هل يتراجع الدور الأممي في سوريا بسبب الحضور العربي؟
الحل///
اللجنة الدستورية السورية” كانت آخر مسارات العملية السياسية التي بدأت عملها أواخر عام 2019 برعاية أممية، لكنها فشلت في تحقيق أي نتائج تدعم مسار الحل السياسي في البلاد ضمن القرار 2254 لمجلس الأمن الدولي، ما دل على تراجع الدور الأممي لدفع الحل السياسي في سوريا.
المبعوث الأممي إلى سوريا غير بيدرسن، حاول في عديد المناسبات إعادة إحياء العملية السياسية في سوريا، عبر الأمم المتحدة، لكنه دائما ما كان يصطدم بعوائق كبيرة، أبرزها عدم تعاون دمشق مع الآليات الأممية للحل السياسي في سوريا، وقد أجرى العديد من الاتصالات مع عواصم عربية بهذا الشأن دون جدوى فعلية حتى الآن.
مع تقدم خطوات التطبيع العربي مع دمشق، تطرح التساؤلات عما إذا كانت عودة سوريا إلى الدائرة العربية، ستؤدي إلى تحييد الآليات الأممية في العملية السياسية بسوريا، خاصة وأن الدول العربية، أكدت أن أحد أهدافها من إعادة دمشق إلى المحيط العربي، هي محاولة دفع الحل السياسي في البلاد، إضافة إلى أهداف أخرى.
تراجع الدور الأممي؟
بيدرسن يسعى هذه الفترة إلى “إعادة الروح” للجهود الأممية في سوريا، حيث يعتزم بحسب ما نقلت صحيفة “العربي الجديد”، زيارة تركيا في جولة على عواصم الدول الفاعلة في الملف السوري، وذلك بعد أن أجرى اتصالات هاتفية، السبت، مع وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، والمصري سامح شكري، والأردني أيمن الصفدي، لدفع جميع الأطراف لدعم جهود الأمم المتحدة في عقد جولة جديدة من مباحثات اللجنة الدستورية، التي تضم ممثلين عن دمشق والمعارضة السورية والمجتمع المدني والمتوقفة منذ منتصف العام الفائت.
هذه التحركات للمبعوث الأممي، جاءت في ظل زيادة وتيرة التقارب العربي مع دمشق، والذي وصل إلى حد استعداد “جامعة الدول العربية” لاستقبال الرئيس السوري بشار الأسد، ومشاركته في اجتماع القمة العربية، المقرر عقده في مدينة جدة السعودية يوم الجمعة المقبل.
حتى الآن يبدو المشهد ضبابيا فيما يتعلق بجهود الحل السياسي في سوريا، فهناك آلية فشلت في تحقيق أي تقدم يُذكر عبر الأمم المتحدة وهي ما تزال مستمرة، وهناك جهود قادمة من الدول العربية لدفع العملية السياسية في البلاد، ما يطرح التساؤلات حول إمكانية انتهاء الدور الأممي، أو ظهور آلية مشتركة بين الأمم المتحدة والدول العربية لحل تعقيدات الملف السوري.
في ظل الصراعات الدولية العديدة التي ازدادت وتيرتها خلال السنوات الماضية، انخفض الاهتمام الدولي بالملف السوري إلى أدنى مستوياته خلال 12 عاما، وهو ما جعل الجهود الدولية تتوجه إلى ملفات أخرى أكثر أهمية بالنسبة للمجتمع الدولي على حساب الملف السوري، وهو ربما ما قصده بيدرسن في تصريحات سابقة عندما قال “إن المناخ الدولي يصعّب الحل الشامل في سوريا”.
الباحث في العلاقات الدولية إياد المجالي، فسّر تراجع الدور الأممي في سوريا، بالعديد من القضايا أبرزها انشغال المجتمع الدولي بقضايا أخرى حول العالم، فضلا عن التغيرات الإقليمية التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط وأبرزها عودة التقارب العربي مع دمشق، متوقعا أن ينتج عن هذا التقارب بداية لآلية سياسية من شأنها دفع الحل في سوريا.
المجالي قال في حديث خاص مع “الحل نت”، “يمكن تفسير تراجع الدور الأممي في الحل السياسي بسوريا، وتعزيز الدور العربي، من خلال مناقشة عدة عوامل أهمها انشغال المجتمع الدولي بالأزمة الأوكرانية، وتركيز الجهود الدولية على التعامل مع هذه الأزمة، إضافة إلى الصعوبات الدبلوماسية التي تواجهها المنظمات الدولية في التعاطي مع الملف السوري، خاصة مع إخفاق جميع الجهود السياسية في تحقيق الحل السياسي في سوريا”.
تغيرات إقليمية
مؤخرا شهد المسرح السياسي الإقليمي جهودا مكثفة لعودة العلاقات بين الدول العربية وحكومة دمشق، وتقول الدول العربية إنها تسعى لدفع الحل السياسي في سوريا، وبرز ذلك من خلال اجتماعات عديدة بين وزراء خارجية السعودية والأردن وسوريا ومصر، إضافة إلى العراق.
حول ذلك أضاف المجالي، “أعتقد أن هذه الجهود هي حقيقية وتعمل على إيجاد صيغة لحل سياسي مناسب لكافة الأطراف في سوريا، على غرار اللجنة الدستورية التي أُنشئت من الجهود الدولية في محاولة لمساعدة سوريا على الوصول إلى حوار سياسي بين الحكومة السورية والمعارضة لإيجاد وصياغة دستور جديد في البلاد يحقق وقف الصراع القائم على الجغرافية السورية وتمكين أسباب الاستقرار فيها”.
هنا أوضح المجالي أن الحل السياسي في سوريا، ما زال يواجه تحديات كبيرة بما في ذلك الدبلوماسية التي يمكن أن تنجز من خلال قمة جدة القادمة، وأضاف ” الحوارات التي يمكن أن تتم في جدة يمكن إنجازها على مستوى وزراء الخارجية، وبالتالي أعتقد أن دعوة الرئيس بشار الأسد إلى مؤتمر القمة في جدة يعتبر أهم هذه الإنجازات في هذه المرحلة من أجل التقدم في حل الملف السوري من البوابة العربية”.
حتى الآن تشير المعطيات إلى ترجيح حضور الرئيس السوري بشار الأسد مؤتمر القمة العربية يوم الجمعة القادم، في وقت قد تمثل فيه عودة دمشق إلى الجامعة العربية، عامل تفاؤل للعديد من الدول في منطقة الشرق الأوسط، لا سيما المملكة العربية السعودية التي بذلت جهودا للوصول إلى هذه المرحلة.
دور عربي إيجابي؟
الدول العربية ستواجه الرفض الدولي لاستمرار عملية “التطبيع” مع دمشق، فيما إذا تم تجاهل القرارات الأممية وخاصة قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254، فهي لديها مهمة في إقناع الحكومة السورية بالانخراط في عملية سياسية تحت بنود هذا القرار.
منذ أن أردك المبعوث الدولي تراجع الفائدة من اجتماعات “اللجنة الدستورية السورية”، لا سيما بعد نتائج آخر جولة التي جاءت مخيّبة للآمال، كانت هناك العديد من المبادرات الإقليمية والدولية، للبحث عن مسارات جديدة لدفع العملية السياسية في سوريا، وقد طالب المبعوث الدولي في آب/أغسطس الماضي، المجتمع الدولي بفتح مسارات جديدة للحل السياسي في سوريا، بما يتماشى مع قرارات مجلس الأمن.
بينما تريد المعارضة دستورا جديدا يحدّ من صلاحيات منصب رئيس الجمهورية، وتُجرى على أساسه انتخابات تحدد مستقبل البلاد وفق ما ينص عليه القرار الدولي 2254، المستند إلى بيان “جنيف 1” الذي صُدر في منتصف عام 2012، والذي رسم خريطة حل للقضية السورية، تنص على “إقامة هيئة حكم انتقالية، باستطاعتها أن تُهيّئ بيئة محايدة تتحرك في ظلها العملية الانتقالية”.
الدول العربية بحسب تصريحات المسؤولين العرب، ستطالب دمشق بخطوة مقابل كل خطوة باتجاه “التطبيع” معه ودعمه اقتصاديا، وبعض الدول كقطر وضعت الانخراط في عملية سياسية شرطا لإعادة العلاقات، بالتالي فإن الانفتاح العربي، يمكن له أن يحقق خطوات هامة في هذا الشأن خلال المرحلة القادمة.