حـ ـروب واحـ ـتلالات ومجـ ـازر…كـ ـوارث العثمانيين على العرب
محمد عبد الرحمن اليوم السابع
على مدار أربعة قرون استولى فيها العثمانيون على البلاد العربية، سرقوا ثروتها، وقتلوا شعوبها، وتركوها وهى خربة، بعدما أصبحت محتلة من جانب عدو آخر، بسبب ضعفهم وأطماعهم، وتركوا العرب أمام شبح الاحتلال الذى دمر البلاد بعدما بدد العثمانيين ثرواتها.
الحقيقة أن الجانب التركى لم يخسر كثيرا فى معاركه، العرب هم من خسروا، سقط فقط ديكتاتورية من أكثر الديكتاتوريات دموية فى التاريخ، تركيا أصبحت دولة مستقلة، قام مصطفى كمال أتاتورك بتأسيس جمهوريته، لكن عانى العرب بسبب فساد حكام العثمانيين علينا، والكوارث التى فعلوها، كما قال الباحثون من قبل، ومنها:
الاحتلال
دخول العثمانيون الحرب بجانب ألمانيا، ومبادرتهم بالهجوم على روسيا، ثمّ بريطانيا فى مصر، أدّى إلى هجوم بريطانيا على العراق، والهجوم على الشام من ناحية مصر، ودعّم الثورة العربية الكبرى، ثمّ التنسيق بين وزراء خارجية بريطانيا وفرنسا وروسيا حول تقسيم أملاك العثمانيين، بعد هزيمتهم فى الحرب، وهى الاتفاقية التى عُرفت باسم سايكس-بيكو، بعد انسحاب الروس منها، عقب قيام الثورة البلشفية العام 1917.
وبهزيمة العثمانيين وقعت البلاد العربية التى كانت تحت سيطرتهم تحت الاحتلال البريطانى والفرنسي، وتمّ وضع فلسطين تحت الانتداب البريطاني، ممّا أدّى إلى تضاعف الهجرة اليهودية إلى فلسطين، لتبدأ مأساة ضياع فلسطين، وظهور الكيان الصهيوني.
لم ينتهِ عهد الاحتلال العثماني-التركى إلّا بكارثة ضياع فلسطين، فعلى الرغم من إدراك العثمانيين للمخاطر المحيطة بهم، إلّا أنّهم لم يعملوا على حلّ الأزمة مع الشعوب غير التركية، للارتقاء بحياتها بعد أنّ عانت قروناً من الظلم والتخلّف تحت حكمهم، ولم يدركوا أنّ عصور إمبراطوريات الغزو قد ولّى، وأن السيطرة العسكرية وحدها لم يعد لها مكانٌ فى عالم القرن العشرين، وأن من حقّ كلّ شعب تقرير مصيره، وتحقيق تطلّعاته نحو الحياة الكريمة والعدالة والحرية.
ضياع فلسطين
يتحمّل العثمانيون المسؤولية الأولى عن ضياع فلسطين، فلولا قرارهم بدخول الحرب العالمية الأولى لما صدر وعد بلفور، الّذى كان مكافأةً للصهيونية من ناحيةٍ، وعقاباً للعثمانيين من ناحية أخرى، ولا وقعت فلسطين بيد البريطانيين، ولا مُكّن للصهيونية العالمية تنفيذ مخططاتها، لكنّ أحلام العظمة والطغيان التركية كانت أهم من ضياع البلاد العربية.
علاوةٌ على ذلك فقد العرب عشرات آلاف الضحايا من المجندّين فى جيش الأتراك، وعانوا من مجاعة الشام العام 1915 التى حصدت أرواح نصف مليون عربي، بحسب كتاب “يقظة العرب-تاريخ حركة العرب القومية” لجورج أنطونيوس.
مذابح جماعية
ويحكى ابن إياس فى “بدائع الزهور في وقائع الدهور” ارتكب العثمانيون خلال فترة حكمهم فظائع إنسانية، فقد قتلوا الآلاف من المصريين والعرب فى مذابح جماعية، وعلقوا جثث قادة المماليك فى الشوارع، بينهم طومان باي، ونهبوا المنازل والمتاجر، ومثلوا بجثث القتلى.
كما أن، كثيرا من آثار حكم العثمانيين بقى على المنطقة العربية حتى الآن، ومنها عدم توافر مقومات الدولة فى منطقتنا خلال الحقبة العثمانية، وعدم فهم الحكام العثمانيين لمهام الحكم، فقد اهتموا بالمدن الساحلية فقط والطرق الخاصة بالتجارة، وتركوا باقى المدن كما هى دون تطوير أو رعاية، وعينوا رؤساء القبائل لإدارة شؤون المناطق دون نظام إدارى واضح ومحدد، فتخلفت بلادنا كثيرا ولم يعرف المواطنون الخدمات مثل الصحة والتعليم.
ضرائب
ولعل مفهوم الحكام العثمانيين للدولة كان مقتصراً على الدفاع عن الولايات والأمن الداخلى وجباية الضرائب، حتى المرور بالطرق والشوارع فرضوا عليه ضريبة كانت تسمى” الحلوان” وفرضوا ضرائب أخرى لا تحصى ولا تعد منها ضريبة”الميري” وهذه تحصل بنسبة 22% لحساب السلطان، وضريبة “الكشوفية” وقدرها 16%، وكان الملتزم وهو شخص يتم تعيينه لتحصيل الضرائب، يقوم بدفع هذه الضرائب للحكومة مقدما، ثم يقوم بتحصيلها بأضعاف قيمتها من الأهالي، مما أدى لفقر الشعب وتزايد الجهل والمرض ونقص الخدمات وشح الموارد.