محللون: زيارة السوداني إلى دمشق لم تحقق أي تقدم في الملفات العالقة
أكثرُ من شهرٍ مر على الزيارة التي أجراها رئيس الوزراء العراقي، محمد السوداني إلى العاصمة السورية دمشق، ولقائه بالرئيس بشار الأسد، دون أن يطرأ أيُّ تغييرٍ على الملفات العالقة بين البلدين منذ سنواتٍ عديدة، والتي كثيراً ما جعلت العلاقات بينهما ضمن سقوفٍ متدنية.
أبرز الملفات التي كانت على طاولة الجانبين خلال زيارة السوداني إلى دمشق، هي مكافحة الجفاف الذي يعاني منه البلدان جرّاء حبس النظام التركي حصتهما من مياه نهري دجلة والفرات، إضافةً إلى تأمين الحدود المشتركة أمام الهجمات التي تنفّذها خلايا تنظيم داعش الإرهابي بين الحين والآخر، والحدّ من تهريب المخدرات عبر الحدود وتحديداً الكبتاغون.
محللون اعتبروا، أنّ زيارة السوداني إلى دمشق جاءت في مسعىً منه للاستثمار في قطار التطبيع العربي مع الحكومة السورية، لحل مشاكلَ حدوديةٍ وأمنيةٍ عالقةٍ معها، ما قد يخفِّف من أزمات العراق الذي تضرّر اقتصادياً وأمنياً من الفوضى التي تشهدها الحدود بين البلدين، حيث أعلنت القوات العراقية عن عدة هجماتٍ شنّها تنظيم داعش الإرهابي بعدة محافظات قبل وبعد زيارة السوداني، وسط تقاريرَ تؤكد سهولة تنقل عناصر التنظيم بين البادية السورية وصحراء الأنبار العراقية عبر الحدود.
أما فيما يخص تدفّق المخدرات عبر الحدود وطلب السوداني من الأسد المساعدة في وقفها، فقد وصفه المحللون بأنه سذاجةٌ سياسية، وعدم درايةٍ بطريقة عمل الحكومة السورية، كون الأخيرة وَفق قولهم تعتمد على هذه التجارة في تأمين مبالغَ طائلةٍ بالقطع الأجنبي، وسط تقاريرَ استخباراتيةٍ وإعلامية، تؤكد تورُّط مسؤولين بالحكومة ومقربين من الأسد وعائلته فيها، وبعضهم مدرجٌ على عقوباتٍ فرضتها الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي.
ومع التأثّر الكبير في العراق بموجة الجفاف والاحترار العالمي، لم تتمكّن كلٌّ من دمشقَ وبغداد حتى اليوم من التوصّل لرؤيةٍ مشتركةٍ يمكن البناء عليها بمساندة أطرافٍ أخرى حليفةٍ للبلدين، للضغط على النظام التركي من أجل إطلاق حصة سوريا والعراق من مياه نهري دجلةَ والفرات، ووقفِ استخدام أنقرة للمياه كسلاحٍ من أجل إخضاع البلدين والحصول على تنازلاتٍ سياسيةٍ ومكاسبَ اقتصادية، حيث انشغل الطرفان بمسائلَ تفصيلية، بينما تهددهما كارثةٌ إنسانيةٌ وبيئيةٌ خطيرة.
ويشير المراقبون إلى أنّ المشهد يكشف الكثير من المعوقات أمام إمكانية تحقيق قفزة في العلاقات بين البلدين، بعضها على شكل اشتراطات من نوع تسهيل حركة التجارة السورية إلى العراق المرتبط بحل القضايا الخلافية العديدة، والتي لا يبدو أن دمشق لديها الإرادة أو القدرة على حلها، فضلاً عن الوجود الإيراني الذي يحول دون امتلاك البلدين سياسةً مستقلة أو هوامشَ مناورةٍ واسعة، وخاصةً إذ ما ازدادت ارتباطاتهما بالمحيط العربي.