الاعتماد الذاتي اقتصاديّاً؛ ضرورة استراتيجية
الدار خليل
نقطة الفصل التي تتميز بها ثورة روج آفا – شمال وشرق سوريا هي إنها مستقلة في قرارها وذاتية التوجه؛ ثورة لم تُنجَر لأتون الصراعات والحرب المدمرة، بل اتخذت البناء وسط كل عوامل الدمار والخراب السياسية، العسكرية، التعليمية والاقتصادية. دون شك هذا التوجه لا يتقبله الكثيرون لأنه لا أحد يريد أن يكون هناك من يناضل دون أن يكون متأثراً أو مؤثراً عليه وبالتحديد في سوريا التي تشهد ساحتها ما يمكن نعته بالحرب العالمية الثالثة، حيث التواجد الدولي والإقليمي المتعدد والمختلف في الآن ذاته.
شكل البناء الذاتي الذي اتخذته ثورة روج آفا – شمال وشرق سوريا مغاير لكل الأنماط التي أعطت تحليلات مستوفية عن شكل الثورة؛ لذا اليوم بكل جوانبها ثورتنا تحت ضغوط العرقلة ومحاولات الإفشال. هنا وفي هذا التوقيت وهذه المرحلة عندما نُشخّص المعضلات ونُشخّص الجوانب الواجب تطويرها في ثورتنا علينا طرح البدائل والمقترحات بمعنى ألا نكتفي بالتشخيص النظري لها. لذا؛ سأركز اليوم على جانب هام وضروري يساوي الأهمية ذاتها لبقية الجوانب السياسية والعسكرية والفنية والتعليمية ألا وهو الجانب الاقتصادي.
الاقتصاد مجال هام وجانب استراتيجي يمكن من خلاله أن نكون ناجحين في الجوانب الأخرى بمعنى قوة الاقتصاد لدينا وشكل تناولنا له يحدد قوتنا السياسية والعسكرية وجميع المجالات الأخرى الهامة في الثورة.
بإسقاط عملي على واقعنا؛ نحن في منطقة جميع مقومات القوة موجودة فيها، أقصد القوة التي تجعلنا نكون في اقتصادنا ذاتيي الاعتماد، لدينا مواد خام زراعية وكذلك أراضي خصبة ويمكن لنا أن نستفيد منها في التطوير الاقتصادي، يمكن أن تكون كل عائلة لدينا منتجة. يستطيع الجميع أن يزرعوا للاستهلاك المنزلي ويمكن أن تكون هناك مشاريع صغيرة للإنتاج المحلي أعني المواد الغذائية وكذلك القمح والشعير، الفول، الحمّص وجميع أنواع البقوليات والخضروات. هذا يساهم في دعم الأسواق المحلية بمواد محلية لا، بل عندما يعمل الجميع لن تكون هناك حاجة للاعتماد على السوق أصلاً. أيضاً يمكن أن تكون هناك ورشات وتعاونيات تعتمد على المواد الخام وتنتج ما نحتاجه منها، فمثلاً القمح يمكن الاستفادة منه في إنتاج الكثير من الأصناف بالإضافة للخبز والإدارة الذاتية مُلزمة بتقديم الدعم لإنجاح هكذا مشاريع.
اليوم الإدارة الذاتية الديمقراطية تتحمل عبئ كل شيء؛ نعم هي إدارة الشعب لكن لا يمكن لها أن توفر حتى الأمور التي هي بالأساس تحتاجها، من واجبنا كأفراد وعائلات. كل شيء يمكن أن يكون متوفراً بالتعاون الفعلي والاعتماد الذاتي خاصةً في الجانب الاقتصادي من خلال التعاون بين الشعب والإدارة.
استثمارنا لما هو موجود يخدم الجوانب الأخرى التي بدأنا بها ثورتنا مثلاً عندما سياسياً وعسكرياً كنا ولا نزال نمضي بما نملك من إمكانات. إذاً؛ ما الدواعي التي تجبرنا أن نحتاج الآخرين في مستلزمات عيشنا من الناحية الاقتصادية؟ لذا الاعتماد الذاتي وتطوير الاقتصادي المجتمعي الذي يجعلنا ننتج ما نحتاجه من الاستهلاك يعطينا القوة، الإمكانات الموجودة كافية لأن نعتمد على ذاتنا في الاقتصاد ونخفف العبء على الإدارة لا، بل نحمل معها العبء الكبير الواقع على عاتقها. اليوم ضرورات التطوير الاقتصادي تُضاهي ضرورات تطوير الثورة التي كنا بحاجة لتطويرها في ٢٠١١ بذات الأهمية وذات المستوى لا بد لشعبنا بمختلف شرائحه التحرك والعمل، علينا ألا نتأثر بأشكال الحصار الاقتصادي لا بل علينا الوصول لأن نكون قوة اقتصاد نؤثر على محطينا وهذا ممكن من خلال الاعتماد الذاتي في المجال الاقتصادي.