شنكال الجريحة ما زالت تنزف
الدار خليل
لا تزال ذكرى مجزرة إبادة الإيزيديين ٣ آب/ أغسطس ٢٠١٤ جرحاً عميقاً؛ المجزرة التي قام بها داعش بدعم تركي ولأهداف عميقة تتمثل في إبادة الكرد الإيزيديين وتهجيرهم وأيضاً السيطرة على شنكال لما لها من قيمة تاريخية ودينية ومعنوية كبيرة.
بعد هذه الإبادة توسعت داعش وسيطرت على أراضي داخل سوريا، حيث ومن خلال الدعم الكامل لداعش من قبل الدولة التركية والأطراف المتآمرة معها، قامت داعش بالسيطرة على محافظة الموصل العراقية والمناطق المحيطة بها ثم قامت بالهجوم على شنكال ومن ثم توجهت داعش إلى روج آفا امتداداً نحو جبل كزوان، الرقة، تل أبيض وبعدها كوباني.
الإبادة التي تمت في آب/ أغسطس ٢٠١٤ اسدلت الستار على الكثير من الحقائق، حيث لا يستطيع أحد أن ينكر بأنه لم يكن في شنكال إدارة يمكن الوثوق بها والاعتماد عليها في إدارة المنطقة وحمايتها، وحتى القوات التي كان تدعي أنها تقوم بحماية شنكال قامت بالتخلي عنها ولم تهتم لحمايتها ما كان من الأسباب الرئيسية التي أدت إلى تلك المجزرة بحق الكرد الإيزيديين، حيث زاد بالإضافة إلى الفرامانات السابقة فرماناً آخر إلى سلسلة النكبات والمآسي التي عانى منها الإيزيديون على مرّ التاريخ.
أهمية ومكانة شنكال والديانة الإيزيدية ورمزيتها معروفة بالنسبة للكرد، إضافة إلى الموقع الاستراتيجي لشنكال، كانت هذه المقومات كافية لجعل شنكال هدفاً لهجوم إبادي تم عبر مؤامرة كبيرة الهدف منها كان استهداف باشور كردستان والإرادة الكردية الحديثة المنشأ في المنطقة خاصة من خلال فرض الحصار على روج آفا.
رغم البدايات الصعبة آنذاك ومرور عامين فقط على ثورة ١٩ تموز ووضع روج آفا الصعب إلا أنه تم تقديم دعم كبير من قبل وحدات حماية الشعب “YPG” ووحدات حماية المرأة “YPJ” آنذاك وأيضاً قوات الدفاع الشعبي HPG إلى شنكال حيث وبعد مقاومة تاريخية تم إنقاذ آلاف الإيزيديين وتحرير شنكال من الإرهاب الداعشي.
ما حدث في شنكال أظهر للعالم مدى نفوذ الدولة التركية في المنطقة وتدخلها في ثورة ربيع الشعوب بأساليب ملتوية وغير شرعية بسبب رفضها لنيل الشعب الكردي لحقوقه المشروعة، حيث كانت داعش هي أداتها ووسيلتها لتحقيق مساعيها وخططها حيث كانت الدولة التركية تخطط وداعش تنفذ.
المقاومة التي حدثت في شنكال كان لها هدفان، الأول هو تحرير شنكال من براثن داعش، والثاني هو بناء وعي وإرادة لدى الإيزيديين ليكونوا قادرين على إدارة وحماية شنكال بشكل ذاتي دون الاعتماد على قوات أخرى تخلت عنها في أصعب المراحل والتي عوضاً عن تقديم الاعتذار للإيزيديين عن عدم قدرتهم على حماية شنكال والتأسف على ما حدث لهم على يد داعش، قامت بإجراء اتفاقيات مع حكومة العراق المركزية وفتحت لها المجال لدخول الآخرين على شنكال والسيطرة عليها من قبل الحشد الشعبي ولم تسمح للإيزيديين ببناء إدارة ذاتية تمكنهم من إدارة أنفسهم، وبعدها قامت تلك القوات بالتعاون مع الدولة التركية بتنفيذ أهداف أخرى تمثلت بالسيطرة على شنكال والقضاء على إرادة الإيزيديين.
في روج آفا كنا نتابع عن كثب كل ما كان يحدث ونرى أنه من واجبنا أن نمنع تكرار المجازر بحق الكرد الإيزيديين، والاقتداء بمقاومة كوباني ٢٠١٤ التاريخية والتي بالرغم من الإمكانات المحدودة تمكنت كوباني من الصمود في وجه أكبر تنظيم فاشي في العالم “داعش” ودحرته وحققت انتصاراً تاريخياً، لأنها كانت تمتلك إدارة ذاتية وقوة عسكرية تستطيع الاعتماد عليها في مواجهة كل الاعتداءات الخارجية الأمر الذي كان يغيب عن شنكال أثناء الهجوم الداعشي.
اليوم لا بد من إنصاف الشعب الإيزيدي وإحقاق حقوقه والاعتذار له للتسبب في معاناته من قبل كل ما ساهموا في هذا الجرح الكبير وخاصة القوات التي هربت من شنكال ولم تحميها.
اليوم وبعد مرور سبع سنوات على مجزرة شنكال التي ارتكبتها داعش، نذكر الشعب الإيزيدي في شنكال بضرورة التماسك والالتزام بروح مقاومة شنكال لبناء إدارة ذاتية يستطيع بها الشعب الإيزيدي إدارة وحماية شنكال والدفاع عنها والاستفادة من الأخطاء التي حدثت؛ كما على العالم أجمع التحلي بالأخلاق والمسؤولية وإضافة ما حدث بحق الإيزيديين على إنها إبادة عرقية كسائر الإبادات التي تم إقرارها خاصة تلك التي تمت على يد تركيا وآخرها كان الاعتراف بالإبادة الأرمنية. دون هذا الاعتراف لن يكون العالم عادلاً، كما أن ترك شنكال يزيد من معاناتها أيضاً، حيث بالإضافة لما يتم من تنظيم ذاتي على كل من ترك شنكال وهاجر أن يعود إليها ويبني فيها إرادة الإيزيديين ليكون ذلك خير جواب ضد عمليات الإبادة والتصفية.