الوحدة المفقودة: المجلس الوطني الكردي بين الانفرادية والتشتت

قاسم عمر
في ظل التطورات السياسية المتسارعة في سوريا، برزت مشاركة المجلس الوطني الكردي في الجلسات التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني السوري كموضوع جدلي أثار تساؤلات حول تأثير هذه الخطوة على الوحدة الوطنية الكردية. فبينما تسعى الأطراف الكردية لتوحيد صفها، والذهاب بوفد موحد لدمشق؛ يذهب قادة في المجلس الوطني الكردي بشكل انفرادي إلى دمشق دون أن تتكون رؤية سياسية موحدة وجامعة بين الأطراف الكردية.
ففي الآونة الأخيرة تم تشكيل ما تسمى لجنة تحضيرية للإعداد لمؤتمر الحوار الوطني السوري، والذي يهدف إلى جمع مختلف مكونات الشعب السوري، لمناقشة مستقبل البلاد، وصياغة رؤية مشتركة للمرحلة القادمة على حد زعمها. لكن آليات اختيار المشاركين وانتقائية الدعوات مثيرة للجدل. فغالبية الممثلين الحقيقيين للشعب السوري مغيبون عن هذه الجلسات، بغض النظر أن فحوى هذه الجلسات التي تدعو للطائفية وتهمش أكبر جسم سياسي وعسكري في سوريا، ألا وهي الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية، بحجة أنهم لا يمثلون القاعدة الشعبية، وأن قسد تنظيم عسكري.
رغم هذا التجاهل المتعمد للكتل السياسية الفاعلة والمؤثرة من قبل اللجنة التحضيرية، ورغم التغييب المتعمد للقوى السياسية الكردية، يشارك قادة من المجلس الوطني الكردي في هذه الجلسات، دون حتى أن يتم دعوتهم من قبل اللجنة. هذه الخطوة تظهر للعيان أن المجلس الوطني الكردي يتهرب من الحوار الكردي – الكردي من جهة، وتضرب عرض الحائط مساعي السيد مسعود البارزاني الذي طالب، وشدد على أهمية الوحدة الكردية. تغريدة المجلس الوطني الكردي خارج الإطار يؤثر سلباً على موقف الكرد. في الوقت الذي تحاول فيها القوى السياسية الكردية لم شملها مجدداً، وتعمل على توحيد مواقفها ورؤاها لضمان تمثيل قوي وموحد في المفاوضات الوطنية قبل أن تنخرط بأي محفل وطني، يتبنى المجلس موقفاً مغايراً للقضية الوطنية الكردية، وتستمر بنهجها المغاير والمخالف لروح القضية الكردية. فهو بذلك يخدم الأجندة المعادية للحقوق المشروعة للشعب الكردي. هذه أهداف تركية بحتة. من جهة تظهر للعيان أن الكرد منقسمين فيما بينهم، ومن جهة أخرى تحاول تصوير المجلس الكردي وإحدى شخصياتها كـ إبراهيم برو وعبد الحكيم بشار بأنهم الممثلين الحقيقيين للكرد.
هذه الاستراتيجية التركية تعود بنا إلى القرن المنصرم، عندما ذهبت بأناس إلى المحافل الدولية وصورتهم بأنهم ممثلين شرعيين باسم الكرد، وبذلك قضت على الطموح الكردي آنذاك.
إن تمكين الموقف الكردي يتطلب جهود مكثفة من قبل كل الأطراف الكردية، والحلول دون ذلك يعني أن الحضور الكردي سيكون ضعيفاً نوعاً ما. الذهاب إلى الجلسات التحضيرية يجب أن يكون منسقاً، وأن تكون كافة القوى متبنية لرؤية سياسية موحدة بعيداً عن التدخلات الخارجية. إن تعزيز الحضور في المشهد السياسي يجب أن يكون مبنياً على استراتيجية الحفاظ على الهوية الوطنية الكردية من جهة، والمشاركة الفعّالة للإدارة التي بناها الشعب في بناء المستقبل السوري من جهة ثانية، وهذا لا يمكن إلا بتوحيد الصفوف، والتنسيق المشترك لضمان تحقيق الأهداف المشتركة.