مقالات رأي

أردوغان يُعَوِّمُ التركمان ويُهمِّشُ العرب في المناطق المحـ ـتلة.. الغاية والهدف

حاول أردوغان منذ بداية الأزمة السورية كسب العرب لجانبه، من خلال دعمهم بالسلاح في وجه الحكومة السورية، وبالفعل تمكن من ذلك عبر اللعب على الوتر الطائفي، وخلق الفتن بينهم وبين باقي المكونات وعلى رأسهم الكرد.

بعد أن استغلهم لصالح أجنداته عبر وعود كاذبة بالعيش بحرية وكرامة بعد مساعدتهم في إسقاط حكومة دمشق، إلا أن كل هذه الوعود ذهبت أدراج الرياح مع أول تقارب بينه وبين الحكومة السورية بوساطة روسية، وأول مكسب لها على الأراضي السورية، فبدأ أردوغان بالتفكير في التخلص منهم نتيجة اتفاق بينه وبين الحكومة السورية وروسيا، ومن هنا بدأت القصة.

استخدمتهم رأس حربة في حروب تركيا في ليبيا وأفريقيا وأذربيجان وإقليم كردستان، بعد أن عقدت اتفاقات وأخرجتهم من المناطق التي سيطروا عليها على حساب قوات الحكومة السورية، وبدأت باحتلال المناطق الكردية في الشمال السوري مقابل ذلك.

تسلم العرب مناصب قيادية سواءً عسكرية أو سياسية فيما تسمى بالائتلاف السوري والمعارضة السورية، إلا أن اردوغان عَمَدَ في الفترة الأخيرة إلى تغيير تلك السياسة تجاه القيادات العربية، بعد أن ورطهم في مخططاته القذرة، وباتوا شركاء في جرائمه، فبدأ بتصفية تلك القيادات، وتعويم التركمان في المنطقة كون غالبيتهم العظمى ترى نفسها مرتبطة أيديولوجياً وفكرياً بتركيا وسياساتها في المنطقة، ونزولاً عند رغبة ووعود أردوغان لهم بأن تلك الأراضي تعود تاريخياً للدولة العثمانية وبالتالي هي لتركيا، وأن للتركمان الأحقية بها.

فكانت الاغتيالات والاعتقالات مصير كل تلك القيادات العربية التي عارضت فكرة تهميشهم وحرق ورقتهم والاستغناء عن دورهم من خلال التصالح مع الحكومة السورية، كما كانت الفصائل العسكرية العربية هدفاً مشروعاً للفصائل التركمانية، العمشات والحمزات والسلطان مراد.

فعلها اردوغان من قبل مع أشباه الكورد الذين شاركوه في حربه على عفرين واحتلالها، وبعدها تمت تصفيتهم والتخلص منهم، بعدها جاء الدور على العرب ليكونوا ضحايا سياساته وأجنداته في المنطقة.

اعتبر اردوغان نفسه الحريص والمطالب بحقوق التركمان في المنطقة، فكان قبلها في مناطق كركوك والموصل في إقليم كردستان، ليثبت لتركمان سوريا بأنه يعمل على نيل حقوقهم كأقليات في مناطق عيشهم، وعلى أرضهم التاريخية، وليوهمهم بأنه المنقذ لهم، وبأنهم مهددون من قبل العرب والكرد وباقي المكونات في تلك المناطق.

بعد إصرار أردوغان وحكومته بالتصالح والتقارب من الحكومة السورية، وبيع المعارضة الوطنية، وتسليم رؤوس مقاتليهم لمقصلة الجهات الأمنية؛ ظهرت العديد من الآراء التي ترفض رفضاً قاطعاً مخططات أردوغان، تلك الآراء تعي جيداً ما ستؤول إليه أمورهم عند أي تصالح وتقارب بين هذين النظامين، فخرجت وما زالت في تظاهرات منددة بهذا التصالح، واستخدمت شتى السبل للوقوف في وجهها والحؤول دون تطبيقه، لكن قوبل بالرفض والاعتقالات والمحاسبة، كم تم تصفية غالبية قادة ذلك الحِراك، إلا أن أجنداته ما زالت سارية في قمع تلك التظاهرات، وكسر شوكتها لتنفيذ ما تم التخطيط له في المرحلة الآنية، وهي التصالح مع النظام بعد لقائه لبشار الأسد والاتفاق على بنوده؛ التي تطالب في مقدمتها التخلي عن ما تسميهم الإرهابيين والتوقف عن دعمهم، وتسليم ملفاتهم للنظام ليتم استدراجهم وبالتالي اعتقالهم وتصفيتهم مع مرور الزمن.

ومن ثم يأتي دور المخطط الأقذر، وهي دعم تلك الأصوات وتشجيعهم على الخروج مجدداً، والاستمرار في التظاهر والمطالبة بعدم التصالح، عبر الطابور الخامس من التركمان والعرب المستتركين الذين تم تعويمهم وتسليمهم القيادة أثناء فترة التصالح بدعم مباشر من الاستخبارات التركية. وسيتم إعادة دعمهم بالسلاح والعتاد ليدخلوا في حربٍ جديدة مع الحكومة السورية بعد القضاء على الفصائل المعارضة لمشروعها؛ ليخرج أردوغان مبرراً موقفهم بأنهم لا يريدون التصالح مع الحكومة السورية، التي انهكتها أزمتها المستمرة منذ أكثر من عقدٍ من الزمن، ومن ثم حرب لبنان وما تعرضت له من قصف من قبل إسرائيل، ويُحَضِّرَ لإجراء استفتاء على انفصال مناطقهم من الجمهورية السورية، ويضمهم إلى تركيا كما فعل بلواء اسكندرون من قبل، ويخلق بؤرة من الإرهابيين في الشمال السوري يحركهم كما ومتى يشاء في وجه الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا؛ التي تقف في وجه مخططاته في احتلال الشمال السوري ومن ضمنها حلب عاصمة الاقتصاد السوري، ويكون بذلك قد حقق ما يصبوا إليه في إعادة إحياء الاتفاق المللي في سوريا.

وهنا على الشرفاء والوطنيين من الثوار السوريين أن يُدْرِكوا ما يخطط له اردوغان من مؤامرات، وأن يستفيقوا ويستعيدوا وعيهم، ويعيدوا هيكلة معارضة سورية وطنية بالتحالف مع كل القوات السورية الوطنية التي تجد مشروع أردوغان يهدد السلم الأهلي السوري قبل فوات الأوان، وأن يعملوا على عقد لقاء مع تلك القوى على طاولة مستديرة يكون هدفها الأول إيقاف الزحف التركي، وتحرير كافة المناطق التي احتلتها، ومن ثم المطالبة بتطبيق القرار الدولي 2254 الصادر في كانون الأول من العام ألفين وخمسة عشر، والذي يضمن وقف إطلاق النار، وتسوية سياسية، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة بإشراف أممي، ومن بعدها الاتفاق على وضع دستور سوري يضمن حقوق كافة المكونات السورية في إطار سورية موحدة ذات سيادة.

رياض يوسف/آداربرس

ADARPRESS#

ـــــــــــــــــــــــــــــــ

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى