حالة من الاحتقان والتذمر تسود الشارع بدمشق .. مع تدهور الوضع المعيشي
آفاق اقتصادية صعبة تلفّ مصير الاقتصاد السوري خلال الفترة الحالية أكثر من أي وقت مضى، بالتوازي مع مجموعة من القرارات الحكومية الجائرة التي زادت من حجم الظروف المعيشية في البلاد، وبالتالي رفعت النقمة المعيشية التي ارتدت على حكومة دمشق، فحجم الاحتجاجات وحالة التذمر والغضب الشعبي ازداد في العديد من المناطق الخاضعة لسيطرتها، ولعل أبرزها الجنوب السوري وبعض مناطق ريف العاصمة دمشق، الأمر الذي يدلّ على مدى صعوبة الأوضاع الاقتصادية.
إلا أن اللافت في الاحتجاجات الحالية هو ثمة حالة من الغضب في مناطق الساحل السوري التي لطالما اعتُبرت الحاضنة الشعبية لحكومة دمشق، ويبدو أن الأصوات بدأت تتصاعد للتعبير عن نفاد صبر سكانها مثل غيرهم من السوريين، ورفض السياسات الاقتصادية التي تنتهجها الحكومة السورية بحق المواطنين في الداخل، ومطالبة الحكومة باتخاذ عدد من الإجراءات لتحسين ظروفهم المعيشية، إلا أن كل ذلك يجري وسط شكوك حول مدى قدرة دمشق على التعامل مع هذه الأزمات التي قد تقود بالبلاد إلى مستويات خطيرة، خاصة وأن حالة الغليان الشعبي قائمة منذ شهور.
من هنا لابد من طرح بعض التساؤلات حول أسباب تدهور الليرة السورية أمام النقد الأجنبي بهذا الحجم خلال شهر واحد فقط، وتداعيات استمرار تدهور الأوضاع المعيشية في البلاد، وكذلك ما إذا كانت هنالك أية بارقة أمل أن تتخذ الحكومة السورية إجراءات لتحسين الواقع المعيشي، وما الذي ينتظر السوريين وسط أزمات اقتصادية خانقة متتالية.
عجز بميزانية الحكومة السورية
قبل نحو شهر، تدهورت الليرة السورية بشكل كبير أمام النقد الأجنبي، ووصلت إلى مستويات قياسية غير مسبوقة. واليوم الدولار الأميركي الواحد يعادل نحو 14800 ليرة سورية، ما أدى إلى ارتفاع مطّرد في الأسعار، وسط مخاوف شعبية من التدهور المستمر في الوضع المعيشي.
في حين كان الشارع السوري ينتظر من الحكومة السورية أن تحسّن واقعهم الاقتصادي، إلا أن المرسوم الرئاسي بزيادة الرواتب بنسبة 100 بالمئة، رافقه قرارٌ برفع أسعار المشتقات النفطية، ما يعني أن أسعار كل شيء تضاعفت أضعافا، نظرا لتأثير تسعير الوقود على جميع مفاصل الحياة الاقتصادية.
من الواضح أن قرار رفع الرواتب لن يعود بالنفع على الشعب السوري، بمعنى أن المستفيد من هذه العملية برمتها هي الحكومة السورية، حيث ترفع الرواتب من جيوب المواطنين، عبر رفع أسعار حوامل الطاقة. وفي ضوء ذلك، شهدت دمشق أزمة مواصلات حادة، بسبب توقّف السائقين عن العمل بانتظار زيادة الأجرة، إضافة إلى أن معظم المحلات التجارية في العديد من المناطق بدأت بإغلاق أبوابها، وظهرت دعوات للعصيان المدني حتى تتخذ الحكومة إجراءات تفيد بالنفع على المستوى المعيشي في البلاد وليس العكس.
في سياق التدهور الدراماتيكي للعملة السورية، يقول الخبير الاقتصادي السوري رضوان الدبس، إن هناك عدة أسباب لتدهور الأوضاع المعيشية في سوريا، لكن أهمها أن الوضع الاقتصادي السوري بشكل عام ضعيف، حيث دخلت الموازنة العامة لعام 2023 في عجز يقدر بنحو 60 بالمئة.
في تفاصيل تدهور الليرة السورية، فإن انخفاضها توقف لفترة ما بين شهري أيار/مايو وحزيران/ يونيو الماضيين، نتيجة انعقاد اجتماع “مجلس الجامعة العربية” وعودة سوريا إلى مقعدها، فضلا عن مؤتمر لإعادة الإعمار بسوريا، إذ كانت الأنباء تتوارد ولاسيما من قِبل وسائل الإعلام المحلية السورية بأن الأمور ستتحسن، إلا أنه وبسبب عدم وجود نتائج ملموسة من قبل حكومة دمشق تجاه المبادرة العربية، إضافة إلى وقف افتتاح السفارة السعودية في دمشق والجمود الذي حصل في التقارب العربي تجاه دمشق، هو ما جرى في الشهرين الماضيين.
ADARPRESS #