قارورةُ عطرٍ تنشر عبقَها في أرجاء المكان.. هكذا وُصفَ البيت الدمشقي القديم، وتغنّى الأدباء بتفاصيله لإظهار جماليات تصاميمه المعمارية الفريدة، غير أن هذا المشهد تغيّرت ملامحه مؤخراً ليصبح “أثراً بعد عين” في حيٍّ من أحياء الشام العتيقة، بعد أن ضربه حريقٌ هائلٌ أكل الأخضر واليابس وأحالَه إلى كومةٍ رماد.
ففي جوف الليل استفاق أهالي حي ساروجة الأثري، على نيران تلتهم منزلاً دمشقياً قديمًا في الحي، لتأتي على بيوتٍ سكنيةٍ ومحالَّ تجاريةٍ وورشِ أحذية، ثم اتسعت رقعته، إلى منزلٍ تراثي هناك، يعود تاريخُ بنائه إلى القرن التاسع عشر، وَفق مصادرَ محلية.
المصادر أوضحت، أن هذا الحريق، وما سبقه من حرائقَ مشابهة، قد يكونُ من فعل وكلاءِ إيران، ممن ينشطون لشراء المنازل والمحلات التجارية في المنطقة، وفي حال امتنع أصحابها عن البيع يعمدون إلى افتعال الحرائق، ليضطروا إلى بيعها بأبخس الأسعار بعد أن تحولت إلى رماد.
وبحسب المصادر، فإن وتيرة تلك الحرائق زادت بشكلٍ لافتٍ مع تزايد التغلغل الإيراني في سوريا، بهدف الاستيلاء على محيط مَقام “السيدة رُقية” الذي تضع إيران يدها عليه، في محاولةٍ لإحداث تغييرٍ ديمغرافيٍّ في المنطقة.
وتعتبر منطقة “السيدة رقية” مَحطَّ أطماع إيران، ففي نيسان/ أبريل عام ألفين وستة عشر، التهم حريقٌ مماثلٌ سوقَ العصرونية خلف الجامع الأموي، ما حوّل ثمانين محلاً تجارياً إلى رماد، كما أصاب مئةَ محلٍّ آخر بأضرار، فيما وجّهت أصابعُ الاتهام حينها لإيران التي تخطط لاستكمال السيطرة على الحارات العتيقة بحسب ما يؤكد مراقبون.
هذا وتسيطر الفصائل التابعة لإيران على مناطقَ واسعةٍ في العديد من المناطق السورية على رأسها محافظة دمشق، حيث تحاول طهران إلى جانب وجودها العسكري والأمني، رفعَ مستوى حضورها المذهبي والطائفي ونشر “التشيُّع” بالإضافة للثقافة واللغة الفارسية، بهدف توفير حاضنةٍ عقائديةٍ ضد الضغوط الخارجية، لاسيما من جانب روسيا التي تخطط هي الأخرى لإضعاف وتقليص النفوذ الإيراني في سوريا، بعكس ما تروّج له بعض التقارير.
ADARPRESS #