إلى جانب الأزمة الاقتصادية والمعيشية التي تشهدها مناطق سيطرة حكومة دمشق والتي فاقمت من حالة الاسـ ـتياء والغضب الشعبي وإمكانية تفـ ـجر حراك شعبي عارم أو ما يمكن تسميته بـ”ثورة الجياع” لاسيما في ظل استمرار الاحتجاجات الشعبية بالسويداء جنوبي البلاد، تبقى قضية تجارة وتهريب المخـ ـدرات إحدى أكثر القضايا البارزة في المشهد هناك، في ظل التقارير عن استمرار وتنامي الظاهرة وامتدادها وتغلغلها إلى مناطق وفئات اجتماعية جديدة.
وتوثق تقارير حقوقية، انتشار تجارة وتعاطي المخـ ـدرات في مناطق حكومة دمشق بشكل ملحوظ خلال الأشهر الأخيرة بدءاً من درعا والسويداء جنوبي مروراً بدمشق وحمص وصولاً إلى دير الزور في الشرق بإشراف مباشر وبشكل ممنهج من قبل ضباط وعناصر بالأجهزة الأمنية التابعة لقوات حكومة دمشق والفصائل التابعة لإيران.
المرصد السوري لحقوق الإنسان نشر مؤخراً تقريراً، يوثق الانتشار الواسع لتجار ومروجي المخـ ـدرات في دير الزور وريفها، من خلال شبكات تعمل على استهداف الفئة الشابة واستدراجها بوسائل عدة من أجل الوصول إلى حالة الإدمان، لتصبح لاحقاً من المروجين للمواد المـ ـخدرة، مؤكداً أن الفصائل التابعة لإيران تعمل على التقرب من طلاب المرحلتين الإعدادية والثانوية بالأماكن العامة والسكنية في مدينتي الميادين والبوكمال من أجل جرهم للإدمان وصولاً إلى جعلهم مروجين.
وأشار التقرير إلى أن المواد المخـ ـدرة تخبأ في أماكن سرية بإشراف من الفـ ـصائل التابعة لإيران في أحياء “العمال والعرفي والشيخ ياسين” بمدينة دير الزور، ويتم توزيعها في مخابئ مهجورة، مؤكداً ضلوع ضباط وعناصر من “الفرقة الرابعة” التابعة لقوات حكومة دمشق في نشر وترويج المـ ـخدرات في المدينة، لافتاً إلى وجود تنافس بينها وبين الفصائل الإيرانية، حيث أنها أدخلت مؤخراً كميات كبيرة من المواد المخدرة من لبنان إلى دمشق ومن ثم إلى دير الزور.
ميليشيات إيران وجماعة حـ ـزب الله
ومنذ أن أصبحت سوريا إحدى أكثر مناطق العالم رواجاً لتجارة وتهريب المخدرات سواءً داخلياً أو عبر الحدود إلى دول الجوار بعد الأزمة التي عصفت بالبلاد عام 2011، كانت الفـ ـصائل التابعة لإيران وجماعة حزب الله اللبناني أبرز المتهمين بالوقوف وراء هذه الظاهرة والإشراف عليها، حيث جرى توثيق بناء معامل لهذه المواد المـ ـخدرة تتبع لهذه الفصائل في كل من حمص ودير الزور.
تفكيك المجتمع ونشر الفوضى
ويرى محللون، أن إيران والفـ ـصائل التابعة لها لا تستهدف من وراء تجارة وتهريب المخدرات وترويجها في سوريا وعبر الحدود تحقيق عوائد مالية فقط، بل تهدف أيضاً لخلق مجتمع مفكك واستهداف الفئة الشابة عماد أي مجتمع ليسهل عليها تمرير مشاريعها التوسعية بالمنطقة، وإجبار السوريين في مناطق سيطرة حكومة دمشق على الانضمام لها في ظل الأزمة الاقتصادية والمعيشية التي تعانيها هذه المناطق، إلى جانب إبقاء ذلك الملف كورقة بيدها خاصةً بعد الضغوط العربية على دمشق من أجل إنهاء تهريب المخدرات عبر الحدود.
إفساد المنطقة من أجل السيطرة
وتحدث مسؤول رسمي في قسد، لموقع” آداربرس” تحفظ عن ذكر الاسم، قائلاً: “إن المشروع الإيراني قائم على نشر الفوضى في المنطقة العربية بهدف إذلال هذه المنطقة وجعلها متخلفة وكذلك نشر المخدرات وإغراق البلدان العربية بهذه المادة، خصوصاً في صفوف الشباب من أجل إكمال السيطرة على المنطقة، وهذا يستدعي مشروع عربي بمقابل هذا المشروع”.
متابعاً قوله: ” بأن إيران تصر على إغراق منطقة الشرق الأوسط وعموم سوريا وتحديداً مناطق الادارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، بالمخـ ـدرات حتى يتم إلحاق الضرر بالأمن القومي للدول المستهدفة وإغراق شعوبها بأفيون المخدرات حتى يبقوا في وضع صحي سيء ودون أي فاعلية، لأنهم لا يريدون شعوباً تنتفض ضدهم وضد مشروعهم وفشلهم الإداري والاقتصادي والسياسي والمهني، إلى جانب جني الأموال بطريقة سريعة رغم الرقابة الدولية، فطهران تعتمد على تمويل مشاريعها ومخططاتها بالمنطقة على تجارة “الكـ ـبتاغون”، حسب رأيها.
واختتم قوله “أن المخدرات تلحق ضرراً بالدول المستهدفة بما في ذلك عمليات الانتحار للمواطنين وتفتيت المجتمع الذي هو على حد تعبيرها، هدف إيراني عبر جعل الشعوب تلتهي بمشكلاتها بعد انتشار الإحباط والقتل واليأس والفوضى” ومن ثم استكمال المشروع الفارسي بالمنطقة والسيطرة على العواصم العربية”.
ويأتي هذا، في ظل استمرار استهداف العقوبات الغربية لمسؤولين في حكومة دمشق وأعضاء بجماعة حزب الله اللبناني على خلفية الارتباط بتجارة وتهريب المخدرات، حيث وافقت لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الأمريكي مطلع الشهر الماضي، على مشروع قانون “قمع الاتجار غير المشروع بالكبتاغون لعام 2023″ لمكافحة تدفق المخدرات من سوريا، حيث يستهدف القانون مسؤولين رفيعي المستوى بحكومة دمشق يتوقع ضلوعهم في تصنيع وتهريب المخدرات بالتعاون مع جماعة حزب الله اللبناني على رأسهم ماهر الأسد شقيق رئيس النظام السوري بشار الأسد وضباط آخرين كعماد أبو زريق وطاهر الكيالي وراجي فلحوط وغيرهم.
وكان قد قال النائب الأمريكي فرينش هيل في بيان، إن مشروع القانون يفرض عقوبات جديدة فيما يتعلق بالإتجار غير المشروع بالكبتاغون في سوريا المرتبط بنظام بشار الأسد، مضيفاً أن المشروع الذي يعد متمماً لـ”قانون الكبتاغون1″ الذي أقره الكونغرس العام الماضي، يطالب إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن بتقديم توضيحات بشأن الأشخاص المستهدفين ومدى انخراطهم بتجارة المخدرات، خلال مدة لا تتجاوز 180 يوماً من تاريخ سن القانون”.
وتؤكد مصادر مقربة من حكومة دمشق، أن الأخيرة لا تستطيع الاستجابة للمطالب العربية بإنهاء تجارة وتهريب المخدرات عبر الحدود وأنها حاولت مراراً جعل الملف ليس أولوية في محادثات التطبيع العربي معها، في ظل تورط ضباط من الصف الأول في قواتها ومسؤولين رفيعي المستوى منها بعمليات التجارة والتهريب، إلى جانب العوائد المالية التي تجنيها من هذه التجارة علاوةً على أن مسؤولية الإشراف المباشر على الملف ووإدارته تتولاها إيران وفصائلها وليس دمشق”.
اداربرس/خاص
ADARPRESS #