معهد منتدى الشرق الأوسط الأمريكي يدعو لفرض حظر جوي لحماية الكورد في سوريا
بعد تعرض إقليم شمال وشرق سوريا، وخاصة المناطق الحدودية الشمالية لشتى أنواع القصف والاستهداف من قبل دولة الاحتلال التركي واستمرارها إلى الآن، وعدم رضوخ أردوغان للقوانين والأعراف الدولية المتعلقة بعدم التدخل في سيادة باقي الدول، دعا معهد “منتدى الشرق الأوسط” الأميركي، الولايات المتحدة إلى المسارعة بفرض حظر جوي لحماية الكورد في ڕۆجاڤا، أسوة بما جرى خلال تسعينيات القرن الماضي عندما جرى فرض مثل هذا الإجراء لحماية الكورد في إقليم جنوب كوردستان والشيعة في الجنوب.
وذكر التقرير الأمريكي، الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، إن الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الأب، كان يشبه العديد من الرؤساء الأميركيين في السنوات الأخيرة، من خلال إطلاق الوعود والخطابات من دون التفكير كثيراً في تأثير كلماته هذه، مشيراً إلى أن ذلك ينطبق على دعوة بوش الأب، في 15 شباط/ فبراير 1991، الشعب العراقي، بعد تحرير الكويت، إلى “أخذ الأمور بأيديهم، وإجبار صدام حسين الدكتاتور على التنحي”.
ولفت التقرير إلى أن الكورد والشيعة أنصتوا إلى نداء بوش هذا، وفي 4 آذار/ مارس 1991، انتفض الكورد ضد طغيان صدام، ثم في غضون 15 يوماً، سيطرت قوات الپيشمركة على المدن والبلدات الرئيسية في إقليم جنوب كوردستان.
وتابع التقرير أنه بينما شجع بوش العراقيين على المطالبة بحريتهم، فإنه كان يسعى أيضاً إلى التعجيل بخروج الولايات المتحدة من العراق، في حين كان البعض داخل وزارة خارجيته يحاولون الاسراع بعودة الأمور إلى طبيعتها، ولهذا فإن القوات الأميركية أطلقت سراح أسرى الحرب من جنود الحرس الجمهوري، وهو ما كان مناسبا بالنسبة لصدام حسين لكي يحشد قوته بهدف قمع الثورات الكوردية والشيعية، حيث بدأت الطوافات العسكرية بمهاجمة القرى الكوردية، فيما كان الكورد يحتفظون في ذاكرتهم، الأسلحة الكيمياوية التي استخدمها صدام سابقاً، ولهذا بدأوا بالنزوح عبر ممرات الجبال المغطاة بالثلوج لعبور الحدود إلى تركيا.
وأشار التقرير إلى أن آخر ما كانت تريده الحكومة التركية هو المزيد من الكورد داخل تركيا، لذا اقترح الرئيس التركي وقتها طورغوت أوزال، فكرة إنشاء “ملاذ آمن” في جنوب كوردستان، في حين قام مجلس الأمن الدولي بتمرير القرارين رقم 678 و688، ما أمن الأساس القانوني لهذه الفكرة.
وتابع التقرير ان الرئيس أوزال سمح للمقاتلات الجوية الأميركية والبريطانية والفرنسية باستخدام القواعد الجوية التركية للقيام بدوريات فرض “منطقة حظر الطيران” في المجال الجوي العراقي فوق خط العرض 36، بالإضافة إلى مساحة آمنة وفرتها القوات الأميركية حول مدينة زاخو الكوردستانية، والتي وصلت مساحتها إلى ما يعادل تقريباً مساحة ولاية نيوهامبشاير الأميركية.
وذكر التقرير أن “التاريخ يتناغم، حتى وأن لم يتكرر”، موضحاً أن الرئيس الحالي جو بايدن، مثل بوش الأب، قد يقوم أيضاً بتشجيع انتفاضات لم يكن يعتزم أن يدعمها، بينما تبدو وزارة الخارجية مستعدة للإسراع بالمصالحة، مضيفا أن قرار إدارة بايدن بشطب المكافأة عن أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني) يجعل من هذا الرجُل وكأنه طبيعي على الرغم من أنه هو والحكومة الحالية في تركيا يعلنون عن الهدف المتمثل في القضاء على الإدارة الذاتية في روجافا.
وتابع التقرير أن عرض هيئة تحرير الشام بتولي مهام الحراسة في معسكر سجن الهول، حيث يوجد الآلاف من مقاتلي تنظيم داعش وأسرهم تحت الحراسة، يمثل أمراً مثيرا للسخرية، وهو يشبه السماح لمشعل الحرائق بحراسة مستودع البنزين ومصنع عود الثقاب، مضيفاً أن الوضع قد يكون أسوأ من ذلك، إذ يوجد احتمال بانتشار الآلاف من مقاتلي داعش ليس فقط في كافة أنحاء سوريا والشرق الاوسط، وإنما أيضاً في أوروپا، في ظل محاولات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إلى ابتزاز الزعماء الأوروپيين وحلف “الناتو” مقابل تعهدات بعدم فتح باب الهجرة غير الشرعية.
واعتبر التقرير أن “أردوغان ليس مثل أوزال، حيث إنه يرى أن الغرب ضعيف، وبينما حاول أوزال قبول الكورد والإسلاميين في تركيا، فإن أردوغان ينظر إلى العالَم باعتباره لعبة محصلتها صفر، وأنه أمام مهمة موكولة إليه من الله وتتمثل بالقضاء على الشعب الكوردي بشكل تام مثلما فعل العثمانيون من قبله، والذي يقتدي بهم، بحق الأرمن”.
وأضاف التقرير أنه على النقيض من العام 1991، فإنه ليس لدى كورد ڕۆجافا أي مكان يذهبون إليه، ففي تركيا كأنهم يحفرون قبورهم بأيديهم، وإقليم جنوب كوردستان ليس خياراً أيضاً، مشيراً إلى أن أي تحرك تركي نحو ڕۆجافا، من شأنه أن يلطخ إرث بايدن ويضمن الفشل في تحقيق أهداف إدارة ترامب في توسيع “اتفاقيات إبراهيم”، وإنهاء الإرهاب، وحماية أمن إسرائيل.
ورأى التقرير أن “الوقت قد حان من أجل الاستعارة من كتاب أوزال، وإنشاء منطقة حظر جوي وملاذ آمن يمتد من عفرين إلى سيمالكا ومن القامشلي إلى دير الزور”، مضيفا أن تركيا لن تتعاون، وأردوغان لن يستسلم، إلا أن واشنطن ليست بحاجة إلى القواعد الجوية التركية، ولا اذن أردوغان.
وأشار في الوقت نفسه، إلى أن الوكلاء السوريين لأردوغان سيرحبون بفكرة ألا يتم دفعهم إلى الانخراط في صراع مدمر مع الكورد فيما لم تتقبل الجماعات الأخرى في جنوب سوريا سيطرة هيئة تحرير الشام حتى الآن.
وتابع التقرير قائلاً: “إن الجيش الأميركي بمقدوره توفير الملاذ الآمن عن طريق البر من الأردن، لأن معظم المنطقة الصحراوية الواقعة بين البلدين محدودة السكان ومن السهل تأمينها، بينما سيكون من مصلحة الأردن منع قيام نظام إسلامي، معاد للحكم الهاشمي ومؤيد لحماس مثل هيئة تحرير الشام، من التقدم إلى حدود الأردن.
وأضاف أن بإمكان إسرائيل أن تبرهن على صدق خطابها بالسماح باستخدام قواعدها الجوية وربما حتى طياريها، في حين أن بمقدور المملكة السعودية، التي أقامت علاقات هادئة مع الكورد في ڕۆجافا، بسبب مخاوف المملكة من توسعية أردوغان وعدوانه الأيديولوجي، المشاركة من خلال قواعدها الجوية، مشيراً إلى أن بإمكان القوى الأوروپية أن تفعل ذلك أيضاً.
وختم التقرير الأميركي بالقول إنه “يجب ألا يكون هناك أي تأخير”، مضيفا أنه سواءً كان مساعد مجلس الأمن القومي في عهد بايدن بريت ماكغورك، أو مساعدة وزير الخارجية باربرا ليف، أو على الأرجح أعضاء فريق ترامب جويل رايبورن أو مورغان اورتاغوس، فإن الوقت قد حان لإقامة منطقة حظر جوي وإبلاغ تركيا “كفى” لحركتها التوسعية والتطهير ودعمها لمتطرفين إسلاميين.