موقع//اليوم
اللاجئون السوريون.. الشمال السوري المحتل .. التدخلات الإقليمية والحل السياسي في سوريا.. مجموعة ملفات معقدة وشائكة ومترابطة ساهمت إلى حدٍّ كبير في تعقيد المشهد المتأزّم في سوريا، حتى باتت من أصعب المسائل التي يجري البحث عن حلٍّ لها.. حلٍّ يبدو أنه صعب المنال أقله على المدى المنظور.
خطر الاحتلال والتقسيم وبث الفتن بين مكونات الشعب السوري.. هي أكبر المخاطر التي تهدد سوريا، خاصّة بعد أن كشفت بعض الدول الإقليمية علناً نواياها الحقيقية تجاه هذا الصراع، والحديث هنا بشكل خاص عن تركيا وحليفتها قطر، اللتين ساهمتا وَفق تقاريرَ حقوقية بتأجيج الحرب السورية لتحقيق أهدافٍ توسُّعية بدأت باحتلال مساحاتٍ شاسعة من الشمال السوري من قبل أنقرة وبناء مستوطنات في المناطق المحتلة بدعمٍ من الدوحة.
ناشطون حقوقيون وسياسيون سوريون حذّروا من مخططٍ تركيٍّ قطري لتغيير ديمغرافية الشمال السوري تحت ستار العمل الإنساني ومساعدة اللاجئين، فقد أعلن الاحتلال التركي مؤخّراً عن بناء المزيد من المستوطنات بدعمٍ قطري، بحجة إعادة نحو مليون لاجئ، مشيرين إلى مخاطرِ وتداعيات هذه التحركات على الخارطة الجغرافية والسياسية والسكانية في سوريا.
وكان رجب أردوغان قد أعلن في وقت سابق هذا الشهر أن “مؤسسات الدولة ومنظمات مدنية قامت بإنشاء منازل من الطوب في شمال سوريا، وأن العمل جار لبناء مساكن جديدة تستوعب نحو مليون سوري وذلك بدعم قطري”
وجاءت هذه التصريحات بعد زيارة لوزير الداخلية في النظام التركي سليمان صويلو، إلى مدينة جرابلس المحتلة شمالي سوريا، للمشاركة في تدشين “مشروع المباني السكنية المخصصة للاجئين السوريين في تركيا.
وقال صويلو خلال كلمته، “نقوم بخطوة ستكون نموذجاً للعالم أجمع، نسعى إلى إنهاء أعمال بناء 5000 وحدة سكنية في الشمال السوري وبدعم قطري”.
الكاتب والمحلل السياسي السوري أحمد شيخو أشار إلى “ترافق” المواقف التركية والقطرية على مدار سنوات الصراع في سوريا، واصفاً تلك المواقف بأنها أكثر التدخلات السلبية في الأزمة السورية.
وأضاف شيخو في حديث مع موقع اليوم، ” طبعاً تركيا وقطر الآن تستهدفان تغيير البنية الديمغرافية” مشيراً إلى أنّ مواقف البلدين تجسد محاولتهما لـ”خلق الفوضى وعدم الاستقرار وبث الفتنة والفرقة بين مكونات الشعب السوري”
وتابع الكاتب السوري، “ما تفعله تركيا بمساعدة قطر يؤثر سلباً وسيؤثر على الخارطة الجغرافية والسياسية والسكانية ضمن سوريا وستكون له تداعيات سلبية”.
هذه التحذيرات تأتي مع استمرار الموقف الخجول للحكومة السورية واكتفائها بالتصريحات المطالبة بضرورة إنهاء الاحتلال التركي للأراضي السورية دون أي تحركٍ فعليٍّ لمواجهة الأطماع التركية، في حين تواصل جامعة الدول العربية والمجتمع الدولي عموماً تجاهل تلك المخاطر التي تهدِّد وحدة سوريا، وسط دعواتٍ بضرورة إبداء القوى الوطنية السورية مواقفَ صريحةً وواضحة بشأن تلك الممارسات.
وأعرب أحمد شيخو عن أسفه من المواقف الدولية وموقف دمشق، الذي قال إنه ليس بالمستوى المطلوب، مطالباً بالانسحاب التركي من سوريا، داعياً روسيا والتحالف الدولي والمجتمع الدولي لإبداء مواقف جادة إزاء الممارسات التركية المدعومة قطرياً المرتكبة في الأراضي السورية.
ودعا شيخو القوى الوطنية السورية للاضطلاع بمسؤولياتها في رفض المستوطنات والممارسات التركية والقطرية، وإبداء مواقف صريحة وواضحة بالوقوف إلى جانب الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا وقوات سوريا الديمقراطية للضغط على تركيا لإنهاء احتلالها للأراضي السورية، مشدداً على استحالة تسوية الأزمة السورية في ظل استمرار تركيا ببناء المستوطنات بدعم قطري.
إعلان أنقرة بناء المزيد من المستوطنات في الشمال السوري جاء بالتزامن مع تصاعد الخطاب العنصري وعمليات الترحيل القسري بحق اللاجئين السوريين من تركيا، وهو يعني وجود رابط وثيق بين تسريع بناء المستوطنات وعمليات الترحيل تلك.
إبراهيم شيخو، الناطق باسم منظمة حقوق الإنسان في عفرين، قال إن “موضوع الترحيل القسري مرتبط بالتغيير الديمغرافي وكلا الجريمتين تخالفان مبادئ القانون الدولي الإنساني في هذا الإطار لذلك الموضوع له آثار سلبية على المنطقة”.
وأضاف شيخو في لقاء مع موقع اليوم، “تركيا تسعى لاحتلال المزيد من الأراضي السورية من خلال الحصول على التمويل القطري والفلسطيني في بناء المستوطنات”.
تطورات متسارعة تمس مستقبل سوريا وسلامة أراضيها تحت يافطة عودة اللاجئين.. وهو أمر يستدعي تدخلاً دولياً وعربياً مدروساً لوقف أي محاولات من شأنها تغيير التركيبة السكانية لسوريا وإجراء عمليات تطهيرٍ عرقيٍّ بحقِّ الكرد السوريين بشكلٍ خاص.