وضع تركيا الداخلي يتفاقم… ازمـ ـة اقتصادية ومشاكل سياسية
في وقت تحارب فيه تركيا مسألة اللجوء والهجرة غير الشرعية التي تحوّلت إلى تهديد لأمنها القومي حسب ادّعاءات منتقدي السياسات الحكومية وورقة تجاذب سياسي وانتخابي بين السلطة والمعارضة، بدأت ملامح مشكلة أكثر عمقاً بالظهور مع تصاعد أعداد الأتراك المهاجرين.
تفيد الاحصاءات والدراسات الرسمية والأكاديمية في تركيا إلى وصول أعداد المهاجرين والراغبين في الهجرة، وخاصة بين فئة الشباب، إلى مستويات قياسية مدفوعين بالأزمات الاقتصادية وتلك المتعلّقة بالحريات، وسط التحذيرات من التحوّل إلى “دولة مصدّرة للعقول” وانعكاساتها على مستقبل البلاد.
الهجرة الخارجية تتزايد عاماً بعد عام
كشف إحصاء الهجرة الخارجية لعام 2022 الصادر عن معهد الإحصاء التركي (TUIK) ارتفاعاً قياسياً في أعداد المهاجرين من تركيا بنسبة 62.3% مقارنة بالعام السابق، مقابل انخفاض عدد المهاجرين إلى تركيا من الخارج بنسبة 33.2%.
وحسب احصاء المعهد التابع للحكومة التركية، والمستند على بيانات السجلات الإدارية للمواطنين الأتراك والأجانب، فقد بلغ عدد المهاجرين إلى الخارج في عام 2022، 466 ألفاً و 914 شخصاً، منهم 139 ألفاً و 531 مواطناً تركياً، و327 ألفاً و 383 أجنبياً، بأفضلية ذكورية بلغت 55.7% مقابل 44.3% من الإناث.
في المقابل، بلغ عدد المهاجرين من الخارج إلى تركيا عام 2022، 494 ألفاً و52 شخصاً، منهم 94 ألفاً و409 مواطناً تركياً، و399 ألفاً و643 مواطناً أجنبياً.
وما يجعل من هذه الزيادة الكبيرة في أعداد المهاجرين أكثر خطورة هون أن الفئة العمرية بين 25-29 عاماً، أكثر الشرائح المهاجرة بنسبة 15.8% تليها الفئة العمرية الممتدة بين 20-24 عاماً، بنسبة 12.8%، فيما بلغت نسبة المهاجرين من الشباب دون الخامسة والأربعين عاماً 61.8%.
الكفاءات العلمية الأكثر هجرة
شهدت تركيا موجتين رئيسيتين للهجرة خارج البلاد أولها كانت في ستّينات القرن الماضي باتجاه ألمانيا بشكل رئيسي، حيث شكّل العمال والحرفيين غالبية المهاجرين، والثانية غداة الضربة العسكرية في أيلول (سبيتمبر) 1980، وكان معظمهم من اليساريين، بالإضافة إلى موجات أقل من الكرد بشكل خاص في التسعينات، مع بداية “الجرائم مجهولة الهوية، وأخرى بعد الانقلاب الفاشل في تموز (يوليو) 2015”.
لكن، ما يميّز الموجة الحالية التي بدأت في عام 2020، حسب الباحث أحمد إنسل أن “الذكور شكّلوا الأغلبية التي هيمنت على الموجتين السابقتين للهجرة إلى الخارج، بينما الآن هناك نزوح جماعي من الذكور والإناث”.