تتواصل الاحتجاجات وحالة العصيان المدني والغضب في درعا والسويداء، تنديدا بسياسات النظام السوري “الجائرة”، واحتجاجا على تدهور الأوضاع المعيشية والخدمية والأمنية، محذرين من التصعيد في حال لم تتجاوب “السلطة” مع مطالبهم.
فعلى بُعد نحو 100 كلم من العاصمة دمشق، وتحديداً في محافظة السويداء، خرج المئات في تظاهرات غاضبة وسط إضراب غير مسبوق واحتجاجات شعبية، أغلقوا خلالها طرقا رئيسية ومنشآت حكومية، مهددين بمواصلة العصيان المدني، في خطوة تعكس نفاد صبر أهالي المحافظة التي تتميز بانتماء غالبية سكانها لطائفة الموحدين الدروز، ما منحها حالة سياسية وأمنية فريدة، إذ لا يملك النظام سيطرة فعلية على المحافظة، رغم أنها تُصنّف نظريا ضمن المناطق الخاضعة لسيطرته.
لكن اللافت هذه المرة، هو اتساع رقعة الاحتجاجات الأهلية الغاضبة في معظم بلدات وقرى المحافظة، والتي نظمت في 30 بلدة وقرية، أغلقوا فيها الطرقات الرئيسية المؤدية إلى المدينة بالحجارة والإطارات المشتعلة، كما هدد المحتجون والمرجعات الدينية، بالعصيان المدني ما لم تتحقق مطالبهم التي تبنت سقفا سياسيا مرتفعا، تمثل بالمطالبة برحيل الحكومة السوري وإسقاط بشار الأسد.
وقال المتحدث باسم شبكة “السويداء 24” لـ “القدس العربي” ريان معروف: استجابة لدعوات الإضراب العام وتنديداً بسياسات النظام السوري الجائرة، شهدت محافظة السويداء إضراباً غير مسبوق واحتجاجات شعبية، في مختلف أرجاء المحافظة.
أكثر من ثلاثين قرية شهدت تجمعات للأهالي، أغلقوا خلالها المؤسسات الحكومية، وقطعوا الطرقات، وسط هتافات تطالب برحيل الأسد، وتؤكد أن “سوريا للشعب وليست لآل الأسد”.
ووسط مدينة السويداء، احتشد مئات المحتجين في ساحة السير/الكرامة، ورفعوا شعارات تطالب بتطبيق قرار مجلس الأمن 2254، وهتفوا للحرية، وطالبوا بإسقاط النظام السوري، كحل وحيد يُخرج البلد من دوامة الانحدار.
ورغم أن السويداء تشهد احتجاجات شعبية منذ سنوات للمطالبة بالتغيير، لكن وقعها هذه المرة وفق المصدر “كان غير مسبوق، فالمحافظة شهدت حالة إضراب عام، وعصيان مدني، ومعظم المؤسسات الحكومية في المدن والأرياف أقفلت أبوابها” حيث أكد الغاضبون “في معظم مناطق محافظة السويداء، الإضراب العام، وإغلاق الطرق الرئيسية في القرى والمدن، وشل حركة السير في عموم مناطق المحافظة”.
وكانت قد شهدت المحافظة تحضيرات لإضراب عام في مدينة السويداء، يشمل إغلاق الأسواق والمحال التجارية، ومعظم الدوائر الحكومية، وفرز مجموعات أهلية لحمايتها من العبث.
وشارك في الاحتجاجات كل من بلدات القريّا، والغارية، ومياماس، وسهوة الخضر، وأم الرمان، والكفر، وعرمان، وغيرها من القرى في ريف السويداء الجنوبي، حيث أعلن أهلها المشاركة في الإضراب، عبر تنفيذ وقفات احتجاجية، وإغلاق الطرق الرئيسية.
إضافة إلى بلدات وقرى المزرعة، وولغا، والمنصورة، وحران، ولبين، وبكا، وعرى، والمجيمر وعريقة، والثعلة ومجادل، والمجدل، والخرسا، في ريف السويداء الغربي، وكل من شهبا، شقا، ونمرة شهبا، والرضيمة الشرقية، والخالدية، والسالمية، والعديد من قرى الريف الشرقي.
في غضون ذلك، وجهت “الرئاسة الروحية” للطائفة على لسان الشيخ حكمت سلمان الهجري بيانا إلى أهالي السويداء، عبّرت فيه عن القلق العميق إزاء الأوضاع الحالية، حيث دعا الهجري إلى التحرك من أجل تحقيق التغيير وتحقيق العدالة.
كما وجه الهجري رسالة صريحة إلى المسؤولين والجهات المعنية، تحت عنوان “نحن نريد العزة والكرامة”، مؤكداً على تصاعد الضيق والمعاناة التي ألمّت بالناس جراء الأزمات المتلاحقة وسوء الإدارة.
وشدد في بيان الرئاسة الروحية، على ضرورة “التصدي لمصادر القرارات الجائرة والمحرضة للفتن والمحن”، معلنًا أن الوقت قد حان لقمع مثل هذه التصرفات الضارة. ودعا أيضا إلى إبعاد كل من يسعى لزعزعة استقرار الوطن وتخريبه.
وقال: نبّهنا مراراً إلى نقاط كثيرة وأشرنا إلى مواضع الفساد والإفساد، مشيرا إلى محاولة معالجة المشاكل مع مختلف المستويات، لكنهم واجهوا تجاهلًا وسوء تصرف.
وأكمل البيان “ما هكذا يعامل شعب من قبل حكومته، ولا هكذا تكون القرارات ولا التصرفات، والحجة حرب كونية، وأي حرب كونية وانتم تدمرون شعبكم وتحبسون مقدراته عنه، وتسقطون اقتصاده الوطني الى الحضيض بقرارات بخسة، وتعاملات لا تهمها سوى الجباية القسرية وتدمير البنى التحتية”.
وكان قد أعلن وجهاء وشيوخ عدد من بلدات وقرى محافظة السويداء التزامهم بالإضراب والعصيان المدني، حيث أكد أهالي قرية المنصورة في ريف السويداء الغربي، مشاركتهم يوم الأحد في الإضراب العام، احتجاجاً على تردي الأوضاع الاقتصادية.
وتداولت وسائل التواصل رسالة من أهالي قرية المنصورة جاء فيها “نحن أهالي قريه المنصورة ولأننا نعتبر نفسنا من النسيج الاجتماعي قررنا غدا الأحد إغلاق مديرية النقل الموجودة في القرية، احتجاجاً على تردي الأوضاع المعيشية القاسية التي تعيشها البلاد”.
وأكدت الرسالة أن القرية التي ينحدر سكانها من عشائر بدو السويداء، “لن تتأخر عن تلبية واجبها، بسبب الوضع المزري الذي وصلت إليه البلاد والذي لا يستثني أي مكون من مكوناتها، ولا أمل لنا بحياة أفضل إلّا بان نكون يداً واحدة في هذه الظروف”.
كما أعلن أهالي بلدة عريقة في ريف السويداء الغربي، مشاركتهم في الإضراب العام يوم الأحد، وإغلاق كافة الدوائر الحكومية حتى إشعار آخر.
وجاء في إعلان المحتجين: لم نكن يوماً ممن تذلّهم لقمة العيش، ولن نقبل بأن نُذلَّ في وطن لم نبخل عليه بأرواحنا. لكن أصحاب السلطة والقرار الذين سقطوا في امتحان المسؤولية والنزاهة والوطنية آلاف المرّات، لم يتركوا لنا خياراً آخر سوى الوقوف في وجه طغيانهم، وعدم السكوت عن سلبهم خيرات هذا الوطن والمتاجرة بها تحت ذرائع واهية وغير شريفة حتماً، وحان الوقت لنقول كفى لتجويع الأطفال، وإذلال الإنسان، وتدمير مستقبل شبابنا ومستقبل وطننا.
ADARPRESS #