الانسحاب الأميركي من أفغانستان.. تداعيات تذكر بالمآسي السابقة
دخلت أفغانستان مرحلة جديدة حيث باتت حركة طالبان تفرض سيطرتها على البلاد بعد أن انسحبت القوات الأميركية. ما يطرح أسئلة هو مستقبل البلاد وجوارها بالإضافة إلى استعادة سيناريو الانسحابات الأميركية من المنطقة؟
“دعوني أسأل أولئك الذين يريدوننا أن نبقى في أفغانستان: هل أنتم مستعدون لتعريض آلاف إضافية من بناتنا وأبنائنا الأميركيين للخطر؟”.
بهذا السؤال توجه الرئيس الأميركي، جو بايدن، عند وصوله إلى البيت الأبيض، للذين يريدون استمرار الوجود العسكري الأميركي في أفغانستان.
وبدأ مسلحو حركة طالبان الأحد دخول العاصمة الأفغانية كابول بعد سيطرتهم على جميع المدن الرئيسية في أفغانستان، ليتمكنوا فيما بعد من الدخول إلى القصر الرئاسي.
جاء ذلك بعد أن أخفقت محادثات بين طالبان والحكومة الأفغانية في التوصل إلى تفاهم سياسي من شأنه أن يفضي إلى اتفاق سلام تدعمه الولايات المتحدة وحلفاؤها. وبعد أن أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن في الرابع عشر من أبريل أن انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان سيبدأ أول مايو وينتهي في الحادي عشر من سبتمبر لينهي بذلك أطول حرب أميركية. ويمثل هذا تمديدا لموعد نهائي سابق للانسحاب في أول مايو تم الاتفاق عليه بين الولايات المتحدة وطالبان.
ومنذ الثاني من يوليو الماضي، بدأت القوات الأميركية الانسحاب بهدوء من قاعدتها العسكرية الرئيسية في أفغانستان، وهي قاعدة باجرام التي تبعد ساعة بالسيارة عن كابول، لتنهي الولايات المتحدة بذلك فعليا تدخلها في الحرب
وفي الحادي والعشرين من يوليو قال جنرال أميركي رفيع إن مسلحي طالبان باتوا يسيطرون على نحو نصف مقاطعات أفغانستان مما يظهر مدى تقدمهم وسرعته.
الأحد، أعلن مسؤولون بوزارة الداخلية الأفغانية أن مسلحي طالبان دخلوا كابول، في حين تقوم الولايات المتحدة بإجلاء الدبلوماسيين من سفارتها بطائرة هليكوبتر.
وحسب إحصائية للأمم المتحدة صادرة في السادس والعشرين من يوليو، قتل نحو 2400 مدني أفغاني أو أصيبوا في مايو ويونيو مع تصاعد القتال، وهو أعلى عدد من القتلى والمصابين خلال شهرين منذ بدء تسجيل أعداد الضحايا عام 2009.
فشل أميركي رغم الأموال الهائلة
وراهن الرئيس الأميركي جو بايدن على تمكن بلاده من تدريب أكثر من 300 ألف جندي أفغاني لحفظ الأمن والاستقرار في بلدهم بعد الانسحاب من أفغانستان، لكن ما جرى رسم صورة سوداوية ومأساوية بعد تبخر تلك القوات أمام التقدم السريع والهائل لحركة طالبان.
وعلى الرغم من رصد الولايات المتحدة نحو 89 مليار دولار لتدريب الجيش الأفغاني لم تكن طالبان في حاجة سوى لأكثر من شهر لدحره والسيطرة على جميع المدن الكبرى في البلاد خلال الأيام القليلة الماضية.
ويقول مسؤولون أميركيون إن حكام الأقاليم في بعض الحالات طلبوا من قوات الأمن الاستسلام أو الفرار، ربما لتجنب سفك الدماء أو لأنهم متأكدون من استحالة الصمود وتجنب الهزيمة.
وأبدى ضباط أميركيون طوال السنوات الماضية تخوفا من أن يقوض تفشي الفساد، الذي توجد وثائق قوية تثبت حدوثه في دوائر من القيادتين العسكرية والسياسية، عزم الجنود الذين يحصلون على رواتب ضئيلة ووجبات طعام غير كافية وإمدادات عشوائية. وظل بعضهم شهورا أو حتى سنوات متصلة في مواقع معزولة يمكن أن تختطفهم فيها طالبان.
تداعيات الانسحاب الأميركي.. تهديد للجوار ودافع للمتشددين
ويبدو بأن أكثر المتضررين من الانسحاب الأميركي وسيطرة طالبان هما الصين بالدرجة الأولى وروسيا.
ويعد سقوط شمال أفغانستان بِيَد طالبان كابوساً للصين، خصوصاً أن التقارير تفيد بأن الحزب الإسلامي التركستاني بقيادة حجي فرقان لعب دوراً رئيسياً في ولاية بَدَخشان الأفغانية (المجاورة للصين).
والأخطر من ذلك كله، أن نجاح حركة راديكالية متشددة سيجشع أمثالهم في العالم ويرفع من معنوياتهم، حيث تحدثت تقارير عن احتفالات عمت مناطق هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا والمرتبطة بتنظيم القاعدة) في إدلب فرحا بسيطرة طالبان.
ومن المتوقع أن تؤجج سيطرة حركة طالبان المشاعر الدينية المحافظة والمتطرفة في باكستان التي تنظر إلى عناصر طالبان كأبطال يعزز نجاحهم فرص الحكم الديني المتشدد في ثاني أكبر دولة من حيث عدد السكان المسلمين في العالم.
وقال مسؤول باكستاني كبير “سوف يتشجع جهاديونا؛ سيقولون: إذا كان من الممكن هزْمُ أميركا فمن هو الجيش الباكستاني ليقف في طريقنا؟”
انسحابات أميركية تأثر على العالم
ومثلما حمل الانسحاب الأميركي غير محسوب العواقب في فيتنام عام 1975 مضاعفات سلبية كثيرة على العالم سيحمل الانسحاب من أفغانستان مضاعفات أكثر، ولا ننسى نتائج الانسحاب الأميركي من العراق والذي تسبب بتشكل قوى طائفية في العراق ومنها تمددت إلى المنطقة بشكل عام بالإضافة لتسليم البلاد إلى القوات الإيرانية ما قابله ظهور داعش، بالإضافة إلى الانسحاب الجزئي من سوريا والذي أدى لارتكاب جماعات إرهابية انتهاكات بحق المدنيين في مدن عفرين وسري كانية وكري سبي.
خاص آدار برس