آستانا من جديد
آستانا من جديد , ولكن هذه المرة ليس علناً وأمام الكاميرات بل تنفيذا لما اتفق عليه سابقاً ، سراً وخلسةً باجتماعات ثنائية كما تتسرب هنا وهناك برعاية روسية مباشرة في حميميم وسري كانيي ( رأس العين ) المحتلة تهدف إلى تطبيع الأوضاع بين دمشق وأنقرة . و كما يبدو دون مراعاة مصالح الشعب السوري , الذي أجهدته الحرب والمصائب والويلات وتتحدث عن لقاءات مستقبلية في بغداد ترافقها تصاريح نارية من رأس النظام التركي ووزير خارجيته وتهديدات مباشرة للإدارة الذاتية في غرب كردستان وشمال شرق سوريا متحججة بمنعها لقيام انتخابات البلديات فيها وإلا ؟؟؟!!!!
إن حرب الاستنزاف الذي يمارسه حلف شمال الأطلسي بما فيها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بعد تورط القيصر الجديد في غزو أوكرانيا تدفع بموسكو إلى لململمة أوراقها وتجميع قواها في المنطقة وغيرها مع الحفاظ على ماء الوجه , وخاصةً بعد فشل محاولة حركة حماس ( كأحد أذرع محور آستانا في النهاية ) توقيف المشاريع الغربية وعلى رأسها – طريق الحرير – المخطط له : الهند – دول الخليج – إسرائيل – أوروبا , بما في ذلك خطط نقل الطاقة الأحفورية , وخاصةً الغاز , ووضع حد لنفوذ الغاز الروسي لدى القارة العجوز , بما في ذلك التحكم بأسعار الطاقة العالمية وأسواقها ، ناهيك عن بدء الشعور ببداية التخطيط للتخلص من بقية أذرع النظامين التركي والإيراني في المنطقة – محور آستانا غير المستور .
إن هرولة النظام التركي بتغطية إيرانية – روسية – ثلاثي محور آستانا وربما قوى أخرى غير مرئية على الساحة في محاولة توجيه ضربات سياسية – استباقية قبل نضوج عملية الحل السياسي في سوريا , وخاصةً الحل السوري – السوري المنشود وبرعاية أممية وقراراتها وخاصةً القرار ٢٢٥٤ ، إنما هو دليل ضعفها ومحاولات يائسة من أنظمة بائسة استهلكت محلياً من قبل شعوبها الجائعة نتيجة ممارساتها الخاطئة داخلياً وخارجياً في مجالات التنمية والاقتصاد وممارساتها اللاإنسانية في العسكرة والتعصب والنهب والاحتلال والسبي والارتزاق والتوسع والتغيير الديموغرافي .
إن الشعب السوري المتعب وبعد كل هذه السنين و تلك المظالم والويلات لن يرضى في النهاية إلا بانهاء الاحتلالات على أرضه وفي مقدمتها الاحتلال التركي البغيض , ولن تكون سوريا إلا لأهلها بكل شعوبها ومكوناتها وثقافاتها , بفسيفسائها الجميل , بدستور جديد يضمن حقوق الجميع , بما في ذلك حقوق الشعب الكردي القومية في حق تقرير مصيره , ورفع الظلم والاستبداد والمشاريع العنصرية عن كاهله والمستمر منذ تأسيس الدولة السورية بعد انهيار الامبراطورية العثمانية ، وذلك وفق الأنظمة والأعراف الدولية بنظام لا مركزي يتناسب مع روح العصر والحل الوطني للمسألة الكردية والسورية .
الدكتور/أحمد ابراهيم
ADARPRESS #