في حوار خاص مع وكالة أنباء هاوار؛ قيّم القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية، الجنرال “مظلوم عبدي” ما تشهده سوريا من مستجدات ومتغيرات متسارعة على الصعيد العسكري والأمني والسياسي منذ سقوط النظام البعثي في سوريا، وكذلك الهجمات المتواصلة التي تشنها دولة الاحتلال التركي ومرتزقتها، وآخر تطورات الحوار مع إدارة هيئة تحرير الشام، والحوار بين الأحزاب السياسية الكردية.
وفيما يلي نص الحوار كاملاً:
1-مضى شهر ونصف على سقوط النظام السوري السابق، وخلال هذه الفترة شهدت سوريا تطورات عسكرية ودبلوماسية كبيرة. كيف تقيّمون هذه المرحلة وما هو الواقع الحالي في سوريا من وجهة نظركم؟
في الحقيقة، مرّ أكثر من شهر ونصف على سقوط النظام البعثي والتغيير التاريخي في سوريا. الشعب السوري على اختلاف مكوناته مسرور وسعيد بهذا التغيير في العموم، وفي مقدمته المكونات المتعايشة في إقليم شمال وشرق سوريا ومن بينها الكرد، لأنه مع بدء الثورة السورية عام 2011، كان أهالي المنطقة من الأوائل المشاركين في الحراك والاعتصامات ضد النظام، لذلك فهم قبل كل الأطراف سعداء بسقوط نظام الأسد.
اليوم وبشكل تدريجي تتكشف وتتجلى الصورة بشكل أكبر، لكن إلى الآن لم يتخذ الوضع منحى واضحاً بالنسبة للجميع في سوريا. سوريا دخلت مرحلة جديدة ولن يكون فيها رجعة ولن تعود البلاد إلى المراحل السابقة. جميع الأطراف بدءاً من الشعب السوري مروراً بالدول الإقليمية وصولاً إلى القوى الدولية لم تعد ترغب بأن تشهد البلاد حرباً أهلية أو أي اضطرابات وتوترات مجدداً. جميع الأطراف تسعى للاستفادة من هذا التغيير الحالي واستغلال الفرصة لبناء سوريا جديدة.
في البداية، كانت القوى الدولية متخوفة من المرحلة والتغيير ومن وصل إلى دمشق، ولكن صورة ومواقف تلك الأطراف باتت تتجلى بشكل أكبر وتتضح. الآن تلك الأطراف تريد الاستمرار مع الإدارة الجديدة في دمشق، لكن في الوقت نفسه تريد أن تدفع بتلك الإدارة إلى تغيير بعض ما فيها.
نحن في قوات سوريا الديمقراطية وأيضاً ممثلي مكونات شمال وشرق سوريا، نريد أن يكون التغيير الحاصل أرضية لمرحلة جديدة في سوريا.
المرحلة الجديدة في سوريا تقابلها تحديات كبيرة تولّد المخاوف لدى عموم الشعب السوري، أهمها أن هناك فراغاً أمنياً كبيراً وواضحاً قائماً. نسمع عن انتهاكات من قبل أطراف تريد زعزعة أمن المناطق السورية. الوضع الاقتصادي لا يزال متدهوراً ولا يزال يتدهور بشكل أكبر. سوريا لا تزال تشهد عقوبات. العقوبات الاقتصادية لم تُرفع عن البلاد بعد، والقوى الدولية لم تتوصل إلى قناعة تامة لرفع تلك العقوبات، لأنه إلى الآن لم تصل البلاد إلى شكل الإدارة الجديدة المطلوبة بالنسبة للسوريين، ولم تتوصل تلك الأطراف المسؤولة لموقف ثابت بعد، إلى جانب ذلك هناك أيضاً ما يشكل تحدياً ومخاوف مثل كيفية تقرب الإدارة الجديدة من الناحية السياسية لمستقبل البلاد، وفي مقدمة كل ذلك استمرار الهجمات الخارجية على الأراضي السورية.
كل تلك الأمور نعتبرها تحديات تواجه الشعب السوري، وتعرقل عودة البلاد، ولكن في العموم، يمكننا القول بأننا نمر بمرحلة تاريخية وجديدة، ويتوجب من الجميع سواء المجتمع السوري أو القوى الدولية والإقليمية التعاون والعمل سوياً لبناء سوريا مبنية على تقبل الآخر.
خلال نحو 14 عاماً من عمر الثورة السورية، نتج على أرض الواقع ثلاث إدارات، إحداها انهارت وهي إدارة نظام البعث السابق وحل اليوم محلها هيئة تحرير الشام، وأيضاً هناك إدارتان قائمتان وهي ما تعرف بشرق الفرات وغرب الفرات. غرب الفرات تلك المناطق التي تُدار من قبل الحكومة المؤقتة غير المرغوب بشكلها ونظامها، وهي مؤقتة وفق مسماها بناء على التجارب السابقة وواقعها، وإدارتنا الراهنة (الإدارة الذاتية)، ففي مناطقنا هناك نتاج لتجاربنا سواء على الصعيد المؤسساتي أو السياسي والعسكري، لدينا إدارة تعمل لتمكين مبادئ الديمقراطية، وبكل تأكيد نود أن نكون ذوي دور فعال وكبير في سوريا الجديدة.
2-في ظل الدعوات إلى الحوار كطريق لتحقيق سلام مستدام في سوريا والتوجه لبناء سوريا، تتعرض مناطق شمال وشرق سوريا لهجمات مكثفة من قبل دولة الاحتلال التركي ومرتزقتها، خاصة في سد تشرين وقرقوزاق. ما هي أهداف هذه الهجمات، وما أبرز التطورات الميدانية المتعلقة بها؟
هذا تناقض كبير وواضح وظاهر للعيان، فغالبية سوريا تشهد مرحلة توقف الحرب، قد يكون هناك بعض الاشتباكات البسيطة، لكن هناك استقرار نسبي، وليس هناك حرب أو معارك قائمة، فقط هناك هجمات على مناطق شمال وشرق سوريا، مثلما ذكرتم هناك هجمات على مناطقنا كما في قرقوزاق وسد تشرين، وكذلك مناطقنا الأخرى لا تزال تتعرض بشكل يومي للقصف من قبل الطائرات والمدفعية التركية، وهذا تناقض كبير من تركيا ولا يتماشى مع صورة سوريا التي يتم حالياً الحديث عنها؛ مفادها سوريا دخلت مرحلة حل الأزمة.
ففي هكذا وقت، المجموعات المرتبطة بتركيا والتي تدعى أو تسمى “الجيش الوطني” والمدعومة من قبل الطيران والمدفعية التركية، مستمرة بمهاجمة مناطقنا.
مع سقوط نظام الأسد، ولأجل إيقاف هذه الهجمات والحرب، ولكي ينعم شعبنا كما باقي الشعب السوري بحالة من الاستقرار وتوقف الحرب، طرحنا العديد من المبادرات والمقترحات. كما تعلمون مثال على ذلك ما طرحناه من أجل إيقاف الهجوم على كوباني، وما زلنا نقترح، والآن لإيقاف هذه الهجمات على سد تشرين وجسر قرقوزاق، هناك اقتراحات نبديها ويجري العمل على ذلك عبر الوسطاء وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية، وهناك أطراف أخرى أيضاً تعمل على ذلك، ولدينا مساعٍ، ونتقرب بكل إيجابية من أي مقترح يرد إلينا لإيقاف هذه الهجمات.
ولكن الجهة المقابلة هي من تصر وتستمر في الهجمات، نحن ما زلنا نعمل من أجل وقف إطلاق نار عام ومستدام ودفع المنطقة كسائر سوريا للاستقرار وإيلاء الأهمية للمرحلة السياسية المقبلة. لم نتلق من تلك الأطراف حتى الآن أي مبادرة إيجابية، ولم تتوصل تلك الأطراف إلى الآن إلى أي قرار بهذا الخصوص، لذلك لا تزال تلك الهجمات مستمرة، ومن هنا نرى بأن مسؤوليات الإدارة الجديدة في سوريا، تتمثل في إبداء موقف واضح من هذه الهجمات والدفع نحو إيقافها، على اعتبارها إدارة جديدة وترى في نفسها مسؤولة عن عموم سوريا وتتواصل معنا للدخول في حوار والعمل معاً لبناء سوريا المستقبل.
أريد التأكيد أن هذه الهجمات تناقض وتعيق المساعي الداخلية والدولية لحل الأزمة السورية، لذا يتوجب على الإدارة في سوريا، والأطراف التي تسعى لإيجاد حل للأزمة السورية، ولكي تتطور العملية السياسية والبناء في سوريا والتوجه نحو التغيير، العمل قبل كل شيء على إيقاف الهجمات على إقليم شمال وشرق سوريا، لأنه من دون ذلك لا يمكننا كشعوب إقليم شمال وشرق سوريا العمل بفعالية في المرحلة السياسية المقبلة لسوريا، لذلك دعمنا وعملنا لأجل سوريا مرهون ومشترط بتوقف الهجمات على مناطقنا.
3-ما آخر التطورات الميدانية في جبهات قتال قرقوزاق وسد تشرين، ولمَ كل هذا الإصرار من قبل تركيا ومرتزقتها، في الهجوم والتصعيد في تلك الجبهتين بالتحديد، رغم كل تلك الاقتراحات؟
سد تشرين ومنطقة قرقوزاق هي مناطق واقعة جغرافياً بين منبج وكوباني، ومن أجل ألا تستمر الهجمات والحرب، ولكي تتوقف الحرب تماماً توصلنا مع الطرف الآخر لاتفاق ينص على خروج قواتنا من منبج، لكن ما شهدناه هو مساعي اجتياز للحدود المتفق عليها، والعبور إلى شرق الفرات والاستمرار في الهجمات.
الحدود التي كان متفقاً أن تتوقف الهجمات عندها، هي الحدود الجغرافية الطبيعية. خرجنا من منبج على أساس اتفاق يضمن توقف الحرب عند حدود سرير نهر الفرات من جهة غرب الفرات، وكنا منفتحين لوصول الجيش التركي لموقع قبر سليمان شاه، ومن الجهة الأخرى كان الاتفاق حتى ريف منبج لكنه امتد إلى منطقة سد تشرين، سد تشرين لم يكن ضمن المناطق التي سيصل إليها “الجيش الوطني”.
ولكن شهدنا أنهم حاولوا الوصول إلى شرق الفرات والسيطرة على المنطقة رامين عبر العبور سواء من جسر قرقوزاق أو من سد تشرين لمحاصرة كوباني، إلا أن مقاومة أبناء المنطقة أفشلت ذلك وأعادتهم إلى غرب الفرات بعد عبور بعض مجموعاتهم إلى شرق الفرات من جهة جسر قرقوزاق، ولا يزالون يحاولون من تلك الجبهة الوصول إلى شرق الفرات. إن كان الهدف إعادة قبر سليمان شاه لموقعه فنحن منفتحون، ولكن إن كان تمهيداً لحرب جديدة على المنطقة بكل تأكيد لن نسمح بذلك وما زلنا نتصدى لتلك المحاولات.
أما من جهة سد تشرين فقد حاولوا التوجه والسيطرة على سد تشرين والعبور إلى شرق الفرات وإلى منطقة صرين لاستكمال محاصرة كوباني، ولا تزال المعارك مستمرة وهجماتهم مستمرة، ولأن مخططهم مكشوف بالنسبة لنا، تصدينا لتلك الهجمات، وتصدينا لها في منطقة سد تشرين هو في إطار حماية كوباني من ذلك المخطط.
قرارنا يتلخص بعدم السماح بتنفيذ ذلك المخطط والدخول بالقوة إلى مناطقنا، ونعلم إلى حين التوصل لوقف إطلاق نار عام وشامل مع تركيا والمجموعات المسلحة المرتبطة بها، أن مخطط احتلال مناطق أخرى من المنطقة سيستمر، ولذلك مقاومتنا وتصدينا كذلك سيستمر، وقرار قواتنا واضح ونؤكد عليه مرة أخرى وهو عدم السماح بعبور السد والوصول إلى شرق الفرات مهما كلف الأمر.
4-هل من مفاجآت على صعيد التطور العسكري ستظهر للعلن في المراحل المقبلة من التصدي لهجمات الاحتلال التركي ومرتزقته، كما شهدنا ظهور وحدات جوية ضمن قواتكم مؤخراً؟
ذكرت في لقاءات سابقة، أن قوات سوريا الديمقراطية ليست كما كانت عليه سابقاً، منذ نحو 4 سنوات مضت تعمل قواتنا على تطوير قدراتها العسكرية واللجوء للعديد من التكتيكات العسكرية جميعها في سياق الدفاع لأننا قوة تشكلت للدفاع عن النفس وليس للمهاجمة، من بينها أساليب الحماية وحرب الأنفاق والخنادق، وأيضاً على صعيد الحماية من القصف الجوي. هناك تدابير كبيرة وكثيرة تم العمل عليها في عموم مناطقنا. في سياق تلك التدابير يجب أن يعلم الجميع أن أي هجوم على مناطقنا لن يكون رحلة أو نزهة، وفي المرحلة الراهنة أثبتنا ذلك عبر طرق حماية قواتنا من القصف الجوي التركي.
وأيضاً على الصعيد التقني لدينا تدابير أثبتت نجاحها وتحد وتفشل الهجمات التي تُشن ضد مناطقنا سواء تلك البرية كما نشهدها اليوم في منطقة سد تشرين، أو الجوية ومن بينها ما أثبتناه من إسقاط العديد من المسيّرات التركية، ولدينا العديد من الأساليب الجديدة الأخرى، والتي يجري العمل عليها بشكل أكبر لإفشال الهجمات الجوية والبرية على مناطقنا، وما خرج للآن هو قسم من تلك التدابير لحماية مناطقنا ليس إلا، وهي منتوجات محلية وبأسماء محلية ستُعرف لاحقاً.
5-بعد إعلان النفير العام والتعبئة من قبل قوات سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية، استجاب الأهالي بشكل واسع. ما هي رسالتكم لهم في ظل هذه المرحلة الحرجة؟
دخلنا مرحلة تاريخية كما ذكرت، والنفير العام كان لا بد منه، تماشياً مع هذه المرحلة، لأن المنطقة في مرحلة ترسيخ وضمان المكتسبات المتحققة. جميع الشعوب في مثل هذه المراحل تلجأ إلى هذا الأمر وهو ضروري، هناك جانب لهذا النفير العام وهو المتعلق بعموم شعب شمال وشرق سوريا، وتلبية هذا النفير العام نشهدها اليوم لدى عموم الشعب. الجميع مستنفر لحماية مناطقه بطرق وأساليب مختلفة. نشهد حماية الأحياء والقرى والبلدات بشكل تطوعي وبما يضمن الأمن والاستقرار إلى جانب قواتهم الأمنية والعسكرية، وهذه جهود نثمنها عالياً، وهذا ما اعتدناه من شعوب المنطقة في هذا النوع من الهجمات والمراحل التي شهدناها على مدار ثورتنا ضمن الأزمة السورية.
الجانب الآخر متعلق بالفئة الشابة ضمن المجتمع وانخراطها في صفوف القوات العسكرية والتصدي للهجمات الخارجية، وزيادة تقوية قوات سوريا الديمقراطية. نعم قواتنا قسد تمتلك قوة كبيرة إلا أنه يتوجب تقويتها لتكون أقوى بشكل أكبر لأننا متجهون نحو مستقبل أكبر من تحقيق المكتسبات، والمرحلة تحتاج للانخراط بشكل أكبر في صفوف هذه القوات، سواء كان مرحلياً أو على المدى البعيد من حيث التطوع والانخراط.
يترتب على عاتق الشبيبة في هذه المرحلة تقوية قوات سوريا الديمقراطية، لأن تقوية هذه القوات ستؤدي إلى تقوية موقف قوات سوريا الديمقراطية في المراحل المقبلة سواء عند التحاور مع إدارة هيئة تحرير الشام في دمشق أو في التصدي للهجمات الخارجية على المنطقة، لذا على الكل تأدية واجبه الوطني.
6-منذ أواخر تشرين الثاني، تصدت قوات سوريا الديمقراطية وأهالي الإقليم لهجمات الاحتلال التركي ومرتزقته، بدءاً من عفرين والشهباء إلى كوباني وسد تشرين. كيف تقيّمون المقاومة التي أبداها المقاتلون والأهالي، وما تأثيرها على الرأي العام السوري والدولي؟
قرار المقاومة والتصدي، ليس قرار مقاتلينا فحسب أو قرار قيادة عسكرية بعينها، بقدر ما هو قرار شعبي يؤمن به أهلنا وشعبنا في شمال وشرق سوريا، لأنه متيقن وعلى علم بالمخططات التركية والمرتبطين بها، وهذا يتبين فيما نشهده بتوجه شعبنا إلى سد تشرين والاحتجاج هناك.
بهذه المناسبة نثمن ونقيّم في قيادة قواتنا العسكرية، عالياً هذا الدعم المعنوي، واحتجاج شعبنا ضد هذه الهجمات، ونعتبر ذلك مقاومة تاريخية، وتعد تعبيراً عن مدى ارتباطه بقواته وبمكتسباته المتحققة، ونحيي مقاومتهم المستمرة. شعبنا لا يرغب سوى بتوقف الهجمات على مناطقه ومنشآته وقواته، وأن يعيش في أمن واستقرار ضمن سوريا المقبلة بعد سقوط الأسد.
7-ما هو تقييمكم للموقف الدولي من الهجمات التركية الأخيرة؟ وما هي رسالتكم للأمم المتحدة والمجتمع الدولي بخصوص الهجمات التركية والوضع في شمال وشرق سوريا؟
منذ البداية هناك محاولات ومساعٍ لإيقاف هذه الهجمات، وفي مقدمتها التحالف الدولي وأمريكا، ولهذه المقاومة الشعبية من أهالي المنطقة على اختلاف مكوناتها، التأثير الأكبر الذي يدفع تلك الأطراف لهذه المواقف، وتلك المساعي لا تزال مستمرة، ومثال على ذلك ما شهدناه حيال كوباني، وما نشهده اليوم ببقاء المنطقة في نوع من الاستقرار وفي باقي مناطق الإقليم، هي نتاج الدعم المستمر من قبل هذه الأطراف لقواتنا وشعوب المنطقة. المقاومة الشعبية ومقاومة مقاتلي قسد في منطقة قرقوزاق، وكذلك المستمرة في سد تشرين ساهمت في دفع جميع الأطراف لزيادة دعم قواتنا وزادت من مساعي الأطراف الدولية للتوسط من أجل وقف إطلاق نار دائم، لذلك كما كان هناك تحرك من أجل كوباني، هناك مساعٍ لوقف إطلاق نار في منطقة سد تشرين، المساعي حدت من عدم توسع هذه الهجمات لكنها لم تسفر إلى الآن عن نتائج لإيقاف الهجمات في منطقة سد تشرين وقرقوزاق.
لذلك نرى بأنه يتوجب علينا الاستمرار في مقاومتنا التاريخية، وعلى الأطراف المهاجمة أن تكون على يقين بأنها لن تتمكن من الدخول إلى السد واجتيازه بالقوة وبهذه السهولة، قرارنا واضح وهو عدم السماح بالاحتلال والتصدي له، وقواتنا أثبتت على الدوام أنها قادرة على تنفيذ عهودها وقراراتها التي تقطعها على نفسها.
مقاومتنا العسكرية من جهة، ومساعينا على الصعيد الدبلوماسي من جهة أخرى ستستمر، ونرى بأنه بهذا الشكل سنضمن انتهاء المرحلة بالنصر.
تصدي مقاتلينا، ومقاومة شعبنا في منطقة سد تشرين ستوجهنا إلى مرحلة جديدة تبدأ بوقف إطلاق نار شامل، والدخول في مرحلة ما بعد الحرب والحوار والبناء، لذا يتوجب على جميع الأطراف وفي مقدمتها القوى الدولية والتحالف الدولي أن تعي
مطالب شعبنا وأن تقف عندها وأن تضغط على جميع الأطراف وفي مقدمتها تركيا لإيقاف هذه الهجمات، وأنا على ثقة بأن توقف هذه الهجمات سيتحول إلى بداية الحوار السياسي في سوريا.
8-هناك مزاعم متكررة تتحدث عن توتر واشتباكات بين قوات سوريا الديمقراطية وهيئة تحرير الشام. مَن الأطراف التي تدفع لذلك؟ ومَن المستفيد من تأجيج صراع بين الطرفين؟ وما تأثير ذلك على الشعب السوري ومستقبله؟
إلى الآن لم تظهر أي اشتباكات بيننا، عندما بدأت عملية “ردع العدوان”، اتصلوا بي، وأوضحوا بأن هدفهم هو النظام السوري، وبأنهم لا يستهدفون مناطق قوات سوريا الديمقراطية، ولا يسعون إلى أن تظهر اشتباكات أو تصادم بيننا وبينهم، وإلى اليوم وبمساعدة وسطاء، هناك تنسيق بيننا من الناحية العسكرية في الرقة ودير الزور وحتى في مدينة حلب. الكثير من الجهات تنشر هذه الادعاءات بهدف زعزعة أمن واستقرار المنطقة ودفع الطرفين للاشتباك لاستغلاله لأجندات أخرى، ولكننا في قوات سوريا الديمقراطية وكذلك الطرف الآخر هيئة تحرير الشام على علم بتلك المخططات ومن يقف خلفها لهذا لن نقول إلا أن مخططاتهم ستفشل.
9-هل تقصدون القول بأن هناك جهة ثالثة تحاول جركم إلى اقتتال مع هيئة تحرير الشام؟ وإذا حدث ذلك ما تداعياته وأي تلك الأطراف ستستفيد من ذلك؟
بالطبع هناك جهة ثالثة، هناك جهات محلية، وبعض الدول تحاول جاهدة وبشتى السبل إحداث اقتتال فيما بيننا، كما أن هناك شخصيات سورية، بالإضافة إلى بعض المجموعات التي تبث الفتن، وهذا يجري بشكل علني وليس في الخفاء. في بعض الأحيان نراهم يخرجون في ساحة الأمويين بدمشق ويتحدثون بأن هناك اشتباكات واقتتال، ويدعون لذلك، ولكن في العموم كافة الأطراف ومن ضمنها قوات سوريا الديمقراطية وهيئة تحرير الشام والقوى الدولية مع أن يكون هناك حوار ومشروع وطني، ولا يجب أن يعود الاقتتال.
بكل تأكيد مع عودة الاقتتال كافة الأطراف ستتضرر منه، وقبل الجميع فإن القوات السورية هي التي ستتلقى الضرر الأكبر، كما ستتضرر مصالح القوى الدولية المتواجدة في المنطقة، أعتقد أن الجميع على دراية بهذا الأمر، ولهذا لا أحد يسعى لأن تُحل الأزمة السورية عبر الصراع المسلح، إعادة الصراع الداخلي السوري مرة أخرى لن يكون في مصلحة أي طرف.
10-هناك حديث مستمر عن مباحثات بينكم وبين إدارة هيئة تحرير الشام. ما هي طبيعة العلاقة بين الطرفين حالياً؟ ما هي أبرز النقاط التي تناقشونها في هذه المباحثات؟ ما الذي توافقتم عليه، وما نقاط الخلاف بين الطرفين؟
أعتقد بأن شعبنا وكافة مكونات شمال وشرق سوريا يسعون لمعرفة طبيعة العلاقة بيننا، إلى أين وصلنا، ماذا نناقش. حالياً المناقشات مستمرة، بداية نحن ذهبنا إلى دمشق لمعرفة آرائهم ووجهة نظرهم، وهم أيضاً كانوا يحاولون أن يعرفوا وجهة نظرنا. أجرينا لقاءً مطولاً مع قيادة هيئة تحرير الشام السيد أحمد الشرع، وظهرت هناك نقاط مشتركة بيننا ونحن متفقون عليها، حول مستقبل وطبيعة قوات سوريا الديمقراطية ضمن الجيش السوري في المستقبل، ووحدة الأراضي السورية، ورفض التقسيم، وضرورة تفعيل الحوار والحل السياسي.
الأمور الاستراتيجية الأساسية نحن نفكر في سوريا ككل، نريد سوريا موحدة، كما أنه ليست لدينا نية انفصالية. الكثيرون يروجون بأننا نعمل على بناء جيشين في سوريا وإنشاء دولة ضمن دولة. ليس لدينا نية في هذا الاتجاه الذي يتم الترويج له. هدفنا ومخططنا السياسي واضح. في الخطوط الأساسية ليس هناك أي خلاف بين الطرفين.
ولكن هناك نقاشات ومباحثات مستمرة تدور حول آلية وكيفية ومضمون تطبيق هذه النقاط، وتوقيت ترجمة هذه الأمور. نحن متفقون بأن يكون لسوريا جيش واحد وقسد جزء منه، ولكن بأي طريقة سيتم دمج قسد مع وزارة الدفاع السورية. قسد متواجدة منذ عشرة أعوام وتتألف من كافة مكونات شمال وشرق سوريا، ولديها العديد من المؤسسات العسكرية التابعة لها، وهناك أيضاً يجري التحضير لبناء قوة جديدة وليست قوة موحدة سابقاً وعلينا الانضمام إليها، أن يكون هناك جيش جديد بحاجة إلى وقت وعمل كثير. هناك خلاف على التوقيت بيننا وبينهم حول المدة التي يتوجب فيها تشكيل هذا الجيش، وأيضاً حول كيفية تفعيل المعابر المغلقة ضمن مناطق الإدارة الذاتية، ولهذا اللقاءات ستبقى مستمرة.
حالياً هناك اشتباكات واقتتال في سد تشرين، والسد مؤسسة وطنية وتخص سوريا بشكل عام، ولهذا يتوجب حل هذه المشكلة مع إدارة دمشق، كما قلت سابقاً في الخطوط الأساسية نحن متفقون وليس هناك أي خلاف بيننا، والأهم هناك نية الحوار بين الطرفين ولهذا يجب أن تجري الأمور بشكل متأنٍّ وبصبر تام. هناك بعض الأطراف تحاول العمل على استعجال الأمر، ولكننا نرى بأن أي عمل يجري بشكل مستعجل يمكن أن يكون له نتائج سلبية، نحن نقول بأن الأمور يجب أن تُحل خطوة بخطوة دون التفكير بالوقت لكي تكون ذات أساس متين، وألا تكون مرة أخرى سبباً في ظهور المشاكل مجدداً.
أيضاً، حالياً نعمل على كيفية ضم هذه المنطقة للعملية السياسية، ويتوجب عليهم أيضاً أن يكونوا واضحين في هذا السياق، كيف سننضم إلى الحوار الوطني الذي سيعقد أو للحكومة الانتقالية التي يقولون بأنها ستتشكل في غضون شهرين أو ثلاثة، ما هو مكاننا في هذه الحكومة. يجب أن يتم توضيح هذه النقاط. أيضاً على أي
مبادئ ستُبنى سوريا المستقبل، هل هي ديمقراطية أم لا، وما هو شكل الدولة، فهي تخص كافة السوريين.
بالمحصلة يمكنني القول بأننا متفقون بأن يحل الوضع السوري عبر الحوار، وسد الطريق أمام الجهات التي تحاول بث الفتنة، وهناك تشجيع من قبل الأطراف والقوى الدولية من أجل العمل في سياق الحوار، ومن أجل أن نكون متواجدين في دمشق وهم أيضاً كحكومة دمشق يكون لديهم ممثلون في مناطقنا.
قبل عدة أيام جرى لقاء، شاركنا معهم وجهة نظرنا، وهم أيضاً قدموا بعض المطالب، وبدورنا نحن أرسلنا لهم مطالبنا، وأعتقد بأنه سيتم الرد علينا وعند توضح بعض النقاط، يمكننا أن نعقد اجتماعات على مستوى القيادة العامة بيننا وبينهم، من أجل العمل على تنفيذ بعض الخطوات العملية، ولكن يجب أن يتم النقاش على الخطوات التي سيتم تنفيذها وتوضيحها فيما بيننا.
لدي ثقة بأنه من الآن يمكننا العمل على بعض النقاط ومنها مسألة محاربة الإرهاب وداعش، وهناك مخيم الهول حيث يتواجد فيه الآلاف من أبناء الداخل السوري، ولهذا يتوجب أن يتوجه وفد أو هيئة من دمشق إلى مناطقنا لإجراء التنسيق فيما بيننا وبين إدارة مخيم الهول وتوضيح كيفية إعادتهم إلى مناطقهم، ودراسة فتح المعابر ومنها قامشلو وتل كوجر، كون المعابر مرتبطة بالحكومة في دمشق.
11– هل لك أن تطلعنا على تلك المطالب التي وردتكم من إدارة هيئة تحرير الشام، إن كان بالإمكان الإفصاح عنها طبعاً؟
أوضحنا سابقاً في سياق حوارنا بعضاً منها، وبما أن تلك المطالب في طي المناقشة والحوار لا أريد التطرق بشكل تفصيلي لتلك المطالب، الآن أود المعذرة، وأعتقد أن ما سردناه من معلومات حول علاقتنا كافية إلى هذه اللحظة.
12– صدرت تصريحات متضاربة من مسؤولي إدارة هيئة تحرير الشام حول قوات سوريا الديمقراطية، بعضها تتحدث عن حوار قائم، وأخرى تدعو لحل القوات وتسليم السلاح. كيف تقيّمون هذه التصريحات؟ وماذا يمكنكم الاستنتاج من ذلك؟
هناك أسباب كثيرة لهذا التناقض في التصريحات، هناك ضغط يُمارس عليهم وهناك مطالب من القوى الدولية والدول الإقليمية، وهناك تحديات على أرض الواقع، بالنسبة لنا الأهم هي تصريحات قيادة هيئة تحرير الشام السيد أحمد الشرع. لدينا قنوات اتصال مباشرة مع قيادة الهيئة وإدارة دمشق، وهناك أطراف تتحرك فيما بيننا وتتواجد في دمشق وتأتي إلينا، علاقاتنا تجري على مستوى القيادة، في هذا الإطار لا أعتقد بأنه يوجد أي خلاف بيننا فيما يخص الحوار واستمراره.
13– فيما يتعلق بوحدة الصف الكردي في الإقليم، وخاصة بعد زيارتكم الأخيرة إلى هولير ولقاء قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني، هل التقيتم مع أطراف كردية أخرى؟ ما موقف تلك الأطراف على حدة لو سمحتم؟ ما هي آخر المستجدات في هذا الملف (وحدة صف الأحزاب الكردية في سوريا)؟
الزيارة التي قمنا بها إلى هولير كانت خاصة، لم تحصل خارج إطار هذه الزيارة أي اجتماعات أخرى، لكن جرت مكالمة هاتفية بيننا وبين رئيس إقليم كردستان نيجرفان بارزاني، وكما تعلمون تربطنا علاقات برئيس الاتحاد الوطني الكردستاني بافل طالباني ونحن على تواصل مستمر معه. عموماً هذه مرحلة جديدة بالنسبة للجميع وللكرد أيضاً ولذا يجب أن يتم خطو خطوات، فتحقيق الوحدة الكردية في هذه المرحلة مهم للغاية أكثر من أي وقت مضى.
نحن في قوات سوريا الديمقراطية ما يهمنا ليس الشعب الكردي فقط بل كافة مكونات شمال وشرق سوريا، هناك بعض الجهات وبشكلٍ ممنهج تسعى لحصر قضية شمال وشرق سوريا بالكرد فقط، هذا غير صحيح. كافة مكونات المنطقة تحارب منذ عشر سنوات في خندق واحد، وسالت دماء كافة المكونات في نفس الخندق، قوات سوريا الديمقراطية مكونة من أبناء كافة مكونات شمال وشرق سوريا.
سوف نستمر في نضالنا من أجل ضمان حقوق مكونات شمال وشرق سوريا في سوريا المستقبل، ومحاولتنا في هذا الإطار ستبقى مستمرة، لكن هذا لا يعني أن نضع القضية الكردية على طرف، على العكس كلما تحلى الكرد بالقوة في هذه المرحلة ووحدوا صفوفهم وأصواتهم، سوف نصل إلى أهدافنا ونحمي مكتسباتنا، هناك حاجة ملحة واحتياج كبير أكثر من ذي قبل لتحقيق الوحدة الكردية.
إن موقف إقليم كردستان إيجابي، وهم يريدون أن يقدموا المساعدة لروج آفا وشمال وشرق سوريا في حوارنا ومفاوضاتنا مع دمشق، باعتقادي هذا موقف إيجابي ومهم في هذه المرحلة، كما يجب على جميع القوى الكردستانية أن تقف إلى جانب روج آفا حتى تضمن روج آفا حقوقها. إن دعم ومساندة إقليم كردستان لروج آفا في هذه المرحلة مهمة للغاية وما يحدث في هذا الشأن للآن جيد.
من الضروري في الأيام القادمة أن تجتمع الأحزاب السياسية الكردية في روج آفا، فمن جهتنا ناقشنا هذا الموضوع أثناء زيارتنا إلى هولير وكان أحد المحاور الرئيسة كما أنه يحظى بدعم من هولير أيضاً.
في إطار ما خرجنا به من زيارتنا، سوف نجتمع بالقوى الكردية في روج آفا في الأيام القادمة، وسوف نحاول توحيد موقفها وبرنامجها السياسي بشأن الكرد في روج آفا، وتشكيل هيئة موحدة باسم الكرد للذهاب إلى دمشق لإجراء المفاوضات، ومن شأن هذا أن يدعم موقف الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية بشأن قضية شمال وشرق سوريا.
قنوات التواصل بيننا مستمرة ولم تنقطع، هناك أجواء إيجابية، الجميع جاهزون من أجل ذلك. إننا بانتظار وضع برنامج للاجتماعات، والاجتماع مع جميع الأطراف، وجمعهم على طاولة واحدة لمناقشة المواضيع.
في وقت سابق من عام 2020، حصلت اجتماعات بينهم وكانت لديهم رؤى سياسية مشتركة، ووفقاً للأوضاع فإنه يجب أن يجتمعوا مجدداً لإجراء بعض التعديلات. يجب عليهم أن يوحدوا مطالبهم وتحديد ما يريدونه.
هدف الحوارات بالأساس، تشكيل هيئة موحدة باسم روج آفا للذهاب إلى دمشق والمطالبة بحقوقهم. أولاً أن يتفقوا على برنامج موحد والذهاب إلى دمشق لطرح مطالباتهم على إدارة دمشق.
باعتقادي أن هذا أمر ملح وضروري من جهة، ومن جهة أخرى فإن الظروف مواتية للقوى الكردية للاتفاق، ونحن سنساعدها في هذا الأمر حتى النهاية.
نعم، في أقرب وقت، في الأيام القليلة المقبلة، أعتقد أننا قد نبدأ غداً بعقد هذه الاجتماعات.