تفـ ـاقم معـ ـاناة السوريين بعد تزايد خطاب الكـ ـراهية والعنـ ـصرية في تركيا
ضاقت بهم الأرضُ بما رَحُبَت، وتقطّعَت بِهم السُبُل، ولم يعد لهم من ملجأ، سوى العودة إلى سوريا رَغم المخاطر… هذا هو حال اللاجئ السوري في تركيا بعد تصاعد خطاب العنصرية والكراهية ضدهم من مؤسساتٍ رسميةٍ وشعبية.
لكن هذه المشاعرَ وردودَ الفعل المتزايدة، ليست وليدةَ ليلة وضحاها، بل دأبت الأحزاب السياسية التركية، وعلى رأسها حزب العدالة والتنمية الحاكم، على تغذيتها منذ بضع سنوات، مُستخدمة وجودهم، كورقةِ ابتزازٍ في وجه الدول الأوروبية من أجل تحقيق مكاسبَ سياسيةٍ ومالية، وورقةَ مساومةٍ دولية للمناورة حيال عدة ملفات إقليمية، ومن ثَمَّ ورقةً في انتخاباتٍ لا صوتَ لهم فيها، فتحوّل السوريون في هذه الدوامة إلى وقودِ حربٍ سياسية بين أطراف متنافسة، احتدم السباق بينها على من سيرحّلهم بشكلٍ أسرع.
تجاوز التحريض الحياةَ السياسية ليصل إلى الحياة العامة، ومن الكراهية والاستعباد في المزارع إلى الاستغلال والقمع ومهاجمة ممتلكاتهم وحتى قتلهم، حتى بات الإفلاتُ من العقاب، أمراً شائعاً في تركيا مادام الضحيةُ من الجنسية السورية.
هذا ما تؤكده تقاريرُ دوليةٌ ومنها تقريرٌ لرويترز، تحدث أيضاً عن وجود أدلةٍ على استغلال أطفالٍ لاجئين سوريين يعملون في تركيا، في ظل ظروفٍ غيرِ قانونية، رغم أن أنقرة تحظر عمالة الأطفال دون الخامسة عشرة.
أكثر من ثلاثة ملايين لاجئ سوري في تركيا، السبب واحدٌ والقصصُ متشابهةٌ والنهاية تبدو مجهولةً مع قيام السلطات بحملةٍ لإعادتهم قسراً الى مناطقَ تحتلها هي وفصائلها الإرهابية، ففي تموز يوليو الجاري تم ترحيل نحو ألف لاجئٍ سوري.
حتى على الحدود لم يسلمِ السوريون، ففي أوائل مارس/آذار 2023، حصلت منظمة هيومن رايتس ووتش على بياناتٍ غيرِ شاملة من منظمةٍ تراقب الأعمال العدائية في سوريا، وثّقت مئتين وسبعاً وسبعين حادثةً فرديةً بين أكتوبر/تشرين الأول 2015 وأبريل/نيسان 2023، سجّل المراقبون خلالَها ما لا يقلّ عن مئتين وأربعٍ وثلاثين جريمة قتل، ومئتين وإحدى وثلاثين إصابة، شملت ستةً وعشرين طفلاً، وقعت بينما كان الضحايا يحاولون عبورَ الحدود على يد الجندرما التركية.