الانفتاح العربي على دمشق يشجع الشركات الايـ ـرانية على زيادة استثماراتها
بدأت نتائج زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى دمشق بالظهور تباعاً، إذ شهدت الفترة التي أعقبت الزيارة التي جرت مطلع أيار/مايو 2023 زيادة في تنفيذ المشاريع الاستثمارية الإيرانية في مجالات التجارة والصناعات الهندسية والغذائية والطاقة والطرق والخطوط الحديدية.
وفيما تتزايد الأعباء الاقتصادية على النظام، تضع إيران يدها على المتوفر من الفرص الاستثمارية، وكأنها تعيد رسم خططها الاقتصادية في سوريا، من خلال التركيز على الاستثمارات الربحية مثل مشاريع الطاقة، والاستراتيجية مثل النقل والسكك الحديدية.
وتأتي دعوة وزير مالية النظام السوري كنان ياغي الشركات الإيرانية إلى إحياء خطوط السكك الحديدية السورية التي تعرضت لأضرار جسيمة، تنفيذاً لمحضر الاجتماع بين وزير الطرق وإعمار المدن الإيراني مهرداد بذرباش ووزير النقل في حكومة النظام زهير خزيم خلال زيارة الرئيس الإيراني إلى دمشق.
ومن المخطط أن تسهم إيران في إعادة تأهيل وتعمير القاطرات والعربات والآليات وتقديم الخدمات الفنية والهندسية، وتوريد المواد والمعدات والتجهيزات اللازمة للخطوط الحديدية، إضافة إلى القطع التبديلية للأدوات المحركة والمتحركة وآليات الصيانة السككية.
وقبل أيام، بدأت شركات إيرانية بترميم وتأهيل نحو 20 معملاً في مجال الصناعات النسيجية والهندسية والكيميائية والغذائية، على حد تأكيد مصادر النظام السوري.
وإلى جانب ذلك، منحت هيئة الاستثمار السورية التابعة للنظام إجازة استثمار جديدة لمشروع إقامة محطة شمسية كهروضوئية في المدينة الصناعية في عدرا في ريف دمشق بكلفة تقديرية تبلغ 49 مليار ليرة سورية، وهو المشروع الذي يرتبط بالشركات الإيرانية، كما أكدت مصادر خاصة لـ”المدن”، علماً أن المشروع يستفيد من الاعفاءات والتخفيض الضريبي بنسبة 50 في المئة من ضريبة الدخل.
موافقة خارجية
ولا يمكن من وجهة نظر الباحث الاقتصادي أدهم قضيماتي فصل زيادة الاستثمارات الإيرانية في سوريا عن التطورات الأخيرة على الصعيد السياسي، وتحديداً الانفتاح العربي على النظام السوري.
ويوضح لـ”المدن” أن التقارب السعودي – الإيراني وما نجم عنه من انفتاح على النظام، قد يكون أفضى إلى موافقة عربية وربما خارجية على التوسع الاقتصادي الإيراني في سوريا، مقابل تنازلات محدودة من طهران على الصعيد العسكري.
لكن ما سبق لا يعني أن الباب بات مفتوحاً على مصراعيه أمام إيران، أي دخول شركات الإعمار والشروع باستثمارات ضخمة، لأن ذلك يتطلب موافقة دولية على بدء مرحلة الإعمار، وهي بحكم المؤجلة الآن.
وبذلك، يرى الباحث أن الموافقة على هذه المشاريع الصغيرة والمتوسطة تعد “ترضية” لإيران، بهدف دفعها إلى تقديم تنازلات في الملف السوري، ومقابل بعض الديون المستحقة على النظام السوري.
تحصيل ديون إيرانية
وعلى النسق ذاته، يفسر الخبير الاقتصادي عبد الرحمن أنيس زيادة المشاريع الاستثمارية الإيرانية في سوريا برغبة طهران بتحصيل جانب من ديونها الضخمة على النظام السوري، مؤكداً أن “كل ذلك بدأ فعلياً بعد زيارة الرئيس الإيراني إلى سوريا، والتي كان من أبرز أهدافها تحصيل الديون”.
ويستدرك بقوله: “لكن العبرة من هذه الاستثمارات هي تحقيق العوائد والمكاسب، ولا أعتقد انها ستنضج لتصل لهذه المرحلة، لأنها ستصطدم بالعقوبات المالية على البلدين خاصة أن كل البنوك المركزية الدولية ملزمة بتطبيق العقوبات”.
والى جانب ما سبق، تجعل الأوضاع الاقتصادية الصعبة وضعف القدرة الشرائية من سوريا بيئة غير مشجعة على الاستثمار، وهو ما يحد من حجم إقبال الشركات الإيرانية.