساعي الرامية إلى رأب الصدع وإنهاء الصراع، بما لا يتعارض مع قرار مجلس الأمن: (٢٢٥٤) وجميع القرارات الأممية ذات الصلة، كما إننا على استعداد لمناقشة جميع وجهات النظر ومشاريع الحلول وترتيب كافة الإجراءات اللازمة لاحتضان الأطراف وإطلاق مباحثات الحوار والحل الوطني.
- فمن أجل حل الأزمة السورية: أخذنا على عاتقنا مسؤولية تاريخية وإنسانية، واعين تماماً بأن مئات الآلاف من أبناء شعبنا قد فقدوا أرواحهم وملايين المواطنين يعانون ظروفاً حياتية صعبة واستثنائية، وانطلاقاً من هذه المسؤولية؛ فإننا ندعو الحكومة السورية وجميع القوى الوطنية الديمقراطية للاستجابة لمبادرتنا هذه، والعمل على إيجاد حل مشترك ينهي الأزمة ويضع حداً لمعاناة السوريين، ويجعلنا نتفق على بناء وطننا من جديد.
- #ADARPRESS