محتجو السويداء يصرون على سلمية الحراك ووحدة سوريا
لم يردوا على إطلاق النار من حرس فرع حزب البعث في المدينة وساحة الكرامة تتحول إلى منصة لجميع النشاطات.
تتواصل الاحتجاجات الشعبية في محافظة السويداء الواقعة أقصى الجنوب السوري ليومها الـ25 والمطالبة برحيل النظام السوري، إذ تحولت ساحة الكرامة بوسط المدينة إلى مسرح لتجمع المحتجين، بينما تشهد القرى والبلدات التابعة للمحافظة تظاهرات وأصبح مرقد الزعيم الدرزي سلطان باشا الأطرش قبلة لوقفات المواطنين المطالبين بالتغيير وتحقيق العدالة الاجتماعية.
ويصر المحتجون على سلمية تحركهم الذي دخل في امتحان حقيقي اليوم الأربعاء عندما توجه عدد منهم إلى مبنى فرع حزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم، فأطلق عليهم مسلحون من داخل المبنى الرصاص الحي، مما أدى إلى إصابة ثلاثة أشخاص بجروح متفاوتة.
الحادثة لم تشهد رد فعل مسلح من قبل المحتجين المحيطين بالمكان الذين انسحبوا منه على وقع نقل الجرحى إلى مستشفيات المدينة، ويقول الناشط والحقوقي عادل الهادي لـ”اندبندنت عربية” إن المتظاهرين تمسكوا بسلمية حراكم فـ”أبناء السويداء يعرفون تماماً أن النظام يحاول جرهم إلى استخدام العنف والأهالي لن يستجيبوا لهذه الخطة الخبيثة”.
وخلال الأعوام الماضية استطاعت فصائل درزية محلية القتال ومواجهة تنظيم “داعش” داخل قرى في ريف السويداء الشرقي التي يتهم فيها الناشطون الدروز النظام بنقلهم من مخيم اليرموك قرب دمشق إلى مناطقهم في أواخر يوليو (تموز) 2018، مما أسفر عن مقتل أكثر من 220 شخصاً مدنياً بينهم نساء وشيوخ وأطفال، لكن المرجعيات الدينية والأهلية وحتى السياسية تدعو باستمرار في خطابها إلى التمسك بسلمية الاحتجاجات المتواصلة منذ قرابة شهر في المدينة وبلدات وقرى “جبل العرب”.
من ساحة السير إلى الكرامة
اعتاد المحتجون في السويداء على التجمع والتظاهر في ساحة السير الواقعة وسط المدينة خلال السنوات الماضية، لكنها تحولت أخيراً إلى منصة لجميع النشاطات وأساليب التعبير عن الاحتجاج التي تنوعت في أشكالها، الفنية منها مثل الرسم الكاريكاتيري والرقصات الشعبية وتقديم منتجات المنطقة والحلويات والأطعمة التقليدية التي يصنعها النسوة الدرزيات للمتظاهرين كدعم وتشجيع على الاستمرار في الاحتجاج وعدم التواني عن المطالب.
ويفضل الناشطون تسمية الساحة باسم ساحة الكرامة “لأنها أصبحت مساحة لرفع شعارات السوريين التي تصرّ على الكرامة” كما يقول الناشط علاء منذر، مشدداً على مطالبتهم بوحدة الأراضي السورية في رد على وصف الحراك في الجنوب السوري بأنه يدعو إلى “الإدارة الذاتية والانفصال عن البلاد”.
من جهته يرى الهادي أن مطالب السوريين تتحقق بالانتقال السياسي وفق القرار الأممي 2254 الذي يؤيده المحتجون في السويداء، مؤكداً أن تحقيق الإدارة الذاتية يتعلق بما يقرره السوريون “وقد يكون أحد خيارات الناس بعد سقوط النظام”، ويشير في الوقت نفسه إلى أن النظام السوري لديه تهم جاهزة لمعارضيه “إما بالانفصال أو العمالة لإسرائيل”.
تسلسل الأحداث
وشهدت السويداء خلال الأعوام الأخيرة احتجاجات متكررة، تزامناً مع الحراك السوري والصراع المسلح الذي عاشته البلاد، إضافة إلى الأزمات المتلاحقة التي تصيب السوريين وتثقل كاهلهم، وتشكل الأزمة الاقتصادية أبرز الأسباب في تحركات السويداء “فهي دليل على فشل النظام في إدارة البلاد لاستقدامه قوات احتلال عدة (روسيا وإيران) التي بدورها تسرق ما تبقى من ثروات البلاد مقابل ما تقدمه من خدمات إبقاء النظام في السلطة”، وفق تعبير الناشط الحقوقي.
ويشير الهادي إلى أن “الحكومة السورية رفعت أسعار الوقود خلال الفترة الماضية واستهترت بعقول الناس من خلال رفع الرواتب، في حين أن قيمة الراتب انخفضت نحو 150 في المئة، مما أدى إلى صعوبة عيش الناس، بخاصة أن النظام أعلن أنه ليست لديه حلول اقتصادية وأن الثروات النفطية تقع في مناطق تحتلها الولايات المتحدة الأميركية “إنما في الواقع تصل نسبة 60 في المئة من الإنتاج النفطي إلى مناطق النظام عبر صهاريج شركات القاطرجي وغيرها وتدخل إلى جيوبه”.
وجهة الحراك
ويعتقد الهادي بأن حراك السويداء “سيحافظ على سلميته ولن ينجر إلى العنف”، مؤكداً أن مطالبه تخص جميع السوريين وتتمثل في تطبيق القانون على الجميع، بما في ذلك تطبيق الدستور السوري الحالي الذي لم يعد ينص على قيادة حزب البعث “للدولة والمجتمع”، ولذلك وجود الحزب “غير شرعي، بالتالي جميع مصاريفه ورواتب مسلحيه من جيوب الشعب السوري”.
وبحسب المحتجين في السويداء فإن النظام السوري غير قادر على حل الأزمة في البلاد ويشكل تغييره من خلال تطبيق القرار الدولي 2254 بداية الحل للأزمة بالاعتماد على جميع القرارات الدولية ذات الشأن وبيان جنيف1 المتعلق بالأزمة السورية، ما من شأنه رفع العقوبات عن البلاد وإعادة الإعمار وتقديم الدول المانحة المساعدات لسوريا من خلال تطبيق القرار الدولي وهيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحية، وفق الهادي.
عبدالحليم سليمان/ اندبندنت العربية
ADARPRESS #